استعادة معلومات غذائية دفنها التحنيط الفرعوني

عبر إزالة معوقات تحليل الأنسجة الرخوة

باحث يفحص مومياء مصرية بمتحف روزيكروسيان في كوريتيبا بالبرازيل (متحف روزيكروسيان)
باحث يفحص مومياء مصرية بمتحف روزيكروسيان في كوريتيبا بالبرازيل (متحف روزيكروسيان)
TT

استعادة معلومات غذائية دفنها التحنيط الفرعوني

باحث يفحص مومياء مصرية بمتحف روزيكروسيان في كوريتيبا بالبرازيل (متحف روزيكروسيان)
باحث يفحص مومياء مصرية بمتحف روزيكروسيان في كوريتيبا بالبرازيل (متحف روزيكروسيان)

لم يكن المصري القديم وهو يضع مواد الصمغ والزيوت والشمع أثناء تحنيط الجثامين، يدرك أن هناك من سيأتي بعده سيكون شغوفا بمعرفة ما تخفيه تلك المواد من معلومات غذائية يحتفظ بها الجسم.
وعلى الرغم من أن تحليل بقايا الهيكل العظمي يمكن أن يكشف النظائر الغذائية القديمة المستقرة، التي تكشف عن طبيعة غذاء الشخص، فإن هناك مصدراً آخر يمكن أن يساعد في ذلك، وهو تحليل الأنسجة الرخوة، ولكن يعوق الاستفادة المثلى من هذا المصدر مواد الصمغ والشمع والزيوت التي توضع أثناء التحنيط.
وتشمل الأنسجة الرخوة تلك التي تربط أو تدعم أو تحيط ببنى وأعضاء أخرى في الجسم، وتشمل الأوتار والأربطة والجلد والأنسجة الليفية والدهون والأغشية الزلالية والعضلات والأعصاب والأوعية الدموية، ولكن وضع مواد التحنيط عليها يؤثر سلبيا على النتائج التي يمكن الحصول عليها من فحصها، وهي المشكلة التي ساعدت دراسة بريطانية في حلها.
وتظهر الدراسة التي نشر ملخصها موقع المركز الوطني لمعلومات التقنية الحيوية الأميركية، إلكترونياً في شهر فبراير (شباط) الماضي، وتنشر مطبوعة بدورية «الاتصالات السريعة في الكتلة الطيفية» في نهاية شهر أبريل (نيسان) الجاري، وقام خلالها فريق بحثي من جامعة مانشستر البريطانية بمحاكاة التحنيط الفرعوني مع ساق خنزير، حيث تمت إزالة عينات من الجلد والعضلات والعظام وتغطيتها بمجموعة من المواد المستخدمة في التحنيط المصري، كما تم استخدام كربونات وكبريتات وكلوريد الصوديوم بنسب مختلفة لمحاكاة رواسب النيترون (Natron)، الموجودة بشكل طبيعي بمصر، والتي ثبت أنها تعزز التحنيط بشكل فعال.
وبعد 40 يوماً من التحنيط، تم إجراء تحليل للنظائر الغذائية المستقرة في المواد المحنطة، فأظهرت النتائج أن مواد التحنيط يمكن أن تؤثر بشكل كبير على نسب النظائر، وأن هذه المواد يمكن أن تتم إزالتها بشكل أكثر فاعلية باستخدام خليط من المذيبات البروتينية وغير البروتينية. وتشير النتائج إلى أنه يمكن استخراج المواد المعدنية في أنسجة العظام باستخدام حمض الهيدروكلوريك، بينما يمكن أن تعطي أنسجة الجلد نتائج أكثر دقة من عينات العظام منزوعة المعادن باستخدام (ثنائي أمين الإيثيلين رباعي حمض الأسيتيك) والذي يرمز له اختصاراً EDTA.
والأهم من ذلك أن الدراسة تثبت أن نسب النظائر المستقرة يمكن أن تتأثر بشكل كبير بالتحنيط والمواد المستخدمة فيه، وتؤكد أنه إذا لم تتم إزالة المواد المسؤولة عن هذا التأثير، فقد تؤدي النتائج التي يتم الحصول عليها إلى بيانات مضللة.
وعلى النقيض من هذه الدراسة التي تسعى إلى إزالة مواد التحنيط من الأنسجة الرخوة، بما يسمح بدراسة أفضل لها، كانت هناك أخرى قد أثبتت فائدة هذه المواد في حماية أجسام الفراعنة من البكتريا.
واختبر الفريق البحثي من جامعة ديربي البريطانية، فاعلية مكونات التحنيط الفرعوني ضد الميكروبات مع جثث أرانب تم تحنيطها باستخدام نفس الخلطة الفرعونية، وقارنوا النتائج مع ما يحققه مضاد حيوي كابح للجراثيم يسمى (الكلورامفينيكول).
ووفق الدراسة التي نشرت عن هذه التجربة في أغسطس (آب) من العام الماضي بدورية «علوم الآثار»، فقد أرجع الباحثون سر قوة الخلطة الفرعونية إلى (النيترون) المستخدم في التحنيط.
وكان يعتقد أن (النيترون) العامل الرئيسي المسؤول عن التجفيف عند تحنيط الجثث المصرية القديمة، ولم يكن من الواضح أن له خصائص مفيدة في مقاومة الجراثيم أم لا، ولكن الدراسة أثبتت فاعليته كمقاوم للجراثيم.
ولا ترى الدكتورة ولاء باشا، الباحثة بقسم الأنثروبولوجيا البيولوجية بالمركز القومي للبحوث، أي تعارض بين الدراستين، بل ترى في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك قاسما مشتركا واضحا بينهما، وهو محاولة فهم سر الخلطة الفرعونية في التحنيط.
وتثني الدكتورة ولاء على فكرة البحث الأول، والذي يحسن من كيفية رصد النظائر الغذائية المستقرة، والتي هي بمثابة أرشيف معلوماتي لنظام الشخص الغذائي.
وتوضح أهمية المعلومات التي توفرها النظائر، قائلة: «نظائر الكربون ( C3) مثلا، تكون موجودة في النباتات الشتوية مثل القمح والشعير، بينما ( c4 ) تكون موجودة في الذرة، ومن ثم فإن حساب نسبة وجود الاثنين يعطينا تصورا عن أي من هذه المحاصيل الغذائية كان يطغى على النظام الغذائي».
وتضيف أن تحليل نظائر النيتروجين يستخدم أيضا لمعرفة مدى إقبال الشخص على الأغذية البحرية والتي تزيد فيها نسبة النيتروجين، لوجوده بكثرة في النباتات البحرية التي تتغذى عليها الأسماك.


مقالات ذات صلة

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

يوميات الشرق المومياء تعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و3000 سنة حينما كان تحنيط الحيوانات في مصر القديمة في ذروته (جامعة مانشستر)

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

كشف الباحثون، أخيراً، رؤى جديدة ومثيرة حول حياة ونفوق تمساح مصري قديم محنّط، مسلطين الضوء على وجبته الأخيرة وتفاصيل أخرى مذهلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)

مصر: تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين»

عادت قضية الاتجار في الآثار المصرية إلى الواجهة من جديد، بعد تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
سفر وسياحة تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

من أعلى نقطة... إطلالات بانورامية على القاهرة

تتمتع القاهرة بمزيج فريد من التاريخ العريق والحياة العصرية النابضة، ما يجذب إليها ملايين الزوار من حول العالم، الذين يبحثون ويفتشون عن سحرها كل من منظوره الخاص.

محمد عجم (القاهرة )
يوميات الشرق يقول أحد العلماء إنه حل لغز «لعنة توت عنخ آمون» بعد أكثر من 100 عام (رويترز)

بعد 100 عام... دراسة تقدم تفسيراً لـ«لعنة مقبرة توت عنخ آمون»

مستويات الإشعاع السامة المنبعثة من اليورانيوم والنفايات السامة ظلت موجودة داخل المقبرة منذ أن تم إغلاقها قبل أكثر من 3000 عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق أيقونات البشارة في متحف شرم الشيخ بمصر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض مصري للأيقونات القبطية يوثّق أحداث «عيد البشارة»

بجوار الركن البيزنطي في قاعة الحضارات بمتحف شرم الشيخ (شرق مصر)، نظمت إدارة المتحف معرضاً للأيقونات القبطية.

محمد الكفراوي (القاهرة)

4 أطعمة تساعدك على ترطيب جسمك في الطقس الحار

تصل نسبة الماء في الخيار إلى 96 % (رويترز)
تصل نسبة الماء في الخيار إلى 96 % (رويترز)
TT

4 أطعمة تساعدك على ترطيب جسمك في الطقس الحار

تصل نسبة الماء في الخيار إلى 96 % (رويترز)
تصل نسبة الماء في الخيار إلى 96 % (رويترز)

على الرغم من تأكيد خبراء الصحة مراراً وتكراراً أن مفتاح ترطيب الجسم خلال أشهر الصيف الحارة هو شرب كثير من الماء، فإن هناك بعض الأطعمة التي يمكن أن توفر ترطيباً كافياً للجسم أيضاً.

وفي هذا السياق، قالت متخصصة التغذية الأميركية كيم شابيرا، لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية، إن عدم تناول الأطعمة الصحيحة يمكن أن يسبب اختلال توازن المياه في الجسم، خصوصاً في درجات الحرارة المرتفعة.

وأوضحت قائلة: «يمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة والأنشطة الخارجية إلى اختلال توازن المياه في الجسم. فنحن نفقد الماء من خلال العرق واللعاب والبول والبراز. وكلما تعرقنا أكثر، ازداد ما نفقده من الماء».

وفي حين أن شرب الماء مفيد، فإن الحصول على الإلكتروليتات والمعادن من الأطعمة المرطبة يمكن أن يساعد على استعادة ما فقده الجسم من خلال العرق، وفقاً لمتخصصة التغذية المسجلة إيلانا مولشتاين، التي تعمل في كاليفورنيا.

ويشير الخبراء إلى أن هناك 4 أطعمة تساعد على ترطيب الجسم في الطقس الحار، هي:

1- البطيخ

توصي مولشتاين بتناول البطيخ، مشيرة إلى أنه يحتوي على ماء بنسبة نحو 92 في المائة، بالإضافة إلى الإلكتروليتات والبوتاسيوم، مما يساعد على ترطيب الجسم بفاعلية.

ومن جهته، يقول خبير الصحة الدكتور جوزيف ميركولا، إن البطيخ من أفضل الأطعمة المرطبة للجسم.

وأكد أنه غني بالإلكتروليتات وفيتامينَي «أ»، و«ج»، والمغنيسيوم، والليكوبين، وقد يساعد أيضاً على تعافي العضلات بعد التمرين.

2- الخيار

أشار ميركولا إلى أن الخيار يحتوي على «أعلى نسبة من الماء بين أي طعام صلب»، حيث تصل نسبة الماء به إلى 96 في المائة.

وأضاف أنه مصدر جيد لفيتامين «ك»، والبوتاسيوم.

واتفقت مولشتاين مع ميركولا على أن الخيار رائع لترطيب الجسم؛ لأنه مثل البطيخ، «يتكون في الغالب من الماء».

مفتاح ترطيب الجسم خلال أشهر الصيف الحارة شرب كثير من الماء (رويترز)

3- الكربوهيدرات

وفقاً لشابيرا، يمكن أن تساعد الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات على الترطيب المناسب وعلاج الجفاف.

وقالت إن مجموعة متنوعة من الفواكه والخضراوات تندرج ضمن فئة الكربوهيدرات، بما في ذلك الخيار والفلفل الحلو والكرفس والكوسة والبرتقال والفراولة والبطيخ، التي تحتوي جميعها على نحو 85 في المائة إلى 95 في المائة من الماء.

وأضافت متخصصة التغذية أن النشويات، مثل المعكرونة أو الأرز، يمكن أن توفر أيضاً 60 في المائة إلى 70 في المائة من الماء لكل نصف كوب.

4- الخضراوات الورقية

الخضراوات الورقية مثل الخس والسبانخ والجرجير والكرنب كلها أطعمة مرطبة للجسم.

ووفقاً لمولشتاين، فإن هذه الخضراوات الورقية «مليئة بالماء بنسبة تزيد على 95 في المائة في الأغلب، بالإضافة إلى الألياف وفيتامين سي والحديد».

علامات الجفاف

قالت شابيرا إن بعض العلامات التحذيرية للجفاف المحتمل تشمل التعب والصداع والدوار وجفاف اللسان وفي الحالات القصوى الغثيان والقيء.

وشجّعت الخبيرة الناس على الانتباه لهذه الأعراض خلال أشهر الصيف الحارة.

وقالت: «إنها علامة على أنك بحاجة إلى مزيد من الماء، أو الأطعمة التي تحتوي على الماء».