يكفي لقياس الشهرة الاستثنائية التي اكتسبها جيروم سالومون إعطاء اسمه الأول على محرك البحث «غوغل» حتى يبرز كخيار أول. فالرجل دخل إلى بيوت الفرنسيين وأصبح المرجع في زمن فيروس «كورونا». فمساء وراء مساء، يطل على مواطنيه ليطلعهم على آخر معطيات الوباء. ورغم الأخبار المحزنة التي يحملها منذ أن تفشى في المناطق الفرنسية، فإن جيروم سالومون الذي يشغل منصب مدير عام وزراه لصحة، يسعى لأن يبقى حيادياً وهادئاً حتى عندما يحمى وطيس الجدل حول النقص الفاضح في الكمامات ووسائل الوقاية الأخرى، أو بشأن الطبيب مستجد الشهرة ديديه راوولت ودعوته إلى اعتماد الكلوروكين لمداواة مرضى «كورونا».
جيروم سالومون، في الأساس، طبيب متخصص وأستاذ جامعي متخصص في الأمراض المعدية والصحة العامة. ولد في باريس في عام 1969 وهو متحدر من عائلة يهودية ترجع أصولها إلى الكابتن الفرنسي دريفوس الذي اتهم أواسط القرن التاسع عشر بالتجسس لصالح الألمان وحكم عليه بالإعدام قبل أن تتبين المؤامرة التي حيكت ضده وتتم تبرئته. وحوله كتب إيميل زولا كتابه الشهير «أتهم» الذي نقله المخرج البولندي الأصل رومان بولنسكي، مؤخراً، إلى الشاشة الكبيرة وحصل بشأنه على جائزة أفضل مخرج في مهرجان كان السينمائي الأخير.
جيروم سالومون ليس جديداً على العمل في وزارة الصحة. فوزير الصحة الأسبق برنار كوشنير الذي شغل لاحقاً منصب وزير الخارجية عينه مستشاره في عام 2001. وبعدها بعدة سنوات، عين في المنصب نفسه مع وصول ماريسول تورين إلى هذه الوزارة. لكن بالتوازي، شغل سالومون وظائف مهنية ونقابية مهمة وله مجموعة من المؤلفات، إن منفرداً أو بالتشارك مع آخرين، تدور غالبيتها حول الأمراض المعدية التي تقع في قلب اختصاصه.
عندما أطلق إيمانويل ماكرون حملته الانتخابية للوصول إلى رئاسة الجمهورية، شغل سالومون موقع مستشاره لشؤون الصحة. وفي عام 2018 عينته وزيرة الصحة إنياس بوزين مديراً عاماً في وزارتها وما زال اليوم في هذا المنصب. لكن الوباء الذي ضرب فرنسا كما يضرب ما لا يقل عن 190 بلداً عبر العالم جعل حجمه يكبر بكثير. واليوم هناك مسؤولون قلائل مؤهلون للحديث عن الوضع الصحي في فرنسا وهم، إلى جانب رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة ووزير الصحة وجيروم سالومون. وهذا الرجل، رغم مواجهته اليومية للإعلام والموقع الصعب الذي يشغله، يسعى باستمرار للبحث عن أي مؤشر ولو شديد الضعف، ليقول للفرنسيين إن الأزمة سوف تمر وينصحهم يوماً بعد يوم، بأن يلتزموا تعليمات الحكومة للحد من قوة الجائحة التي أوقعت في فرنسا، حتى اليوم، ما لا يقل عن 12500 وفاة وعشرات الآلاف من المصابين.
بعضهم يقارن بين جيروم سالومون وفرنسوا مولينس الذي كان يشغل منصب المدعي العام باريس في السنوات التي شهدت فيها فرنسا أوسع وأكبر العمليات الإرهابية. مولينس كان صورة فرنسا التي تحارب الإرهاب. أما سالومون فهو صورة البلاد التي تسعى لمكافحة وباء لا أحد يعرف إلى متى سيبقي الفرنسيين، كما مليارات عدة في العالم، سجناء داخل منازلهم مخافة العدوى.
جيروم سالومون... رجل المرحلة في فرنسا
جيروم سالومون... رجل المرحلة في فرنسا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة