ليبيا: مطالبات بمنع نشر أسماء المصابين بـ«كورونا»... «منعاً للتنمر»

تزايد أعداد المتعافين وتمديد تعليق الدراسة في شرق البلاد

هياكل لحجر صحي تعتزم وزارة الصحة الليبية بناءه (وزارة الصحة).jpg
هياكل لحجر صحي تعتزم وزارة الصحة الليبية بناءه (وزارة الصحة).jpg
TT

ليبيا: مطالبات بمنع نشر أسماء المصابين بـ«كورونا»... «منعاً للتنمر»

هياكل لحجر صحي تعتزم وزارة الصحة الليبية بناءه (وزارة الصحة).jpg
هياكل لحجر صحي تعتزم وزارة الصحة الليبية بناءه (وزارة الصحة).jpg

بدت أجواء من التفاؤل الحذر تسود الأوساط الليبية مع الإعلان عن تزايد أعداد المتعافين من «كورونا»، لكن ذلك لم يمنع من مخاوف انتشار محتمل للفيروس بالبلاد، في ظل استمرار الحرب في طرابلس، بالإضافة إلى توجيه اتهامات للمجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» المعترف بها دولياً، بـ«التقصير وعدم اعتماد الأموال والمواد اللازمة» لمكافحة الجائحة.
وسجلت ليبيا منذ بداية إعلانها عن وجود فيروس «كورونا» بالبلاد 20 إصابة، وحالة وفاة واحدة، واتخذت من ذلك الوقت إجراءات احترازية، من بينها تعليق الدراسة وفرض حظر التجول في عموم البلاد.

وانتشرت موجة من الشائعات خلال اليومين الماضيين عن وجود حالات مصابة في مستشفيات ببنغازي، وهو الأمر الذي تم نفيه سريعاً من الأجهزة الطبية هناك. ودعا سعد عقوب وزير الصحة بالحكومة الموازية (في شرق البلاد) وسائل الإعلام ورواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى «عدم الانسياق وراء الأخبار المكذوبة أو البيانات غير الرسمية». ونقل المكتب الإعلامي لوزارة الصحة عن عقوب، مساء أول من أمس، تشديده على «عدم إعلان أسماء المصابين أو أي تفاصيل تتعلق بهم، حفاظاً على أسرارهم، التي يكفلها قانون المسؤولية الطبية»، لافتاً إلى أن اللجنة العليا ووزارة الصحة واللجنة الاستشارية الطبية تعلن يومياً عن آخر المستجدات المتعلقة بالتعامل بالفيروس.
وبنغازي فيها حالة واحدة مصابة بـ«كورونا» لمواطن يبلغ من العمر 55 عاماً عاد من تركيا إلى ليبيا عبر تونس، قبل 22 يوماً، ويعاني من مشكلات صحية في الرئتين، وبعد إدخاله الحجر الصحي، ناشد نجله المواطنين ورواد الـ«سوشيال ميديا» بعدم «تناقل صورة والده ومكان منزلهم، وعدم الإساءة له أو تشويه صورة الأسرة»، ودعا إلى «التكاتف معهم لأنهم يمرون بأزمة نفسية سيئة».
وانتقد غالبية رواد الـ«سوشيال ميديا» في ليبيا بعض السلوكيات التي رأت في المصابين بالفيروس فرصة للمعايرة والتنمر على خلفية سياسية، وقال أحمد عبد الحكيم حمزة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، لـ«الشرق الأوسط» إن «المرض لن يفرق بين جنس أو عرق أو دين، وبالتالي يجب علينا في ليبيا التوحد في مواجهة هذا الوباء». وأعلنت وزارة الصحة بحكومة «الوفاق»، أمس، عن وفاة ليبيين اثنين في بريطانيا بعد إصابتهما بفيروس «كورونا»، وقالت الوزارة، والمركز الوطني لمكافحة الأمراض في بيانين منفصلين إن عدد المصابين بالفيروس من الليبيين المقيمين في بريطانيا بلغ 31 حالة بينهم 6 أطباء و11 طفلا و8 نساء.
وأوضحت الوزارة أن الليبيين الاثنين اللذين توفيا كانا يعانيان من أمراض مزمنة وتجاوز عمرهما الستين، لافتة إلى أن من ضمن الرجال المصابين وعددهم 12 يقبع 7 منهم بالمستشفى لتلقي العلاج، فيما يتلقى الأطفال والسيدات العلاج في بيوتهم، كما أعلن عن شفاء سيدة من الفيروس.
ودافع فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» عن مجلسه في مواجهة اتهامات بـ«التقصير وعدم توفير الموارد اللازمة»، وقال في كلمة (متلفزة) مساء أول من أمس، إن «الحكومة اتخذت خطوات استباقية لمحاربة فيروس (كورونا) في حدود الإمكانات المتاحة»، مثمناً «الجهود المبذولة من قبل الأطقم الطبية، التي انعكست في انخفاض معدلات الإصابة في ليبيا». ورأى السراج أن «المطالبة بأكثر من ذلك من قبيل المستحيل»، لكنه لفت إلى استمرار التجهيزات الطبية الخاصة بمكافحة «كورونا».
وخصص المركز الوطني لمكافحة الأمراض، رقماً للرد على استفسارات المواطنين وتوجيههم إلى مراكز الخدمة الصحية المخصصة للكشف على حالات الاشتباه بالفيروس. كما أعلنت وزارة التعليم بالحكومة الليبية الموازية أمس، تمديد تعليق الدراسة حتى نهاية مايو (أيار) المقبل.
وتستكمل وزارة الصحة بـ«الوفاق» تشييد الموقع السادس لعلاج مصابي فيروس «كورونا» المستجد بـ«جزيرة سوق الثلاثاء»، ويتكون الموقع بحسب الوزارة أمس، من 92 حجرة متنقلة تحوي مختبراً وحجرات خاصة بالكشف، وتبلغ السعة السريرية خمسة وثمانين سريرا إيواء وعناية فائقة.


مقالات ذات صلة

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.