الفيروس يهدد «نظام الظل المصرفي»

يرى خبراء أن نظام «الظل المصرفي» بمثابة قنبلة مؤقتة قد تنفجر بأي لحظة في الأسواق العالمية (رويترز)
يرى خبراء أن نظام «الظل المصرفي» بمثابة قنبلة مؤقتة قد تنفجر بأي لحظة في الأسواق العالمية (رويترز)
TT

الفيروس يهدد «نظام الظل المصرفي»

يرى خبراء أن نظام «الظل المصرفي» بمثابة قنبلة مؤقتة قد تنفجر بأي لحظة في الأسواق العالمية (رويترز)
يرى خبراء أن نظام «الظل المصرفي» بمثابة قنبلة مؤقتة قد تنفجر بأي لحظة في الأسواق العالمية (رويترز)

يرى الخبراء الألمان نظام الظل المصرفي قنبلة مؤقتة قد تنفجر بأي لحظة في الأسواق المالية العالمية، خصوصاً في ضوء استمرار أزمة فيروس «كورونا» الاقتصادية والصحية إلى أجل غير مُسمّى. علماً بأن النظام يحتضن مجموعة من الأسواق المالية والمؤسسات والوسطاء التي توزّع خدمات مصرفية، حول العالم، ذات جودة عالية إنما غير خاضعة للقوانين التنظيمية المالية المُعترف بها رسمياً.
وعلى صعيد ألمانيا، لا تقتصر مزاولة الوساطة داخل نظام الظل المصرفي على الأفراد فحسب، إنما يدخل على خط الوساطة فئات مختلفة من الصناديق المالية المشتركة وشركات السندات الخاصة وصناديق التحوّط، المعروفة بإدارة عمليات مضاربات ضخمة في البورصات، وشركات مالية متخصصة وشركات تأمين وإعادة تأمين وشركات تُديرها مصارف ومؤسسات مالية لها أغراض خاصّة تسمح بالحصول على الاستثمارات عن طريق عدّة درجاتٍ من الأسهم وبأسعار متفاوتة.
في سياق متصل، يقول الخبير الألماني ماركوس زيدلر إنّ أبرز منتجات نظام الظل المصرفي، المعروف باللغة الإنجليزية باسم «شادوو بانكينغ»، هي منتجات مُهيكلة؛ وهي عموماً كناية عن استثمارات محددة الأجل، حيث يعتمد العائد الاستثماري على أداء سوق محدّدة، كما مؤشر «داو جونز»، أو أداء أصول محدّدة، كما الأسهم في شركات معيّنة أو سلّة من الأسهم، أو أداء سلع محدّدة أو عملات أجنبية.
ويضيف أن انتعاش نظام الظل المصرفي بدأ في أعقاب إفلاس مصرف «ليمان براذرز» عام 2008، فشعور الأنظمة والأسواق المالية العالمية بالمخاطر تغيّر جذرياً. ومع وقوع العالم في قلب دوامة فيروس «كورونا» تفاقم مفعول نظام الظل المصرفي على هذه الأسواق بصورة سلبية.
وكما الهزّة الأرضية، بدأت ارتدادات نظام الظل المصرفي تصل تدريجياً إلى البورصات الأوروبية، مما يضع الحكومات الأوروبية في حالة تأهب للمواجهة المباشرة مع مُشغّلي هذا النظام، ومعظمهم نخبة من الوسطاء الماليين غير المصرفيين، ومن المستحيل التنبؤ بتحركاتهم ومخططاتهم تحت طاولة التداولات المالية الرسمية.
ويختم زيدلر: «لمعرفة مدى ثقل وتأثير نظام الظل المصرفي على عالم المال والأعمال، يكفي النظر إلى قيمة الأنشطة المالية التي أدارها مشغلوه في عام 2019. على الصعيد العالمي، وصل مجموع الأنشطة المالية إلى 145 تريليون دولار، منها 51 تريليون دولار خاضعة مباشرةً لإدارة نظام الظل المصرفي. وفيما يتعلّق بأوروبا، فإن ثّلثي ما يجري التداول به من أنشطة مالية وعمليات شراء وبيع لأسهم وسندات، لما إجماليه 17 تريليون يورو، تابع لهذا النظام المصرفي الخفي. بمعنى آخر، لا تستطيع البورصات، اليوم، الاستغناء عن هذا النظام حتى لو كان غير مُعترف به رسمياً. كما أن أي مكروه يصيب هذا النظام سيجعل هذه البورصات تمرّ بمرحلة مَرَضية حسّاسة مالياً».
في سياق متصل، تقول كريستين فادو التي تدير مجموعة أسهم خاصة في بورصة فرانكفورت، إن العديد من المؤسسات المالية التابعة لمنظومة الظل المصرفي تعرض فوائد ثابتة على ودائع المستثمرين على غرار ما تفعله المصارف الألمانية والأجنبية. وقد يصل معدل هذه الفوائد إلى نحو 4%.
وتضيف أن الخوف الفعلي لا يأتي من داخل نظام الظل المصرفي وحده، إنما من المستثمرين داخله. فانسحابهم منه سيعرّض هذا النظام للإفلاس. وتختم بأنه «بعيداً عما يحصل مع المصارف الرسمية، لا يتمتّع نظام الظل المصرفي بحرية التنوّع في أنشطته ومنتجاته. وعلى عكس المصارف الرسمية، ليس بإمكان هذا النظام طلب تمويل أو مساعدات مالية من المصارف المركزية. لذلك، فإن إفلاسه سيعرّض الأسواق المالية العالمية لمصيبة أخرى تُضاف إلى ما تعانيه من ضغوط هائلة سببها أزمة فيروس «كورونا» وتداعياتها الكارثية على مستقبل الاقتصاد والعُمّال حول العالم. علاوة على ذلك، لن يتأخر المشغلون، العاملون على إدارة نظام الظل المصرفي، عن التمسّك بأي شيء لإنقاذ أعمالهم حتى لو كانت على حساب أوضاع البورصات العالمية. على سبيل المثال، بإمكان هؤلاء القيام بمنافسة مباشرة مع أشرس أنواع صناديق التحوط حول العالم، لإبقاء مكانتهم وأعمالهم على قيد الحياة، لأنهم الوحيدون القادرون على إدارة مضاربات يومية تفوق قيمتها تريليون يورو في الأسواق المالية الأوروبية؛ وهذا ما يعجز عنه حتى أكبر المصارف المركزية الأوروبية.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
TT

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية لتطوير هذا القطاع.

وبحسب بيان نشرته الوزارة، يُمثّل انضمام المملكة لهذه الشراكة خطوةً جديدة تؤكد الدور الريادي الذي تنهض به السعودية، ضمن الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الاستدامة، وابتكار حلول متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة. كما يدعم طموح المملكة بأن تصبح أحد أهم منتجي ومصدّري الهيدروجين النظيف في العالم والوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060، أو قبله، في إطار نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وحسب توفر التقنيات اللازمة.

ويؤكّد انضمام المملكة إلى هذه الشراكة رؤيتها الراسخة حيال دور التعاون الدولي وأهميته لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة، كما أنه يُسهم في تحقيق أهداف مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى دعم المساعي الدولية لتحفيز الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، والإسهام في وضع اللوائح والمعايير لتعزيز اقتصاد الهيدروجين النظيف، وفقاً للبيان.

كما تمثل الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود منصة رئيسة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع تطوير ونشر تقنيات الهيدروجين وخلايا الوقود والإسهام في تحقيق تحول عالمي متوازنٍ وفاعلٍ نحو أنظمة طاقة نظيفة وأكثر كفاءة. وتعمل الشراكة على تبادل المعرفة بين الأعضاء، ودعم تطوير البحوث والتقنيات ذات الصلة بالإضافة إلى التوعية والتعليم حول أهمية الهيدروجين النظيف ودوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الوزارة أن المملكة تحرص على أن تكون عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بإنتاج الوقود النظيف والوقود منخفض الانبعاثات، مثل: مبادرة «مهمة الابتكار»، والاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة، ومنتدى الحياد الصفري للمنتجين، ومبادرة الميثان العالمية، ومبادرة «الحد من حرق الغاز المصاحب لإنتاج البترول بحلول عام 2030»، والتعهد العالمي بشأن الميثان، والمنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، وغيرها من المبادرات.