تخيل الهروب إلى جزيرة تبدو جنة حقيقية حيث تتساقط حقائب المال من الأشجار وبإمكان حيوان راكون قادر على الحديث الموافقة على طلب لك للحصول على رهن عقاري.
مع وقوع العالم بأسره في قبضة وباء مخيف، يبدو ذلك الملاذ والمهرب المثالي الذي نجح بالفعل في سلب ألباب الكثيرين ـ ليس في عالم الخيال، وإنما في عالم «أنيمال كروسينغ»: نيو هوريزونز». وتعتبر هذه اللعبة الأحدث في سلسلة ألعاب تحمل هذا الاسم تصد منذ عام 2001. لكن «نيو هوريزونز» أول «كونسول» جرى بناؤه من الصفر يصدر منذ 19 عاماً. وتأتي هذه اللعبة في وقت مناسب تماماً لعاشقي الألعاب الإلكترونية ـ وتحولت بالفعل إلى ظاهرة.
في «أنيمال كروسينغ»، يضطلع اللاعب بدور إنسان وحيد على جزيرة تعج بحيوانات تتميز بصفات وقدرات بشرية. ويتولى اللاعبون مهمة بناء مجتمع مزدهر ويملؤونه بالمتاجر والجسور ووسائل راحة وسكن أخرى لسكانه. ويجري لعب هذه اللعبة بوتيرة لطيفة هادئة، ويتمتع اللاعب بحرية اختيار حجم العمل الذي ينجزه في أي يوم. وفي الخلفية، تنبعث أصوات موسيقى نشطة حماسية أو موسيقى «بوسا نوفا» البرازيلية الشعبية.
من جانبها، علقت رومانا رامزان، المحاضرة بجامعة غلاسغو كالدونيان في اسكوتلندا والمتخصصة في سرد الألعاب، بقولها: «لا تحمل اللعبة داخلها أي شيء كريه، ولا يوجد بها أي ملمح للعنف، وإنما يجد اللاعب نفسه منغمساً في مهام يومية دون أن يكون لها أي تداعيات على العالم الواقعي. إن الأمر أشبه بالانتقال إلى عالم موازٍ، وهو العالم الذي لطالما تمنى المرء العيش به لكن تعذر عليه الوصول إليه».
وأشارت رامزان إلى أن الفرص التي توفرها «أنيمال كروسينغ» للاعبيها تسهم في جاذبيتها وشعبيتها الواسعة. وفيما يخص الأطفال، فإن المشاركة في مهام تخص البالغين، مثل البناء واختيار ديكورات منزل ما، تمنحهم قوة غالباً ما تظل بعيداً عن متناولهم في عالم الواقع. أما البالغون، خاصة أبناء الألفية الجديدة، الذين عايشوا «الركود الكبير» والضغوط الاقتصادية الراهنة الناجمة عن تفشي وباء فيروس «كورونا»، توفر اللعبة الهالة الخيالية الحالمة التي غالباً ما ترتبط بفكرة «الحلم الأميركي» التي تبدو أكثر بعداً يوماً بعد آخر. كما أن الديون التي يمكن أن تتراكم بسرعة في «أنيمال كروسينغ» يمكن سدادها بسهولة. باختصار، في عالم «أنيمال كروسينغ» تبدو مختلف الأحلام في المتناول.
ومع أن الجانب الجمالي للعبة قد يدفع البعض للاعتقاد بأنها موجهة إلى الأطفال، وجدت «أنيمال كروسينغ» جمهوراً مخلصاً لها بين أبناء الألفية الجديدة الذي ترعرع مع الحلقات السابقة من السلسلة، وجمهورا آخر أصغر سناً يعايش هذه اللعبة للمرة الأولى. وتزداد كثافة وعمق التجربة التي توفرها اللعبة مع الأشخاص الذين يعانون الوحدة وإدمان الألعاب.
من جهته، قال جوزيف غوروردو، 35 عاماً، نائب رئيس مؤسسة «ريكفري أنبلغيد» المعنية بعلاج إدمان الكحوليات والمخدرات باستخدام الموسيقى، إنه وعملاءه يستخدمون «أنيمال كروسينغ» كأداة للتواصل أثناء التزامهم بـ«التباعد الاجتماعي».
وأضاف: «ليلة الأحد، ذهبت إلى جزيرتي وفي غضون ساعة كان برفقتي أربعة أصدقاء واثنين من الزملاء واثنين من العملاء يمرون بمرحلة التعافي من الإدمان. وانطلقنا جميعنا في نزهة على الجزيرة وعقدنا اجتماع دعم صغير».
ويبدي غوروردو تفهماً عميقاً للقلق الذي يشعر به أبناء الألفية الجديدة، خاصة من يتحولون إلى المخدرات والكحوليات. لهؤلاء، توفر «أنيمال كروسينغ» ملاذا آمناً وتمنح اللاعبين شعوراً بالتمكين والتواصل الاجتماعي، في وقت يجري إخبارهم باستمرار أن عليهم التزام منازلهم.
من ناحيتها، قالت غوين ريلي، 24 عاماً، رسامة حرة من كاليفورنيا: «لا أود الحديث بنبرة تقليدية، لكن الواضح أن النساء لا يمانعن خوض الألعاب التي تتطلب القيام بمهام صغيرة، بل ويستمتعن بمهمة بناء أشياء ببطء وتأن».
وترى ريلي أن ثمة تشابه بين الهوايات التي تميل إليها النساء، مثل الحياكة والاعتناء بالحدائق، والسرعة المتأنية للعبة. وأضافت: «مشاهدة عملية البناء البطيئة في «أنيمال كروسينغ» يحمل بداخله عامل تطهيري، برؤية المرء ما يبنيه بيديه يزدهر يوماً بعد آخر».
- خدمة نيويورك تايمز
«أنيمال كروسينغ» تجذب الملايين إلى عالم الخيال
توفر التواصل الاجتماعي في وقت الحجر المنزلي
«أنيمال كروسينغ» تجذب الملايين إلى عالم الخيال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة