واشنطن تتطلع إلى حكومة عراقية «تلتزم الإصلاح وتحارب الفساد»

مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى
مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى
TT

واشنطن تتطلع إلى حكومة عراقية «تلتزم الإصلاح وتحارب الفساد»

مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى
مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى

قال مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شنكر، إن الولايات المتحدة تتطلع إلى حكومة عراقية يمكنها العمل معها، وتلبي مطالب الشعب العراقي، وتكون حكومة ملتزمة بالإصلاح، وتحارب الفساد، وتقدر سيادة العراق.
وأضاف شنكر، في حوار صحافي عبر الهاتف، أن «تهديد إيران للقوات الأميركية في العراق لا يزال كبيراً». وقال: «لاحظنا أن (كتائب حزب الله) أعلنت على موقعها الإلكتروني، الأسبوع الماضي، عن وقف لإطلاق النار، وأنها ستمتنع عن مهاجمة القوات الأميركية». وأضاف: «نرحب بالطبع بهذا الإعلان، لكننا ما زلنا نرى تهديداً كبيراً للأفراد والقوات الأميركية والقوات العسكرية في العراق، وهو لا يزال مستمراً».
ولفت شنكر إلى أن رئيس الوزراء العراقي المكلف بتشكيل حكومة جديدة، مصطفى الكاظمي، «قام بعمل جيد في جهاز المخابرات الوطني العراقي». وأشار إلى أنه إذا كان الكاظمي «عراقياً وطنياً» و«التزم بضمان سيادة العراق وبمحاربة الفساد»، فإن ذلك سيكون أمراً عظيماً للعراق وللعلاقات بين البلدين.
كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قد حذر قبل عدة أيام من أن بلاده سترد بحزم على أي هجوم لإيران أو لوكلائها في العراق أو المنطقة. وقال ترمب، إن «إيران أو وكلاءها خططوا لهجوم على أهداف أميركية في العراق»، محذراً من أنهم سيدفعون ثمناً باهظاً للغاية، من دون الخوض في التفاصيل.
وتتعرض القواعد التي تنتشر فيها قوات أميركية ومن التحالف الدولي لمحاربة «داعش» في العراق، لهجمات متكررة، وكذلك المنطقة الخضراء في بغداد التي تقع فيها السفارة الأميركية. ونشرت القوات الأميركية في الآونة الأخيرة منظومة بطاريات صواريخ «باتريوت» في قاعدتين رئيسيتين في العراق للرد على أي هجمات صاروخية، خصوصاً «الباليستية»، كالتي أطلقتها طهران في يناير (كانون الثاني) الماضي، رداً على قتل قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري الإيراني» الجنرال قاسم سليماني. كما وفرت منظومة حماية خاصة لتلك الصواريخ من هجمات بصواريخ «الكاتيوشا» قصيرة المدى. وسقطت يوم الاثنين صواريخ «كاتيوشا» قرب حقل نفطي في جنوب العراق، تديره شركة «هاليبرتون» الأميركية، من دون أن تقع إصابات أو أضرار.
وأكد شنكر أن إدارة الرئيس ترمب تواصل تحضيراتها لعقد جولة جديدة من الحوار الاستراتيجي مع العراق، التي أعلن عنها الوزير مايك بومبيو، في بداية هذا الأسبوع، محدداً موعدها في منتصف يونيو (حزيران) المقبل.
وقال رداً على سؤال في حال فشل رئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومته، «لا يزال أمامنا شهران، ونحن نتحدث عن تشكيل وفدنا الذي سيقوده السفير ديفيد هيل، وسيضم أعضاء من وزارات عدة، بما فيها الخزانة والدفاع وغيرها». وأضاف شنكر أن بغداد تحتاج لاتخاذ خطوات مقنعة، إذا كانت تقيم شراكة استراتيجية مع واشنطن. وقال: «على العراقيين إذا كانوا يقدرون تلك العلاقة، أن يتخذوا خطوات معينة، وهذا يشمل توفير الحماية لقوات التحالف الموجودة في العراق، إذا كانوا يريدون بقاء تلك القوات».



تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
TT

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

بعيداً عن تعثر مسار التسوية في اليمن بسبب هجمات الحوثيين البحرية، أشاع الإعلان الأممي اتفاقاً بين الحكومة والحوثيين حول المصارف والطيران أجواءً من الأمل لدى قطاع عريض من اليمنيين، مثلما زرع حالة من الإحباط لدى مناهضي الجماعة المدعومة من إيران.

ومع إعلان غروندبرغ اتفاق خفض التصعيد بين الحكومة والحوثيين بشأن التعامل مع البنوك التجارية وشركة «الخطوط الجوية اليمنية»، فإن المبعوث لم يحدد موعداً لبدء هذه المحادثات ولا مكان انعقادها، واكتفى بالقول إن الطرفين اتفقا على البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خريطة الطريق.

غروندبرغ يسعى إلى تحقيق أي اختراق في مسار السلام اليمني بعد إعاقة الحوثيين خريطة الطريق (الأمم المتحدة)

بدت آراء يمنيين في الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي متباينة في كل مضامين اتفاق التهدئة، باستثناء تمنياتهم بنجاح محادثات الملف الاقتصادي لأن من شأنها أن تعالج وفق تقديرهم جذور الأزمة الاقتصادية والانقسام المالي وانقطاع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين منذ ثمانية أعوام.

في المقابل، ناقضت تقارير يمنية نفسها، مثل ما ورد في تقرير لمركز صنعاء للدراسات كتبه نيد والي، ففي حين حاول توجيه السبب الأساسي للاتفاق نحو ضغوطات من دول في التحالف على الحكومة لصالح الحوثيين، عاد واقتبس من المبعوث الأممي قوله في رسالة لمجلس القيادة: «الانقسام الاقتصادي والمالي الذي تشهده البلاد ستترتب عليه تبعات خطيرة وربما مدمرة، وعزل البنوك وشركات الصرافة عن النظام المالي العالمي سيؤثر سلباً على الأعمال التجارية وعلى تدفق التحويلات المالية».

وكتب الباحث في التقرير نفسه: «عانى الاقتصاد اليمني من الشلل نتيجة عقد من الصراع، وأي ضغوط إضافية لن تجلب سوى أوضاع إنسانية وخيمة، ليس أقلها تعطيل القدرة على تقديم المساعدات. يتم تداول عملتين في الأسواق المالية اليمنية بسعري صرف متباينين، ورغم أن الانقسام الدائم في النظام المصرفي ومؤسسات الدولة قد يصبح أمراً لا مفر منه في نهاية المطاف، لا ينبغي التشكيك بأن تداعيات ذلك على الاقتصاد ستكون وخيمة وأليمة بصورة استثنائية».

وقالت مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط»: «إن السعودية دعمت خريطة الطريق ومشروع إنهاء الأزمة اليمنية، والخلافات والعراقيل ليست طريقة للوصول إلى السلام في كل الأحوال».

ومن خلال تعليقات حصلت عليها «الشرق الأوسط» عبر استمزاج يمنيين في قطاعات تجارية وتربوية، تتجنب المعلمة نجاة التي اكتفت بذكر اسمها الأول الخوض في الجدال المتواصل بين المؤيدين والمعارضين لاتفاق التهدئة وتعتقد أن الذهاب للمحادثات الاقتصادية بنيات صادقة ونجاحها هو البشرى الحقيقية لمئات الآلاف من الموظفين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون الذين حرموا من رواتبهم منذ نهاية العام 2016، ولكل سكان البلاد الذين يدفعون ثمن الانقسام المالي والمواجهة الاقتصادية.

وتتمنى المعلمة على ممثلي الجانبين الحكومي والحوثيين استشعار المعاناة الكبيرة للملايين من اليمنيين الذين يقاسون نتيجة الظروف الاقتصادية وتوقف المرتبات ووجود عملتين محليتين، والحرص على التوافق والخروج باتفاق على استئناف تصدير النفط والغاز ووضع آلية مرضية لصرف المرتبات، وإنهاء الانقسام المالي لأن ذلك في تقديرها سيكون المنفذ الحقيقي للسلام.

الرواتب وتوحيد العملة

يقول الموظف الحكومي رضوان عبد الله إن الأهم لديه، ومعه كثيرون، هو صرف الرواتب وإنهاء انقسام العملة، لأنهم فقدوا مصدر دخلهم الوحيد ويعيشون على المساعدات والتي توقفت منذ ستة أشهر وأصبحوا يواجهون المجاعة وغير قادرين على إلحاق بناتهم وأبنائهم في المدارس لأنهم لا يمتلكون الرسوم التي فرضها الحوثيون ولا قيمة الكتب الدراسية ومستلزمات المدارس ولا المصروف اليومي.

تعنّت الحوثيين أفشل جولات متعددة من أجل السلام في اليمن (إعلام محلي)

ويؤيده في ذلك الموظف المتقاعد عبد الحميد أحمد، إذ يقول إن الناس تريد السلام ولم يعد أحد يريد الحرب وإن السكان في مناطق سيطرة الحوثيين يواجهون مجاعة فعلية. ويزيد بالقول إن صرف المرتبات وتوحيد العملة أهم من أي اتفاق سياسي ويطلب من الحكومة والحوثيين ترحيل خلافاتهم السياسية إلى ما بعد الاتفاق الاقتصادي.

ولا يختلف الأمر لدى السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية والذين يعبر أغلبيتهم عن سخطهم من الموافقة على إلغاء الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في حق البنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين، إذ يرى عادل محمد أن إنهاء انقسام العملة واستئناف تصدير النفط سيؤدي إلى وقف تراجع سعر الريال مقابل الدولار الأميركي وسيوقف الارتفاع الكبير في أسعار السلع لأن ذلك أضر بالكثير من السكان لأن المرتبات بسبب التضخم لم تعد تكفي لشيء.

ويتفق مع هذه الرؤية الموظف في القطاع التجاري سامي محمود ويقول إن توحيد العملة واستئناف تصدير النفط سيكون له مردود إيجابي على الناس وموازنة الدولة، لأنه سيحد من انهيار الريال اليمني (حالياً الدولار بنحو 1990 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة) كما أن الموظفين والعمال الذين تعيش أسرهم في مناطق سيطرة الحوثيين سيكونون قادرين على إرسال مساعدات شهرية، لكن في ظل الانقسام وفرض الحوثيين سعراً مختلفاً فإن ما يرسلونه يساوي نصف رواتبهم.

مصلحة مشتركة

يرى الصحافي رشيد الحداد المقيم في مناطق سيطرة الحوثيين أن التوصل إلى اتفاق في هذا الملف فيه مصلحة مشتركة وإعادة تصدير النفط والغاز سيسهم في عودة أحد مصادر الدخل الوطني من العملات الصعبة، كما أن استئناف صرف مرتبات الموظفين سوف يسهم في الحد من معاناة مئات الآلاف من الموظفين.

ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين تتهددهم المجاعة (الأمم المتحدة)

ويشدد الحداد على ضرورة أن يتوجه ممثلو الجانبين إلى هذه المحادثات بصدق ومسؤولية لمفاوضات تحسم هذا الملف، ورأى أن أي اختراق يحدث في هذا الجانب سيعزز بناء الثقة وسيقود نحو تفاهمات أخرى، و سيكون له انعكاسات إيجابية على حياة كل اليمنيين.

لكن الجانب الحكومي لا يظهر الكثير من التفاؤل ويعتقد اثنان من المسؤولين سألتهم «الشرق الأوسط» أن الحوثيين غير جادين ويريدون تحقيق مكاسب اقتصادية فقط من خلال هذه الجولة، لأنهم يريدون الحصول على رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم لامتصاص النقمة الشعبية الواسعة، ويرغبون في الحصول على حصة من عائدات تصدير النفط، دون أن يكون هناك مقابل أو تقديم تنازلات فعليه تخدم مسار السلام، فيما يتعلق بتوحيد العملة والبنك المركزي.

ووفق ما أكده المسؤولان فإن الجانب الحكومي الذي قدم الكثير من التنازلات من أجل السكان في مناطق سيطرة الحوثيين بحكم مسؤوليته عن الجميع، سيشارك بإيجابية في المحادثات الاقتصادية وسيكون حريصاً على إنجاحها والتوصل إلى اتفاقات بشأنها استناداً إلى مضامين خريطة طريق السلام التي كانت حصيلة جهود وساطة قادتها السعودية وعُمان طوال العام الماضي وحتى الآن.