دورية روسية ـ تركية شرق الفرات و«انتهاكات متقطعة» لهدنة إدلب

عناصر الدفاع المدني في مسجد في بنش بريف إدلب شمال سوريا (أ.ف.ب)
عناصر الدفاع المدني في مسجد في بنش بريف إدلب شمال سوريا (أ.ف.ب)
TT

دورية روسية ـ تركية شرق الفرات و«انتهاكات متقطعة» لهدنة إدلب

عناصر الدفاع المدني في مسجد في بنش بريف إدلب شمال سوريا (أ.ف.ب)
عناصر الدفاع المدني في مسجد في بنش بريف إدلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

سيّرت القوات التركية والروسية دورية مشتركة جديدة في إطار اتفاق موسكو لوقف إطلاق النار في إدلب الموقّع في 5 مارس (آذار) الماضي.
وتم تسيير الدورية المؤلفة من 6 عربات روسية ومثلها تركية من معبر شيريك الحدودي مع تركيا غرب الدرباسية وتجولت في عدد من القرى وصولاً إلى ريف عامودا قبل أن تعود الآليات التركية إلى داخل الأراضي التركية والآليات الروسية إلى القامشلي.
وتعد هذه هي الدورية الثانية على المسار ذاته خلال 3 أيام سبقت الأولى اتصالاً هاتفياً بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، مساء الأربعاء الماضي، حيث تم بحث التطورات في سوريا وإدلب بشكل خاص.
وشاركت في الدورية الأولى 4 آليات تركية و6 روسية انطلقت من معبر «شيريك» الحدودي، وجابت عدداً من القرى الواقعة على طريق الحسكة – الدرباسية، ومنها إلى قرى أخرى انتهاءً بقرية بهيرة في ريف عامودا الغربي قبل أن تعود مجدداً إلى «شيريك». ويتزامن مع تسيير الدورات تحليق منخفض لمروحيات روسية في أجواء المنطقة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس (الجمعة)، بأن القوات الروسية سيّرت دورية مؤلفة من عدد من العربات العسكرية في محيط بلدة «أبو رأسين» شرق مدينة رأس العين في ريف محافظة الحسكة الشمالي.
في الوقت ذاته تواصلت، الليلة قبل الماضية، الاستهدافات المتبادلة بالرشاشات المتوسطة، بين قوات النظام والمجموعات الموالية له من جهة، وفصائل المعارضة ومجموعات متشددة من جهة أخرى، على محوري سفوهن وفليفل في جبل شحشبو، وجددت قوات النظام قصفها الصاروخي على مناطق في الفطيرة ومحيط البارة بجبل الزاوية مع دخول وقف إطلاق النار بموجب الاتفاق التركي الروسي في موسكو يومه التاسع والعشرين.
وواصل النظام إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية إلى محاور عدة في إدلب، تركزت على كفرنبل وحزارين والفطيرة ومحاور أُخرى في جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي وسراقب في الشرق، فيما واصلت تركيا أيضاً تعزيزاتها العسكرية في شمال وغرب وجنوب إدلب.
بالتوازي، قصفت القوات التركية المتمركزة في قاعدة «الياشلي» تجمعات لقوات النظام في قرية عرب حسن غرب مدينة منبج، الليلة قبل الماضية، ما خلّف بعض الإصابات في صفوف قوات النظام.
وسبق أن شنت الفصائل الموالية لتركيا، الاثنين الماضي، قصفاً مدفعياً على قرية عرب حسن شمال مدينة منبج.
من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس، مقتل 10 من عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية في منطقة «نبع السلام» الخاضعة لسيطرة تركيا والفصائل الموالية لها في شمال شرقي سوريا.
وأشارت الوزارة إلى أن هذه العناصر كانت تعد لتنفيذ الهجوم في جنوب منطقة «نبع السلام»، وأن القوات الخاصة التركية (كوماندوز) نفّذت عملية استهدفتهم وتم خلالها القضاء عليهم.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.