تتضاعف تضحيات لاعبي البطولات الألمانية والإسبانية والإيطالية برواتبهم من أجل التقليل من التأثيرات المالية التي تسبب فيها فيروس كورونا المستجد على أنديتهم، لكن لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز لا يزالون مترددين في أن يحذوا حذوهم، في مقاومة لا تحظى بشعبية كبيرة وتتخذ منعطفا سياسيا.
موقف وصفه رئيس لجنة العموم للثقافة والإعلام والرياضة جوليان نايت بـ«غير مقبول أخلاقيا»، في ترجمة للشعور المتزايد في إنجلترا. وطالب نايت في رسالة إلى الحكومة بفرض ضريبة محددة على الأندية التي تضع «موظفيها من غير اللاعبين على البطالة الجزئية مع الاستمرار في دفع أجور لاعبيها» بشكل طبيعي. وخرج وزير الصحة البريطاني مات هانكوك في مؤتمر صحافي مساء الخميس داعيا لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز والمتهمة أنديتهم بالاستفادة من تدابير الدعم الاقتصادي التي تم تبنيها بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، إلى تخفيض رواتهم.
ويمكن لأصحاب العمل أن يطلبوا من الحكومة دفع 80 في المائة من أجور الموظّفين التي تصل إلى 2500 إسترليني (2700 يورو) شهرياً كحدّ أقصى، وذلك ليتمكّنوا من الاحتفاظ بموظّفيهم وعدم طردهم أثناء تفشّي الوباء. وقال الوزير هانكوك «يحتاج كل شخص إلى لعب دوره» في مكافحة فيروس كورونا المستجد، مضيفا «هذا يعني لاعبي الدوري الممتاز أيضا... وأول ما يتعين عليهم فعله هو الموافقة على تخفيض رواتبهم».
منذ بداية وباء كوفيد - 19. ضاعفت الأندية الإنجليزية عمليات الدعم سواء من خلال التبرعات لبنوك الطعام أو مشاركة لاعبيها ومدربيها في العمليات الخيرية. وجمع مهاجم مانشستر يونايتد ماركوس راشفورد 134 ألف جنيه إسترليني (153 ألف يورو) عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو مبلغ استكمله بأمواله الخاصة للسماح لإحدى الجمعيات بتقديم 400 ألف وجبة للأطفال المحرومين.
ولكن بالنسبة للدوري الممتاز الغني جدا مع 4.8 مليار جنيه إسترليني (5.5 مليار يورو) من إجمالي العائدات السنوية، فإن المساس برواتب اللاعبين يبدو أكثر تعقيدا بشكل غريب من أي مكان آخر في أوروبا. في الدوري الألماني، توصل 16 ناديا من أصل 18 إلى اتفاق مع لاعبيهم بخفض الأجور، ومن المتوقع أن يتبعهما الناديان المتبقيان قريبا. وفي إسبانيا، أعلن لاعبو برشلونة وأتلتيكو مدريد عن تنازلهم عن 70 في المائة من رواتبهم طالما استمرت حالة الطوارئ، وفي إيطاليا، وافق لاعبو يوفنتوس وموظفوهم على تخفيض رواتبهم بنسبة 30 في المائة.
لاعبو الدوري الإنجليزي الممتاز مثل لاعب وسط مانشستر سيتي الدولي الألماني إيلكاي غوندوغان أكدوا استعدادهم للمبادرة ذاتها، وقال غوندوغان في تصريح للتلفزيون الألماني «بالطبع هذا أكيد». ولكن حتى الآن، اتخذ مدربان فقط، هما إيدي هاو (بورنموث) وغراهام بوتر (برايتون)، إجراءات مماثلة، في بادرة سعيا من خلالها كي يكونا مثالا لباقي الفاعلين في الدوري الإنجليزي.
اختيار توتنهام وضع 550 موظفا تحت حماية برنامج البطالة الجزئي الحكومي، كان صادما حتى لو أن رئيسه دانيال ليفي أعلن خفض راتبه وبعض المسؤولين بنسبة 20 في المائة. قرار صدر في اليوم الذي أعلن فيه توتنهام عن أرباح بقيمة 87.4 مليون جنيه إسترليني (نحو 100 مليون يورو) بدون الضرائب لعام 2019. أكثر من أرباح ليفربول وناديي مانشستر (سيتي ويونايتد)، بعد السنة الرائعة للنادي اللندني والتي بلغ فيها المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال أوروبا.
دافعت رابطة اللاعبين المحترفين عن موقفها بالدفاع عن اللاعبين في بيان الخميس متهمة مسؤولي الأندية باستغلال المساعدات العمومية من أجل الحفاظ على المساهمين. وقالت «يجب على الأندية، باعتبارها شركات، التي تستطيع دفع رواتب لاعبيها وموظفيها أن تفعل ذلك»، مضيفة «أي استخدام للمساعدات الحكومية دون الحاجة المالية الحقيقية سيكون على حساب المجتمع ككل ومساهمة اللاعبين في دفع رواتب الموظفين من غير اللاعبين لن يخدم سوى مصالح المساهمين فقط». وتابعت «ندرك جيدا الشعور السائد في الرأي العام بأن اللاعبين يجب أن يدفعوا رواتب الموظفين من غير اللاعبين... نقبل تماما فكرة أن اللاعبين يجب أن يكونوا مرنين ويتقاسموا التأثير المالي لوباء كوفيد 19 من أجل تأمين المستقبل على المدى الطويل لناديهم والرياضة بشكل عام». وختمت «لكن يجب ألا يكون اللاعبون كبش فداء». واعتبر الخبير المالي في كرة القدم كيران ماغواير أن السياسيين يستغلون كرة القدم، موضحا «لا توجه الانتقادات نفسها إلى الصناعة المصرفية... لا توجه ضد المحامين الذين يتقاضون 10 آلاف جنيه في اليوم الواحد، إلى المحاسبين، أو الأموال التي تذهب إلى حسابات خارجية من أجل تجنب دفع الضرائب».
يأتي ذلك في الوقت الذي انبرى فيه لاعبون سابقون في الدوري الإنجليزي الممتاز للدفاع عن زملائهم الحاليين بعد أن طالب سياسيون اللاعبين بخفض رواتبهم في ظل توقف المباريات بسبب فيروس كورونا. وتقرر تعليق جمع أنشطة كرة القدم الاحترافية على مستوى إنجلترا حتى 30 أبريل (نيسان) الجاري على أقل تقدير بسبب العدوى واستغنت عدد من الأندية الكبرى عن بعض العاملين.
وفي وقت سابق قال عضو البرلمان البارز ديفيد لامي وهو من المعارضة «من المؤسف أن لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز لم يتحركوا بسرعة أكبر لخفض رواتبهم». وتواصلت المحادثات بين رابطة اللاعبين المحترفين ورابطة الدوري أمس من أجل التوصل لاتفاق حول كيفية التصرف في ظل هذا الوضع.
ودافع غاري نيفيل قائد مانشستر يونايتد السابق والذي يعمل حاليا كمعلق تلفزيوني ورجل أعمال عن موقف اللاعبين وانتقد وزير الصحة. وكتب نيفيل على «تويتر» «بالتأكيد لاعبو الدوري الممتاز يعملون على بلورة اقتراح لمساعدة الأندية والتجمعات وخدمات الصحة العامة. هذا الأمر يستغرق أكثر من أسبوعين. ويطالبهم مات هانكوك بذلك بينما لم يتمكن من توفير الفحوص للطواقم الصحية».
وقال جوي بارتون لاعب مانشستر سيتي ونيوكاسل يونايتد السابق إن هانكوك يسعى لتحويل الانتباه إلى كرة القدم. وكتب بارتون وهو مدرب فريق فليتوود تاون في دوري القسم الثالث عبر «تويتر» «معاناة الخدمات الصحية الوطنية من نقص التمويل وسوء الإدارة المستمر منذ عقود هو خطأ لاعبي الدوري الممتاز. انتبهوا هذا هو تحويل الانتباه بعيدا عن الطريقة المروعة التي تتعامل بها الحكومة مع الوباء».
وقال غاري لينيكر مهاجم منتخب إنجلترا السابق وهو حاليا مذيع تلفزيوني إنه يجب منح اللاعبين وقتا لاتخاذ مثل هذا القرار. وردا على أراء تحدثت عن قيام لاعبي إيطاليا وإسبانيا بتضحيات كبيرة في هذا المجال فال لينيكر «سبقتنا إيطاليا وإسبانيا بضعة أسابيع في ذلك كما يعلم الجميع». وأضاف «امنحوا اللاعبين فرصة للمساعدة في هذا الموقف. وأنا على ثقة بأنهم سيفعلون الصواب. وإن لم يحدث ذلك فسأكون أنا أشد المنتقدين لهم. دعونا نرى قبل أن نصدر الأحكام».
لاعبو الدوريات الأوروبية يضحون برواتبهم... والإنجليز ما زالوا ممتنعين
لاعبون سابقون يدافعون عن زملائهم وتجاهلهم التأثيرات المالية التي تسبب فيها الفيروس
لاعبو الدوريات الأوروبية يضحون برواتبهم... والإنجليز ما زالوا ممتنعين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة