«تأتون من بعيد» يحصد جوائز دولية

لقطة من فيلم «تأتون من بعيد»
لقطة من فيلم «تأتون من بعيد»
TT

«تأتون من بعيد» يحصد جوائز دولية

لقطة من فيلم «تأتون من بعيد»
لقطة من فيلم «تأتون من بعيد»

الفيلم الوثائقي الطويل «تأتون من بعيد»، للمخرجة المصرية أمل رمسيس، لم يستطع جمع شتات عائلة فلسطينية حول العالم فحسب، بل إنه استطاع جمع عدد كبير من الجوائز الدولية، بسبب قصته الفريدة وأسلوب تناولها المميز.
الفيلم الذي فاز في الدورة الأخيرة من مهرجان أسوان السينمائي الدولي لأفلام المرأة، العام الحالي، بجائزة «أفضل فيلم أورومتوسطي»، مناصفة مع فيلم «احكيلي»، حصد جوائز أخرى من مهرجانات عدة، على غرار «قرطاج» و«تطوان».
يعرض الفيلم على مدى 84 دقيقة قصة غير عادية لعائلة المناضل الفلسطيني نجاتي صدقي (1905-1979) التي تشتت وافترقت جراء الاضطرابات والحروب التي شهدها القرن العشرين، حيث شارك نجاتي في الحرب الأهلية الإسبانية، مروراً بالحرب العالمية الثانية، ونكبة فلسطين، حتى تفرق شمل عائلته التي تقفّت المخرجة أمل رمسيس أثرها، عبر رحلة شاقة لمقابلة ما تبقى من أفراد العائلة.
سعادة رمسيس بالصدى الكبير الذي حققه الفيلم تفوق فرحتها بالجوائز التي حصدتها، مبررة ذلك في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «الجوائز في حد ذاتها تعدّ تقديراً من لجان تحكيم تضمّ عدداً محدوداً من الأفراد، لكن الصدى الذي يحققه الفيلم، وتجاوب الجمهور معه، هو المعيار الأهم لديّ. ففي مهرجان أسوان، قالت لي إحدى الفتيات إن مشاهد كثيرة بالفيلم أبكتها، كما أن أسئلة الجمهور كانت تنم عن وعي وفهم عميقين لقضية الفيلم. وفي صربيا، قوبل الفيلم بحفاوة لافتة، ولم أتوقع ذلك في بلد ليس له علاقة بالفيلم، لكن لأنهم شهدوا حروباً، ولديهم ذكريات أليمة عن الاغتراب، تأثروا بالفيلم، وبكى الجمهور عند عرضه، كما استقبل بحفاوة في تونس والمغرب أيضاً».
وخلال رحلة بحث المخرجة المصرية عن الأشخاص العرب الذين شاركوا في الحرب الأهلية الإسبانية، عثرت على كتاب للفلسطيني نجاتي صدقي، تضمن مذكراته خلال الحرب، وعلمت رمسيس أن ابنته تعيش في اليونان، فسافرت بحثاً عنها. ومن خلالها، بدأت تعرف قصة العائلة التي تفرقت، وعاش أفرادها لا يعرف بعضهم بعضاً، وبدا الأمر كما لو كان سراً غير قابل للبوح، ولا يريدون التحدّث عنه، وبدأت فكرة الفيلم تتبلور في ذهنها. وفي عام 2015، سافرت إلى روسيا، والتقت ابنته دولت التي رحلت إلى موسكو وهي طفلة، ونسيت اللغة العربية، وكانت قد بدأت تفقد ذاكرتها، وفق رمسيس.
استغرق إعداد الفيلم وتنفيذه نحو 10 سنوات، وصُوّر بين لبنان وروسيا وإسبانيا. وغمرت السعادة رمسيس لدى عرض الفيلم في جنين ورام الله والقدس، فمن فلسطين المحتلة خرج نجاتي صدقي.
عملت رمسيس بالفيلم مخرجة ومونتيرة ومصورة لبعض المشاهد أيضاً، كما ساعدها زوجها المخرج التركي نجاتي سونمز في البداية، لكنّها استعانت بعد ذلك بالمصورة اللبنانية جوسلين أبي جبرائيل، موضحة: «ذهبت وجوسلين فقط في رحلة ثانية إلى موسكو. ولحميميّة الموضوع وحساسيته، تحدّثت الأسرة معي، فوثقت بي وكشفت أسرارها أمامي، وتطلّب الأمر وقتاً حتى تعرفوا على جوسلين».
ورغم أن رمسيس تعكف على كتابة سيناريو فيلمها الروائي الأول، فإنهّا لا تنوي الاتجاه كلية إلى إخراج الأفلام الروائية، ولا تعد أنّ الفيلم الوثائقي مجرد مرحلة وستنتهي في عملها: «أحب الأفلام الوثائقية، ولا أرضى عنها بديلاً، رغم أنّها لا تحظى بالاهتمام الذي تستحقه في مصر».
قدمت رمسيس أول أفلامها القصيرة «أحلام»، الذي صورته خلال سنوات دراستها في إسبانيا، وشاركت به في مهرجانات عدة بأوروبا وأميركا اللاتينية، كما صورت فيلماً في بيروت بعنوان «بيروت على شاطئ البحر». وقبل ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، صورت فيلمها الوثائقي الطويل «ممنوع» الذي تنبأ بأحداث الثّورة، وعرض بمركز الإبداع بالأوبرا المصرية، خلال الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة. وخلال أحداث ماسبيرو التي وقعت بعد ثورة يناير، صورت فيلمها «أثر الفراشة»، عن الشاب مينا دانيال الذي لقي حتفه خلال تلك الأحداث.
وأسست رمسيس، قبل أكثر من 10 سنوات، مهرجان القاهرة لأفلام المرأة الذي انطلقت دورته الأولى في أبريل (نيسان) 2008، وسعت من خلاله لتقديم أفلام تصنعها النساء، ونجح المهرجان في خلق قاعدة جماهيرية، لكنّه توقف منذ عامين، وعن ذلك تقول: «توقف المهرجان لصدور قرار حكومي خاص بتنظيم المهرجانات، يطلب توفير اعتماد نقدي للمهرجان بقيمة نصف مليون جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، وهذا لن يتوفر لنا بأي حال لأنّ المهرجان مستقل، ويعمل بأسلوب مختلف، يعتمد على اختيار الأفلام من كل دول العالم، ومن ثمّ يبحث عن دعم من خلال سفارات الدول المشاركة، وهو ما نجحنا فيه طوال عشر دورات، وحالياً نبحث عن حل لاستمراره».


مقالات ذات صلة

«بادينغتون في البيرو»... الدب الأشهر يحفّز البشر على مغادرة منطقة الراحة

يوميات الشرق في فيلمه السينمائي الثالث ينتقل الدب بادينغتون من لندن إلى البيرو (استوديو كانال)

«بادينغتون في البيرو»... الدب الأشهر يحفّز البشر على مغادرة منطقة الراحة

الدب البريطاني المحبوب «بادينغتون» يعود إلى صالات السينما ويأخذ المشاهدين، صغاراً وكباراً، في مغامرة بصريّة ممتعة لا تخلو من الرسائل الإنسانية.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق المخرج العالمي ديفيد لينش (أ.ف.ب)

رحيل ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة

هل مات ديڤيد لينش حسرة على ما احترق في منزله من أرشيفات وأفلام ولوحات ونوتات موسيقية كتبها؟ أم أن جسمه لم يتحمّل معاناة الحياة بسبب تعرضه لـ«كورونا» قبل سنوات؟

محمد رُضا (بالم سبرينغز (كاليفورنيا))
يوميات الشرق أحمد مالك وآية سماحة خلال العرض الخاص للفيلم (الشركة المنتجة)

«6 أيام»... رهان سينمائي متجدد على الرومانسية

يجدد فيلم «6 أيام» الرهان على السينما الرومانسية، ويقتصر على بطلين فقط، مع مشاركة ممثلين كضيوف شرف في بعض المشاهد، مستعرضاً قصة حب في 6 أيام فقط.

انتصار دردير (القاهرة)
سينما النجم الهندي سيف علي خان (رويترز)

سيف علي خان يصاب بست طعنات في منزله

تعرض نجم بوليوود الهندي سيف علي خان للطعن من متسلل في منزله في مومباي، اليوم الخميس، ثم خضع لعملية جراحية في المستشفى، وفقاً لتقارير إعلامية.

«الشرق الأوسط» (مومباي)
سينما لقطة لبطلي «زوبعة» (وورنر)

أفلام الكوارث جواً وبحراً وبرّاً

مع استمرار حرائق لوس أنجليس الكارثية يتناهى إلى هواة السينما عشرات الأفلام التي تداولت موضوع الكوارث المختلفة.

محمد رُضا (بالم سبرينغز)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.