اتهام «النهضة» التونسية باستغلال «كورونا» لـ «مكاسب سياسية»

مواطنون وصفوا مشهد حمل الرئيس سعيّد مساعدات اجتماعية على كتفيه بـ«الشعبوي»

TT

اتهام «النهضة» التونسية باستغلال «كورونا» لـ «مكاسب سياسية»

خلّفت صور قيادات حركة النهضة، التي تتزعم المشهد السياسي التونسي الحالي، وهي تذرف الدموع تعاطفاً مع المواطنين المحتاجين والمعرّضين لوباء «كورونا المستجد»، جدلاً سياسياً حاداً، واتهامات بمحاولة استغلال الأزمة الصحية لتحقيق مكاسب سياسية. كما اتُّهم عبد اللطيف المكي وزير الصحة العمومية، ولطفي زيتون وزير الشؤون المحلية، وكلاهما من حركة النهضة، بـ«استغلال الموقف الصحي والاجتماعي وتوظيفه لتحقيق مكاسب سياسية في الوقت الحالي وفي المستقبل، كما تعرض الرئيس قيس سعيد بدوره لانتقادات كثيرة، عندما ظهر وهو يحمل على كتفه أكياس المساعدات الاجتماعية الموجهة إلى العائلات الفقيرة، حيث تم اتهامه بـ«الشعبوية» و«محاولة التأثير على التونسيين» من خلال لقطات تلفزيونية أُعد لها مسبقاً، بهدف الترويج لصورة رئيس الجمهورية، كما كان يتم خلال فترة النظام السابق.
وفي هذا السياق، قال الصحبي بن فرج، النائب البرلماني السابق، إن الحكومة الجديدة «دخلت معركة سياسية دون حركات إحمائية، وهو ما جعلها ترتبك في التعامل مع الوضع الوبائي المستجد، وهي تتحمل مسؤولية الإرباك الحاصل حالياً، بصرف النظر عن الدموع التي انهمرت»، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، حمّل عبيد الخليفي، أستاذ الحضارة في الجامعة التونسية، الحكومة مسؤولية انتشار الفيروس، «لأنها لا تملك الإرادة السياسية الحازمة»، مشيراً إلى أن دموع وزير الصحة، وغيره من أعضاء حكومة إلياس الفخفاخ «علامة ضعف وارتباك»، على حد قوله.
وغلبت الدموع الوزير عبد اللطيف المكي عندما بدأ يتحدث عن تطور وباء «كورونا» في تونس، وعندما حاول أن يقنع المواطنين بأن الاستهتار وعدم احترام الإجراءات الوقائية قد يكونان سبب فقدان أقارب وأحباء، كان يمكن حمايتهم لو احتُرمت التوصيات.
في السياق ذاته، أثار بكاء لطفي زيتون وزير الشؤون المحلية، والقيادي البارز في حركة النهضة، تعليقات وانتقادات ساخرة بالجملة، عندما وجه اعتذاراً إلى التونسيين، الذين تدافعوا أمام مدخل مراكز البريد للحصول على مساعدة حكومية تقدر بنحو 200 دينار (نحو 70 دولاراً)، دون أن يراعوا إمكانية الإصابة بالعدوى.
وقال زيتون بنبرة حزينة: «أنا أتفهم تصرف هؤلاء الناس وأعتذر لهم». مضيفاً وعلامات التأثر باديةً عليه: «عندما ترى آلاف التونسيين وهم يتدافعون على مبلغ مالي زهيد، فهذا يعني فشلنا في إخراج آلاف التونسيين من حالة الفقر، ولذلك علينا أن ننظر إلى أنفسنا في المرآة».
وفي مقابل التعليقات السلبية والانتقادات الحادة، دافع عدد من المواطنين عن مواقف أعضاء الحكومة بقولهم إن بكاء وزير الشؤون المحلية ووزير الصحة العمومية، علاوة على الحبيب الكشو، وزير الشؤون الاجتماعية، ونصاف بن علية رئيسة المرصد التونسي للأمراض الجديدة والمستجدة، التابع لوزارة الصحة، يعد «الأشد مرارة لأنه يقارن ببكاء جنرالات الميدان عند إحساسهم بالخذلان».
كما أشاد بعض مواقع التواصل الاجتماعي بـ«تواضع» الرئيس سعيد، ومساهمته شخصياً في إيصال المساعدات الاجتماعية إلى مستحقيها، مؤكدةً أن تلك اللقطات «ستبقى راسخة في أذهان الكثير من التونسيين»، ونفت عن الرئيس وأعضاء الحكومة اتهامات «التوظيف السياسي»، وعدّوها «مجرد لقطات عفوية لا غير».
ولئن كان عدد كبير من التونسيين يعدّون بكاء الوزير لطفي زيتون وعبد اللطيف المكي بكاءً حقيقياً وصادقاً نابعاً من موقف إنساني أمْلته اللحظة، ويصعب افتعاله أمام الكاميرا، فإن مشهد الرئيس سعيّد وهو يحمل الأكياس على كتفيه كان محل تعاليق حادة وقاسية أحياناً، بلغ بعضها حد التشكيك في نياته، وأثار جدلاً حاداً واتهامات للرئيس وأن ما أقدم عليه «يدخل في باب الدعاية السياسية، ولم يكن تصرفاً بنية صادقة» على حد تعبير عدد من المحللين السياسيين.
في غضون ذلك، أقرّ سامي بلغيث، المدير العام بوزارة الشؤون الاجتماعية، صرف مساعدات اجتماعية لغير مستحقيها. وقال في تصريح إذاعي إن الوزارة تشتغل حالياً على تضييق هامش الخطأ والتأكد من قاعدة البيانات. موضحاً أن وزارة الشؤون الاجتماعية ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة من أجل استرجاع الأموال، التي صُرفت لغير مستحقيها، على حد تعبيره.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.