اجتماعات الحكومة الأفغانية مع وفد حركة «طالبان» التي كان من المفترض أن تبدأ في العاصمة كابل أمس الثلاثاء سعياً لوضع اللمسات النهائية على تبادل السجناء الذي كان يفترض أن يتم في 10 مارس (آذار) الماضي، توقفت بعد أن أعلنت الحركة المسلحة الانسحاب من مباحثات «عقيمة».
ويمثل تبادل الأسرى خطوة رئيسية في محادثات السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة بعدما توصلت واشنطن إلى اتفاق مع الحركة المسلحة على سحب القوات.
وأعلنت الحركة على لسان المتحدث باسمها، أمس الثلاثاء، أنها سوف تنسحب من مباحثات تبادل السجناء مع الحكومة الأفغانية، الذي كان شرطاً لبدء مباحثات السلام الأفغانية.
وفي تغريدة كتبت بلغة البشتون منتصف ليل الثلاثاء بتوقيت أفغانستان، ألقى المتحدث السياسي باسم «طالبان» سهيل شاهين، باللوم على إدارة الرئيس أشرف غني في تأخير عملية إطلاق سراح السجناء «تحت ذريعة أو أخرى».
وقال شاهين في تغريدة ثانية باللغة الإنجليزية، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية: «لذلك؛ لن يشارك فريقنا الفني في لقاءات عقيمة مع الأطراف ذات الصلة بدءاً من الغد».
يذكر أن وفداً من حركة «طالبان» يتألف من 3 أشخاص يوجد في كابل منذ الثلاثاء الماضي ليتفاوض مع المسؤولين الحكوميين بشأن قضية الإفراج عن السجناء. وينص الاتفاق الذي وقعته الولايات المتحدة الأميركية و«طالبان» في نهاية فبراير (شباط) الماضي على الإفراج عن نحو 5000 من سجناء «طالبان» قبل بدء مباحثات السلام الأفغانية.
لكن السلام يتوقف على محادثات بين الحكومة الأفغانية التي تدعمها الولايات المتحدة والمتشددين. ويهدف تبادل السجناء إلى بناء الثقة بين الجانبين لإجراء هذه المحادثات.
وقال مسؤول حكومي بارز قبل يوم من بدء المحادثات إن وفد حركة «طالبان» يطالب بالإفراج عن 15 سجيناً، تورطوا في تنفيذ تفجيرات كبيرة في البلاد.
وأضاف المتحدث باسم الحكومة، كما نقلت عنه «رويترز»، إنها ستواصل عملها على خطة إطلاق سراح السجناء. وقال جاويد فيصل، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في كابل: «نطالب (طالبان) بعدم تخريب العملية عن طريق اختلاق الأعذار الآن».
وأشار متين بيك، أحد أعضاء فريق التفاوض الحكومي، إلى أن الإفراج عن السجناء تأخر لأن «طالبان» تطالب بإطلاق سراح 15 «قياديا كبيراً»، مضيفاً لصحافيين الاثنين: «لا يمكننا أن نفرج عن قتلة شعبنا». وتابع: «لا نريدهم أن يعودوا إلى أرض المعركة وأن يسيطروا على ولاية ما بأكملها». وأكد بيك أن الحكومة مستعدة للإفراج عما يصل إلى 400 سجين، غير قيادي، من «طالبان»، في بادرة حسن نية مقابل خفض «كبير» للعنف، لكن «طالبان» رفضت العرض. ورغم عدم إشراك الحكومة الأفغانية في المباحثات بين أميركا و«طالبان»، فإنها وافقت على الإفراج عن 1500 سجين تدريجياً قبل مباحثات السلام، ولكن «طالبان» تطالب بالإفراج عن السجناء الـ5000 جميعهم.
كما يمثل الاتفاق الذي توصلت إليه الولايات المتحدة و«طالبان» في أواخر فبراير الماضي أفضل فرصة حتى الآن لوقف الحرب المستمرة منذ 18 عاماً. وبموجب الاتفاق، ستنسحب القوات الدولية التي تقودها واشنطن تدريجياً مقابل ضمانات أمنية تقدمها «طالبان».
ومن شأن تعليق «طالبان» المحادثات أن يؤدي إلى تصعيد العنف، الذي سيؤدي بدوره إلى تهديد خطة انسحاب القوات الأميركية، وهو هدف أساسي للرئيس دونالد ترمب.
وقال مسؤولون أفغان الأسبوع الماضي إنهم سيطلقون سراح 100 من سجناء «طالبان» المرضى أو الذين تجاوز عمرهم الخمسين عاماً. وفي المقابل، كان من المتوقع أن تطلق «طالبان» سراح 20 من أفراد قوات الأمن الأفغانية. ويهدف الطرفان في النهاية إلى إطلاق سراح جميع السجناء قيد الاعتقال والبالغ عددهم 6 آلاف سجين.
ورحب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بوصول فريق «طالبان» إلى كابل، ووصفه بأنه «أنباء طيبة».
ورغم وباء فيروس «كورونا» فإن بومبيو زار الشهر الماضي كابل في محاولة لحلحلة عملية تبادل السجناء. وعدّ مراقبون أن عدم التوازن في عدد السجناء المفترض الإفراج عنهم من الطرفين يصبّ في صالح «طالبان». وأصدرت «طالبان» الأحد بياناً اتهمت فيه الحكومة الأفغانية بخرق «اتفاق السلام» بين المتمردين والولايات المتحدة، رغم أن «طالبان» قد قتلت منذ توقيعه، كثيراً من عناصر قوات الأمن الحكومية.
ورفض الجيش الأميركي في أفغانستان اتهام «طالبان».
وعددت «طالبان» في بيان الانتهاكات التي تقول إنه جرى ارتكابها؛ والتي تشمل عدم إطلاق سراح نحو 58 ألفاً من سجناء الحركة، وشن هجمات تستهدف قواعدها، واستمرار الغارات والضربات الجوية ضدها من جانب القوات الأميركية والأفغانية. وحذرت «طالبان» بأنه من شأن مثل هذه الأعمال الإضرار بالاتفاق، وزيادة العنف من جانب المسلحين. وجاء في بيان «طالبان»: «نطالب الأميركيين جدياً بالالتزام بفحوى الاتفاق وتنبيه حلفائهم إلى الالتزام الكامل به».
ورغم وقوع هجمات في المدن الكبرى منذ الاتفاق، فإن «طالبان» لم تعلن مسؤوليتها عن أي منها.
وتقول الحركة إنها لا تزال ملتزمة بالاتفاق رغم احتفاظها بالحق في مهاجمة أي موقع حتى يتفق الطرفان على وقف إطلاق النار. وتضيف أنها شنت هجمات فقط في المناطق الريفية، وهو ما رفضه مسؤولون حكوميون.
وقال الجيش الأميركي إنه أيد الشروط العسكرية للاتفاق، وإن ما تردده «طالبان»؛ «لا أساس له من الصحة».
وقال المتحدث باسم القوات الأميركية في أفغانستان، الكولونيل سوني ليجيت، في تغريدة على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي: «كانت القوات الأميركية في أفغانستان واضحة: سندافع عن شركاء قوات الدفاع والأمن الأفغانية إذا تعرضت للهجوم، وفقاً للاتفاق».
«طالبان» توقف محادثات تبادل السجناء مع الحكومة الأفغانية
توقعات بتصعيد في العنف يهدد خطة الانسحاب الأميركي
«طالبان» توقف محادثات تبادل السجناء مع الحكومة الأفغانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة