نتنياهو: مستعدون لمباحثات «عبر وسطاء» لإغلاق ملف الأسرى

رداً على مبادرة السنوار لتحريك الملف المجمّد

وقفة احتجاجية في رفح تضامناً مع المعتقلين ومخاوف من إصابتهم بـ«كورونا» في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
وقفة احتجاجية في رفح تضامناً مع المعتقلين ومخاوف من إصابتهم بـ«كورونا» في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو: مستعدون لمباحثات «عبر وسطاء» لإغلاق ملف الأسرى

وقفة احتجاجية في رفح تضامناً مع المعتقلين ومخاوف من إصابتهم بـ«كورونا» في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
وقفة احتجاجية في رفح تضامناً مع المعتقلين ومخاوف من إصابتهم بـ«كورونا» في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)

استجاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل مبدئي، لدعوة رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار تحريك ملف الأسرى لدى الطرفين.
وأعربت إسرائيل عن استعدادها البدء بمحادثات غير مباشرة مع حركة حماس، لإبرام اتفاق يُفضي إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.
وجاء في بيان صادر عن رئاسة الحكومة الإسرائيلية «أن منسق شؤون الأسرى والمفقودين، الإسرائيلي يارون بلوم وطاقمه، مع هيئة الأمن القومي الإسرائيلية، والأجهزة الأمنية، مستعدون للعمل بشكل بناء، من أجل استعادة القتلى والمفقودين في قطاع غزة، وإغلاق هذا الملف، ويدعون إلى بدء حوار فوري من خلال الوسطاء». علماً بأن جميع الأجهزة التي ذُكرت بالبيان، خاضعة بشكل مباشر إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
وبيان الحكومة الإسرائيلية جاء بعد ساعات من إعلان مصدر في حركة «حماس»، أن إسرائيل لم ترد حتى الآن على مبادرة مسؤول الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار التي اقترح فيها صفقة جزئية مقابل الإفراج عن الأسرى كبار السن والأسيرات والمرضى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. وأضاف المصدر لقناة «كان» العبرية: «لم نتلقَّ أي رسالة من خلال وسطاء أو أي طرف آخر، وإسرائيل تتجاهل مبادرة السنوار الإنسانية». وتابع: «نتنياهو لا يريد تحريك القضية، الكرة في ملعبه».
وكان السنوار، أعلن مساء الخميس، استعداد حركته تقديم «مقابل جزئي» لإسرائيل، لتفرج عن معتقلين فلسطينيين. وأضاف في مقابلة متلفزة أجراها مع فضائية «الأقصى» التابعة للحركة: «هناك إمكانية أن تكون مبادرة لتحريك الملف (تبادل الأسرى) بأن يقوم الاحتلال الإسرائيلي بعمل طابع إنساني أكثر منه عملية تبادل، بحيث يطلق سراح المعتقلين الفلسطينيين المرضى والنساء وكبار السن من سجونه، وممكن أن نقدم له مقابلاً جزئياً». ولم يوضح السنوار ما المقابل الجزئي، واستدرك: «لكن المقابل الكبير لصفقة تبادل الأسرى هو ثمن كبير يجب أن يدفعه الاحتلال».
وجاء حديث السنوار بعد قليل من حديث وزير الدفاع الإسرائيلي، نفتالي بنيت، الذي أعلن رفضه تقديم مساعدات لمكافحة كورونا في قطاع غزة، إذا لم يحرروا المحتجزين الإسرائيليين.
ونجح السنوار وهو مسؤول الحركة في القطاع، كما هو واضح، من جر إسرائيل نحو مفاوضات صفقة تبادل للأسرى. وفشلت جولات كثيرة سابقة في إحراز أي تقدم لإنجاز صفقة تبادل، في ظل أن إسرائيل لم تدفع الثمن المطلوب لإنجاز صفقة جديدة، وهو إطلاق سراح المحررين في الصفقة السابقة التي عرفت بصفقة شاليط عام 2011، ممن أعادت اعتقالهم.
وأكدت «حماس» في الآونة الأخيرة أن كل محاولات الوسطاء لإخراج صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل، فشلت. وأعلنت الحركة أن دولاً مثل مصر وتركيا وقطر والسويد وألمانيا، تدخلت، لكن لم يتم إحراز أي تقدم بشأن هذه القضية.
ويوجد في قطاع غزة 4 إسرائيليين لدى «حماس»؛ هم: (الجنديان شاؤول آرون وهادار جولدن) اللذان أسرتهما «حماس» في الحرب التي اندلعت في صيف 2014، (تقول إسرائيل إنهما جثتان ولا تعطي «حماس» أي معلومات حول وضعهما)، وأباراهام منغستو وهاشم بدوي السيد، ويحملان الجنسية الإسرائيلية، الأول إثيوبي والثاني عربي، دخلا إلى غزة بمحض إرادتيهما بعد حرب غزة في وقتين مختلفين.
وتتهم عائلات الأسرى لدى «حماس» الحكومة الإسرائيلية بإهمال مصيرهم وعدم العمل بشكل جدي من أجل إعادتهم إلى إسرائيل، لكن نتنياهو يقول إن إسرائيل تبذل جهوداً في القنوات المكشوفة وغير المكشوفة من أجل إعادة أبنائهم. وليس معروفاً إذا كان عدم رد نتنياهو يعني إهمال ما قاله السنوار أو دراسة الموقف.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية اعتبرت عرض السنوار بشأن الأسرى صدعاً في موقف «حماس» غير المساوم. وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، إن الطرفين يطلقان بالونات اختبار لمعرفة ماهية رد فعل جمهوريهما في حال الاتفاق على صفقة. لكن من الواضح أن هناك نغمة جديدة في الخطاب المنطلق من القطاع ومن تل أبيب، يدل على تقدم نحو الصفقة، بل يدل على أن كليهما يريد استغلال أزمة «كورونا» لترتيب علاقاته المستقبلية.
وقال المحلل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، إنه لأول مرة يأتي تنازل جزئي من «حماس» ويظهر السنوار ليحطم الجمود المتواصل منذ نحو سنتين ويخفض الأثمان.
وثمة تقدير في إسرائيل بأن السنوار ينوي الإفراج عن جثث جنود، أو ربما أحد الأحياء، ويشكل هذا العرض عامل ضغط إضافياً على الحكومة الإسرائيلية المنشغلة في محاربة كورونا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.