مقاطعات يابانية تعلن الطوارئ... وظاهرة مقلقة بين متعافين كوريين

موظفون في حكومة طوكيو المحلية يطالبون السكان بالبقاء في منازلهم أمس (أ.ف.ب)
موظفون في حكومة طوكيو المحلية يطالبون السكان بالبقاء في منازلهم أمس (أ.ف.ب)
TT

مقاطعات يابانية تعلن الطوارئ... وظاهرة مقلقة بين متعافين كوريين

موظفون في حكومة طوكيو المحلية يطالبون السكان بالبقاء في منازلهم أمس (أ.ف.ب)
موظفون في حكومة طوكيو المحلية يطالبون السكان بالبقاء في منازلهم أمس (أ.ف.ب)

تشهد عدد من الدول الآسيوية تشديدا في إجراءات الوقاية من «كوفيد - 19»، مع عودة الإصابات إلى الارتفاع، في الوقت الذي تستعد مدن صينية لعودة تدريجية إلى الحياة الطبيعية.
وفرضت جاكرتا إغلاقا جزئيا على سكانها، فيما انضمّت مناطق يابانية إلى طوكيو في إعلان الطوارئ وتشديد قيود التنقل، وسجّلت كوريا الجنوبية ظاهرة مقلقة لدى متعافين من «كوفيد - 19».

- فيروس «يعاود النشاط»
وذكر مسؤولون في كوريا الجنوبية، أمس، أن 91 مريضا كان يُعتقد أنهم تعافوا من فيروس كورونا المستجد ثبتت إيجابية تحاليلهم مرة أخرى. وقال جيونج إيون - كيونج، مدير المراكز الكورية لمكافحة الأمراض والوقاية منها في مؤتمر صحافي، إن الفيروس ربما يكون قد «عاود النشاط»، لكن العدوى لم تنتقل للمرضى مرة أخرى.
وقال مسؤولو الصحة في كوريا الجنوبية إنه لم يتضح بعد السبب وراء هذا الاتجاه، فيما لا تزال الفحوص والتحليلات جارية.
ويشكل احتمال عودة الإصابة بالعدوى مصدر قلق للعالم، حيث تأمل بلدان كثيرة في أن يطور من أصيبوا بالعدوى مناعة تحول دون عودة الوباء إلى الظهور. وكان عدد الحالات من هذا النوع قد زاد في كوريا الجنوبية إلى 51 يوم الاثنين الماضي. وتم الإبلاغ عن شفاء ما يقرب من 7000 كوري جنوبي من مرض كوفيد - 19 الذي يسببه الفيروس، كما ذكرت وكالة «رويترز». وقال كيم وو جو، أستاذ الأمراض المعدية في مستشفى جورو بجامعة كوريا، إن العدد سيزداد وإن الرقم 91 هو مجرد بداية الآن.
وأثار مدير المراكز الكورية لمكافحة الأمراض والوقاية منها احتمال أن يكون الفيروس قد عاود النشاط، لكن دون إصابة المرضى بالعدوى مجددا. وقال كيم أيضا إن المرجح أن تكون قد حدثت «انتكاسة» للمرضى دون التعرض للإصابة مرة أخرى.
وقال خبراء آخرون إن نتائج الفحوص الخاطئة، يمكن أن تكون أيضا هي المسؤولة أو أن بقايا الفيروس يمكن أن تظل في أجسام المرضى لكنها لا تكون معدية أو ذات خطورة على المريض أو الآخرين.
وقالت المراكز الكورية لمكافحة الأمراض إن كوريا الجنوبية سجلت اليوم 27 حالة إصابة جديدة، وهو أدنى رقم منذ أن بلغت الحالات اليومية ذروتها ووصلت إلى 900 في أواخر فبراير (شباط)، ليبلغ إجمالي الإصابات 10450 حالة.

- الجيش ينتشر في جاكرتا
نزلت عناصر من الجيش والشرطة، أمس، إلى شوارع العاصمة الإندونيسية جاكرتا لفرض أقصى تدابير التباعد الاجتماعي مع تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد فيما حذر مختصون من كارثة صحية مقبلة.
يواجه مخالفو هذه الإجراءات التي تشمل أيضا حظر التجمعات لأكثر من خمسة أشخاص وخفض حركة النقل العام، دفع غرامات عالية وعقوبة سجن تصل إلى سنة، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ومنعت الدراجات النارية التي تستخدم عادة وسيلة للنقل العام في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة، من العمل وأمر السكان بالبقاء في المنازل. كما أمرت المساجد وأماكن العبادة الأخرى بالإغلاق للأسبوعين المقبلين على الأقل، بعدما واصل ملايين الأشخاص أداء صلاة الجمعة رغم الدعوات للصلاة من المنازل.
وكان الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو فرض حالة الطوارئ الشهر الماضي، مع ارتفاع عدد الوفيات بكوفيد - 19، لكنه لم يفرض إغلاقا تاما خوفا من انهيار أكبر اقتصاد في جنوب شرقي آسيا.

- كيوتو تعلن الطوارئ
طلبت مقاطعة كيوتو عاصمة اليابان القديمة والمركز السياحي البارز، الالتحاق بالمناطق المحلية السبع التي يشملها إعلان الطوارئ، وبينها طوكيو وأوساكا، في سياق مواجهة وباء «كوفيد - 19».
وكانت إيشي، المنطقة الصناعية الكبرى التي تضم مقرّ مجموعة تويوتا، طلبت الأمر نفسه مساء الخميس.
وأعلن حاكم كيوتو تاكاتوشي نيشيواكي أمس: «قررنا اليوم مطالبة الحكومة بإعلان حال الطوارئ (في المقاطعة) بغية منع تفشي الفيروس»، مشيراً إلى ازدياد عدد الإصابات في المقاطعة مقارنة بالأسبوع الماضي.
وكانت الحكومة اليابانية المركزية أعلنت خلال الأسبوع الحالي حال الطوارئ حتى 6 مايو (أيار) ضمن سبع مقاطعات، بما يشمل طوكيو ومحيطها وأوساكا، المدينة الكبرى في غرب البلاد.
وستقرر الحكومة بشأن إضافة إيشي إلى الإجراء بعد استشارة خبراء، وفق ما أوضح المتحدث باسم الحكومة بوشيهيدي سوغا، الذي كرر الأمر نفسه بخصوص كيوتو. ولا ترتكز حال الطوارئ في اليابان على العزل الإجباري ولا على العقوبات في حال عدم اتباع الإرشادات، وإنما على حسن نية المواطنين بشكل خاص.
ولا تزال اليابان بمنأى نسبياً عن التفشي الواسع للفيروس فيها، ولكن تزايد عدد الإصابات منذ أسبوعين والخشية من إغراق المستشفيات دفع الحكومة المركزية نحو تعزيز إدارتها للأزمة. وأحصت السلطات أكثر من خمسة آلاف إصابة بالفيروس و88 وفاة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»