ماذا تريد الصين منا نسيانه حول أزمة «كورونا»؟

الرئيس الصيني شي جينبينغ يرتدي قناع وجه واقياً أثناء وجوده في مدينة ووهان (أ.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ يرتدي قناع وجه واقياً أثناء وجوده في مدينة ووهان (أ.ب)
TT

ماذا تريد الصين منا نسيانه حول أزمة «كورونا»؟

الرئيس الصيني شي جينبينغ يرتدي قناع وجه واقياً أثناء وجوده في مدينة ووهان (أ.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ يرتدي قناع وجه واقياً أثناء وجوده في مدينة ووهان (أ.ب)

أصدرت وكالة الأنباء الصينية الرسمية (شينخوا) جدولاً زمنياً يوضح كيفية انتشار فيروس كورونا للرد على اتهامات بأن بكين حاولت التستر على نطاق تفشي المرض، وفقاً لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
وقالت وكالة أنباء شينخوا التي تديرها الدولة إن الجدول الزمني أثبت كيف أن البلاد «تبادلت المعلومات وتعاونت دولياً بطريقة متقدمة» بهدف مكافحة انتشار الفيروس.
وتضمنت الوثيقة المكونة من 37 صفحة، كما وصفتها «شينخوا»، «الحقائق والإجراءات الأساسية التي اتخذتها الصين» لاحتواء الوباء. وأشادت بشكل خاص بدور الرئيس شي جينبينغ وغيره من القادة الشيوعيين.
ومع ذلك، فقد تجاهل التقرير الضخم بعض الأحداث الأكثر أهمية للأزمة الصحية، والتي لعب كل منها دورًا حاسماً في تطور حالة الطوارئ العالمية، بحسب «ديلي ميل»، وهي:
- المبلغون الأوائل
إن واحدة من أبرز القصص المتعلقة بجائحة «كوفيد - 19» هي اتهام ثمانية من العاملين الطبيين في مدينة ووهان الصينية، بؤرة تفشي الفيروس، الذين دقوا ناقوس الخطر في نهاية ديسمبر (كانون الأول) بنشر أخبار مزيفة، وقامت الشرطة بتوبيخهم آنذاك.
وكان أشهرهم الطبيب الراحل لي وينليانغ، الذي توفي بسبب الفيروس التاجي في 7 فبراير (شباط) بعد تواجده على الخط الأمامي الخاص بمحاربة «كورونا».

وفي وقت مبكر من 30 ديسمبر، نشر وينليانغ البالغ من العمر 34 عاماً رسائل إلى مجموعة دردشة على وسائل التواصل الاجتماعي يستخدمها الأطباء المحليون، محذراً إياهم من «السارس في سوق المأكولات البحرية في ووهان». وجاء هذا التنبيه قبل أكثر من ثلاثة أسابيع من إغلاق ووهان بالكامل.
وأدان بيان صادر عن شرطة ووهان في 1 يناير (كانون الثاني) الدكتور وينليانغ وأطباء آخرين بنشر معلومات «غير صحيحة» دون وجود أدلة مناسبة.
ولم يتم ذكر هذه الأحداث في الجدول الزمني الخاص بالصين.
- سوق المأكولات البحرية
منذ بداية تفشي المرض، ربط الباحثون والسلطات الفيروس بسوق هوانان للمأكولات البحرية، وهي سوق مشهورة في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة.
والغريب أن هذه السوق لم يظهر اسمها في الجدول الزمني.
ويمكن إرجاع أحد أقدم الروابط بين «كوفيد - 19» وسوق هونان إلى بيان صادر عن لجنة الصحة لبلدية ووهان.
وزعم التقرير أنه تم تحديد 27 حالة في السوق اعتباراً من 31 ديسمبر وبدأ مسؤولو المدينة في دراسة ارتباط الفيروس آنذاك بالسوق.
ومع ذلك، أشارت بعض التقارير الأخرى إلى أن المريض الأول ليس له علاقة بالسوق.
وتم إغلاق السوق في 1 يناير فيما يتعلق بـ«وباء الالتهاب الرئوي» من قبل هيئة مراقبة السوق المحلية.
وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) في 26 يناير أن تحقيقاً أجراه المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها أظهر أن الفيروس انتقل إلى البشر عن طريق الحيوانات البرية التي تم بيعها كغذاء في السوق.

- اختبارات متعلقة بالفيروس
اتهم تقرير استقصائي بارز المسؤولين الصينيين بأمر المختبرات بالتوقف عن اختبار وتدمير جميع عينات الفيروس التاجي في المراحل الأولى من تفشي المرض.
وقال التقرير إنه في الأول من يناير، قام مسؤولون من لجنة الصحة في مقاطعة هوبي بوضع حظر على بعض الشركات التي تتعامل مع تسلسل الجينات والتي حددت سلالة جديدة من الفيروس التاجي الشبيه بالسارس في وقت مبكر من 27 ديسمبر.
وكان الموعد قبل أكثر من أسبوع من وفاة المريض الأول في ووهان، وهو رجل يبلغ من العمر 61 عاماً.
ولم يذكر الجدول الزمني لـ«شينخوا» أي جهود للاختبارات في ديسمبر.
وقال إنه في 2 يناير، استقبلت مراكز السيطرة على الأمراض والأكاديمية الصينية للعلوم الطبية الدفعة الأولى من عينات من أربعة مرضى من مقاطعة هوبي وبدأت في التعرف على مسببات الفيروس. وأضاف أن ثلاث مؤسسات أخرى بدأت في إجراء اختبارات موازية في 3 يناير.
- متى علم الرئيس الصيني؟
لا يزال التاريخ الذي علم به الرئيس الصيني شي جينبينغ عن تفشي الفيروس لغزاً غامضاً.
وزعم الجدول الزمني، وكذلك العديد من تقارير وسائل الإعلام الرسمية، أن شي «أصدر تعليمات بشأن الاستجابة الوبائية في 7 يناير».
ومع ذلك، كشف تحقيق في وثائق الحكومة العامة والتقارير الرسمية أن حديث الرئيس عن فيروس كورونا لم يصدر في أي تقارير حتى 15 فبراير.

- «الحالات الغامضة»
لم تبلغ ووهان عن حالات جديدة بين 6 و17 يناير عندما كانت المدينة تعقد سلسلة من الاجتماعات السياسية الهامة، والمعروفة باسم «تو ساشينز».
وحضر المؤتمرات ما يقرب من 700 مسؤول ومشرع وممثل حكومي.
وبحلول 5 يناير، سجلت اللجنة الصحية بالمدينة 59 حالة ولم تشِر إلى أي وفيات.
وكانت الأيام الـ12 حاسمة في منع الفيروس من الانتشار، لكن المسؤولين إما لم يبلغوا عن أي حالات جديدة أو لم ينشروا تحديثاً يومياً.
وانتقدت صحيفة ييتشاي التي تتخذ من شنغهاي مقراً لها في مقال نشرته في الأول من فبراير: «فوتت مدينة ووهان، التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة، الفرصة خلال الأيام الـ12 الرئيسية لمنع مرض وبائي خبيث من الانتشار أكثر».
وأشار الجدول الزمني لـ«شينخوا» إلى 25 نقطة في الـ12 يوم المذكورين لإعطاء تفاصيل حول مجموعة متنوعة من الإجراءات الرسمية، بما في ذلك عزل أول سلالة تابعة لفيروس كورونا، وتطوير مجموعات الاختبار وبيان من منظمة الصحة العالمية بشأن تفشي المرض.
ولم يذكر أي حالات جديدة في تلك الفترة.
- اعتراف عمدة ووهان
برزت واحدة من أكثر المقابلات تأثيراً في الأيام الأولى من تفشي المرض من تشو شيان وانغ، عمدة ووهان.

واعترف وانغ بأن فريقه لم ينشر معلومات حول الأزمة «في الوقت المناسب».
ولم يشر الجدول الزمني إلى تعليقات وانغ، والتي نقلتها وسائل الإعلام على نطاق واسع داخل الصين وخارجها.

- السيطرة على المرض
أفادت «شينخوا» في مقال نشرته في 10 يناير نقلاً عن خبير، أن حالة المرضى الذين عانوا من «الالتهاب الرئوي الفيروسي الغامض» يمكن السيطرة عليها إلى حد كبير.
وادعى البروفسور هو كي من مستشفى هوبي الشعبي أن معظم المرضى أصيبوا بأعراض طفيفة إلى متوسطة وأن بعض المرضى الأوائل تعافوا وغادروا المستشفى.
وتم نشر هذه المقالة قبل يوم واحد من إعلان ووهان عن وفاتها الأولى بسبب «كوفيد - 19». جاء ذلك بعد خمسة أيام من نشر تقرير آخر يقول إنه لا يوجد دليل على أن الفيروس يمكن أن ينتشر من شخص إلى آخر.
ولم يذكر الخط الزمني أياً من هذه المعلومات أيضاً.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.