حقوقيون جزائريون: وضع الحريات «بات أسوأ من فترة الإرهاب»

حقوقيون جزائريون: وضع الحريات «بات أسوأ من فترة الإرهاب»
TT

حقوقيون جزائريون: وضع الحريات «بات أسوأ من فترة الإرهاب»

حقوقيون جزائريون: وضع الحريات «بات أسوأ من فترة الإرهاب»

أحصى ناشطون سياسيون في الجزائر سجن 33 متظاهراً وصحافياً منذ مايو (أيار) 2019، بتهم كثيرة يعدها حقوقيون «سياسية»، فيما تقول السلطات إنها «جنح» تندرج في إطار الحق العام. وترى جمعيات وتنظيمات حقوقية أن أوضاع الحريات والممارسة السياسية باتت أسوأ مما كانت عليه في تسعينيات القرن الماضي، عندما واجهت البلاد إرهاباً مدمراً.
ونشرت «اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين»، وهو تنظيم نشأ في سياق الاعتقالات التي طالت نشطاء الحراك الشعبي، أمس، في حساباتها بشبكة التواصل الاجتماعي، أسماء من وصفتهم بـ«معتقلي الرأي»، وتواريخ توقيفهم. واللافت فيها أن أكثر من نصف من تم اعتقالهم في غضون الستة أشهر الأخيرة من العام الماضي هم معتقلو رأي. وقد فسر محامون وسياسيون حملة الاعتقالات في هذه الفترة بإرادة السلطات إبعاد كل متظاهر مؤثر في الحراك من المشهد، لأنه كان «يشوش» على مسعى تنظيم الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ومن أبرزهم المناضل السياسي كريم طابو الذي أسس حزباً رفضت الحكومة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة اعتماده. كما يوجد منهم أيضاً عبد الوهاب فرساوي، رئيس التنظيم الشبابي القوي «تجمع - عمل - شباب» الذي أدانه القضاء منذ أسبوع بثمانية أشهر حبساً نافذاً.
وتضم لائحة المعتقلين ناشطين عرفا السجن خلال الحراك، وعادا إليه بالتهم نفسها تقريباً، وهما سمير بلعربي الذي استفاد من البراءة واعتقل من جديد، وإبراهيم دواجي الذي وضع في الحبس الاحتياطي وغادره بعد أشهر، والذي أدانته محكمة الجنح مؤخراً بعام حبساً نافذاً. كما تضم اللائحة الصحافيين خالد درارني وسفيان مراكشي. ولا تتضمن اللائحة عشرات المتابعين قضائياً، بعضهم قضى فترة في الحبس الاحتياطي وغادره بموجب إفراج مؤقت، وهم ينتظرون المحاكمة، وأشهرهم رجل الثورة الثمانيني لخضر بورقعة، والناشط البارز حكيم عداد. ويشترك المعتقلون والمدانون والمتابعون قضائياً في ثلاث تهم، هي: «المس بالوحدة الوطنية»، و«التحريض على العنف والتجمهر من دون ترخيص»، و«المساهمة في أوقات السلم في إضعاف الروح المعنوية للجيش». وقد كان آخر المعتقلين شاب عشريني من شرق البلاد، يدعى خليل رحال، وضعه قاضي التحقيق في السابع من الشهر الحالي في الحبس الاحتياطي.
وأكد عبد الغني بادي، رئيس فريق المحامين المدافعين عن المعتقلين، لـ«الشرق الأوسط»، أن التهم الموجهة لهم «لم تسندها النيابة إلى وقائع تثبتها. ففي أغلب المحاكمات التي رافعت فيها، تتناول النيابة كتابات بــ(فيسبوك) وتصريحات للإعلام، على اعتبار أنها أدلة إدانة، بينما الأمر لا يعدو أن يكون تعبيراً عن مواقف سياسية، تخص ما يجري من أحداث في البلاد»، مشيراً إلى أن الجزائر «تعيش أصعب مرحلة فيما يخص حقوق الإنسان والحريات، وأنا شخصياً أعدها أسوأ من فترة الإرهاب».
وكان المتحدث باسم الرئاسة، محمد السعيد، قد ذكر في مقابلة مع التلفزيون الحكومي، ليل الخميس، بخصوص سجن المتظاهرين والصحافيين، أن «حرية التعبير مكفولة دستورياً، إذا كان من يمارسها يحترم القانون. أما إذا خرج عن إطارها القانوني، فيصبح الأمر من اختصاص العدالة».
وقال إن «حرية الصحافة هي وسيلة لبناء المجتمع، وليس للإساءة إليه وإلى مقومات الدولة»، وشدد على «ضرورة التحلي بالمسؤولية في ممارسة الحرية»، مشيراً إلى أن «من دعا في وقت سابق إلى التظاهر في الشارع، في ظل انتشار كورونا، اقترف عملاً غير معقول». كما تحدث عن «هجوم تتعرض له الجزائر من أطراف تستغل كل الوسائل لاستهدافها؛ حدث ذلك في الحراك أمس، و(كورونا) اليوم، وأمور أخرى غداً»، مشيراً إلى وجود «مخابر خارجية لها حسابات مع الجزائر تعطي معلومات خاطئة عبر وسائل التواصل الاجتماعي».
وقال محمد السعيد أيضاً إن الحكومة تسعى لشراء أجهزة متطورة تمكنها، حسبه، من تحديد الأماكن بالخارج التي تصدر منها منشورات مسيئة لها، على حد قوله.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.