الخرطوم تعلن اكتمال تسوية تعويضات ضحايا المدمرة الأميركية

الاتحاد الأفريقي يدعو إلى رفع العقوبات عن السودان وزيمبابوي بسبب «كوفيد ـ 19»

الخرطوم تعلن اكتمال تسوية تعويضات ضحايا المدمرة الأميركية
TT

الخرطوم تعلن اكتمال تسوية تعويضات ضحايا المدمرة الأميركية

الخرطوم تعلن اكتمال تسوية تعويضات ضحايا المدمرة الأميركية

أعلن السودان الوصول إلى تسوية نهائية مع أسر ضحايا المدمرة الأميركية «إس إس كول»، التي اتُهمت حكومة المعزول عمر البشير بالضلوع فيها، وشطبِ القضايا ضد الحكومة السودانية نهائياً، وذلك بعد سداد مبلغ التعويضات، الذي توصلت إليه السلطات السودانية مع أسر الضحايا. وفي غضون ذلك، دعا الاتحاد الأفريقي إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان وزيمبابوي، لمساعدتهما في مواجهة جائحة «كورونا».
وتعد تعويضات أسر ضحايا المدمرة الأميركية، وأسر ضحايا تفجير سفارتي أميركا في دار السلام ونيروبي، والتي اتهمت بها جماعات إسلامية متطرفة على علاقة بالحكومة الإسلامية، التي كانت تحكم السودان، في أغسطس (آب) 1998، وأكتوبر (تشرين الأول) 2000، وأسفرت عن عدد من الضحايا الأميركيين، واحدة من الشروط الأميركية لحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وقالت وزارة العدل السودانية، في بيان، أمس، إن السودان لم يكن ضالعاً في الهجوم على المدمرة، أو أي أعمال إرهابية أخرى، مبرزاً أن اتفاق التسوية مع أسر الضحايا نصّ على ذلك في وثيقة التسوية، وأنها جاءت لتحقيق المصلحة السودانية، ضمن جهود الحكومة لمعالجة وتسوية دعاوى الإرهاب التاريخية ضد السودان لإزالة اسمه من قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب.
وأعلنت وزارة العدل أن طرفي التقاضي تقدما بعريضة مشتركة للمحكمة المختصة في الولايات المتحدة الأميركية، يوم الجمعة الماضية، يطالبان بشطب الدعاوى المتعلقة بالمدمرة «إس إس كول» ضد السودان، وإنهاء القضية بشكل نهائي أمام المحاكم الأميركية كافة. وكانت الحكومة السودانية قد توصلت في فبراير (شباط) الماضي إلى تسوية مع أسر الضحايا، الذين باشروا إجراءات قضائية ضد حكومة السودان، ولم تذكر وزارة العدل السودانية حجم التعويضات، التي دفعتها الحكومة السودانية لأسر الضحايا. بيد أن تقارير صحافية سابقة أشارت إلى أن المبلغ الذي تم دفعه كان في حدود 70 مليون دولار أميركي.
ووفقاً للمتحدث باسم الحكومة، فيصل محمد صالح، فإن السودان سيتبع نهج التسوية نفسه، الذي اتبعه في معالجة قضية أسر ضحايا المدمرة «إس إس كول»، في التفاوض مع أسر ضحايا تفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي الكينية، ودار السلام التنزانية، للتوصل إلى تعويض معقول تستطيع حكومة السودان دفعه.
من جهته، دعا الاتحاد الأفريقي إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على دولتي السودان وزيمبابوي، لمساعدتهما في التصدي لجائحة فيروس «كورونا» المستجد، وتسهيل عمليات الاستجابة لديهما، معتبراً استمرار العقوبات «غير إنساني»، و«غير قابل للاحتمال» في ظل الظروف الحالية.
وقالت الخارجية السودانية، في بيان أمس، إن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي عقد مؤتمراً رقمياً مع مدير المركز الأفريقي للأوبئة جون جون نكينغاسونغ، وعدد من رؤساء الدول الأفريقية، ناقش فيه خطة الاتحاد الأفريقي للتصدي لجائحة كورونا. وبحسب البيان، فإن فكي قدّم شرحاً للخطوات، التي اعتمدتها مفوضية الاتحاد الأفريقي، بناء على توصيات في اجتماع سابقة. فيما دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، خلال الاجتماع، إلى ضرورة التحرك السريع، وإجراء الاختبارات، وتأمين إيصال معدات الفحص الطبي، ومعدات الحماية الشخصية الطبية.
وذكر بيان الخارجية أن القادة أكدوا على أن الجائحة «كارثة غير مسبوقة، وتتطلب زيادة التعاون بين الدول في مجالات الصحة والنقل لرسم الاستراتيجية القارية»، إضافة إلى حشد الدعم الدولي من المؤسسات المالية الدولية والشركاء الدوليين والدول الصديقة لمجابهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للوباء.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم