سعوديون عالقون في فيينا ينتظرون العودة إلى الوطن

فندق «غراند هوتيل» بفيينا
فندق «غراند هوتيل» بفيينا
TT

سعوديون عالقون في فيينا ينتظرون العودة إلى الوطن

فندق «غراند هوتيل» بفيينا
فندق «غراند هوتيل» بفيينا

قال مهند، وهو دبلوماسي وصل إلى فيينا يناير (كانون الثاني) الماضي، للاشتراك في دورة بالأكاديمية الدبلوماسية: «بالطبع فيينا هذه الأيام لم تعد تلك المدينة التي غنّت لها أسمهان (ليالي الأنس في فيينا)، لكن من دون شك تخصيص غرف لنا داخل فندق بهذه الفخامة قد أكسب الأمر متعة سيما وأن المجموعة متجانسة، ويجب القول إن السفارة لم تتوانَ مطلقاً في تنظيم الأمور وبسرعة مدهشة، فمنذ اللحظة التي أُلغيت فيها رحلاتنا انتقلنا في حافلات ضخمة إلى فندق الماريوت ومنه انتقلنا إلى الغراند هوتيل حيث نقيم الآن في راحة تامة».
في خضم أزمة «كورونا»، تداولت وسائط التواصل الاجتماعي قبل يومين وبكثافة شريط فيديو لشاب سعودي في بهو فندق «غراند هوتيل» بفيينا يعزف على آلة بيانو النشيد القومي لبلاده. أثار الفيديو الكثير من الاهتمام سيما وأن فيينا منذ 19 مارس (آذار) الماضي تحولت إلى مدينة صامتة هادئة شبه فارغة وقد تغيرت مسيرة حياتها بالكامل وذلك ضمن إجراءات وتدابير صارمة فرضتها الحكومة النمساوية لدرء انتشار فيروس «كورونا».
- حجر فندقي
من على بُعد، وعبر سكايب تحدثت «الشرق الأوسط» مع مهند فهد، الشاب السعودي صاحب الفيديو الذي اتضح أنه ومجموعة تضم 72 مواطناً سعودياً يقيمون منذ الأسابيع الثلاثة الماضية بفندق «غراند هوتيل» في فيينا ضيوفاً على سفارتهم بالنمسا، وذلك بموجب مرسوم ملكي صدر برعاية كل مواطن سعودي لم يستطع العودة لبلاده بسبب هذه الأزمة ولإغلاق الحدود. ولحين عودة طوعية تم الترتيب لها ضمن خدمة إلكترونية دشنتها وزارة الخارجية موسومة بـ# عودة - آمنة.
تضم المجموعة التي بالفندق أفراداً بأعمار مختلفة بما في ذلك عرسان في شهر عسلهم، وعائلات ومنهم من كان في رحلة علاجية بألمانيا.
كل هذا الحشد وآخرون كانوا على وشك السفر إلى بلادهم لولا إلغاء سفريتهم بسبب توقف الطيران ولا يزالون في حالة انتظار على أمل أن تتسهل عودتهم قريباً.
في معرض إجابة عن ظروف الإقامة في الحجر ولو في فندق 5 نجوم، قال مهند، وهو دبلوماسي وصل إلى فيينا يناير الماضي، للاشتراك في دورة بالأكاديمية الدبلوماسية: «بالطبع فيينا هذه الأيام لم تعد تلك المدينة التي غنّت لها أسمهان (ليالي الأنس في فيينا)، لكن من دون شك تخصيص غرف لنا داخل فندق بهذه الفخامة قد أكسب الأمر متعة سيما وأن المجموعة متجانسة، ويجب القول إن السفارة لم تتوانَ مطلقاً في تنظيم الأمور وبسرعة مدهشة، فمنذ اللحظة التي أُلغيت فيها رحلاتنا انتقلنا في حافلات ضخمة إلى فندق الماريوت ومنه انتقلنا إلى الغراند هوتيل حيث نقيم الآن في راحة تامة».
وعن برنامجهم اليومي أشار مهند إلى أنهم يخرجون لممارسة رياضة المشي بشرط ألا يكونوا في جماعة حسب التعليمات، كما أنه يحرص على التواصل مع الأهل سيما مع والدته التي لا ينقطع عن الحديث عنها يومياً.
ويضيف مهند ضاحكاً: «لا أشك أن الوالدة هي التي بادرت بنشر مقطع الفيديو عبر (غروبات) صديقاتها ومنهن انطلق إلى رحاب أوسع».
تعلّم مهند العزف على آلة البيانو أيام دراسته الجامعية بالمملكة كما أنه يجيد العزف على آلة العود وكان قد فكر في تقديم معزوفات على البيانو الموجود صامتاً مغطى في بهو الفندق كمحاولة لإدخال بعض الترفيه على المجموعة سيما وأن الفندق خالٍ وليس فيه غيرهم. إلا أن طلبه قد قوبل بالرفض ثم سمح له المدير باستخدام البيانو والعزف عليه، لكن عزفه لم يحظَ بأي تجاوب إلا في اليوم الثالث عندما عزف النشيد الوطني السعودي متفاجئاً بالاندماج وترديد الحضور مقاطع النشيد في حماس شديد.
ورداً على تعليقات وردت في وسائل تواصل أن الفيديو يُظهرهم كأنهم غير ملتزمين بقيود منع التجمع؟ قال مهند إن الحضور لم يتعد مجموعتهم التي وفق القيود النمساوية تعد مجموعة تتشارك ذات السكن. مضيفاً أنهم حتى داخل الفندق يلتزمون بمساحة المتر ما بين كل شخص وآخر كما يستخدمون معقمات، وفي حال غادروا الفندق فإنهم لا يخرجون في جماعات، ويلتزمون بالكمامات تماماً كأهل البلد. مضيفاً أن كل التعليمات والتوجيهات الرسمية التي تقررها الحكومة النمساوية تصل إليهم عبر «غروب واتساب جماعي» يربطهم بسفارتهم التي توافيهم بالمستجدات كافة.
- من بييشتِني إلى فيينا لا إلى الرياض
خشية الانقطاع بعيداً عن الديرة، سارعت المستشارة السابقة بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، لطيفة سليمان أبو نيان، ورفيقاتها الثلاث بقطع عطلتهن بمنتجع بييشتِني السياحي الطبي بدولة سلوفاكيا. مستجيبات لرسالة وصلتهن من سفارة المملكة العربية السعودية في فيينا (التي تغطي دولة سلوفاكيا المجاورة) بضرورة تغيير حجزهن وتبكيره. إلا أن رحلتهن بدورها قد أُلغيت كذلك، فضمّتهن السفارة إلى المجموعة المحجوزة بفندق «غراند هوتيل». وبدت المستشارة لطيفة مستكينة في قبول تام لما لحق برحلتهن الاستشفائية من تغيير فجائي، مركّزةً على ما أصاب العالم أجمع من هول مصائب هذه الجائحة وانتشار هذا الفيروس.
في سياق آخر لم تخفِ لطيفة مدى شوقهن ولهفتهن للعودة إلى بلادهن: «ليس عندنا ما نشكو منه، فكل شيء متوفر، ونحظى بعناية فائقة لكن الحنين قاتل رغم إيماننا المطلق بتدابير رب العالمين».
بدورهن تظل للسيدات رياضة المشي كل اثنتين معاً التسلية المتاحة المفضلة سيما وأن الفندق يتوسط قلب الشارع الدائري في فيينا «رنق اشتراسا» أكبر شوارع المدينة.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».