العالم يلتئم الأربعاء في روما لمناقشة مستقبل التغذية

مسؤولون أمميون لـ «الشرق الأوسط»: نقص التوعية سبب رئيسي للمشكلة

مقر منظمة الأغذية والزراعة في روما
مقر منظمة الأغذية والزراعة في روما
TT

العالم يلتئم الأربعاء في روما لمناقشة مستقبل التغذية

مقر منظمة الأغذية والزراعة في روما
مقر منظمة الأغذية والزراعة في روما

استعدادا لعقد المؤتمر الدولي الثاني المعني بالتغذية ICN2 في روما على المستوى الوزاري في الفترة من 19 إلى 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، الذي يشارك فيه مسؤولون من 155 دولة، عقد مسؤولون من منظمة الأغذية والزراعة (فاو) ومنظمة الصحة العالمية جلسة حوار بالقاهرة أمس من أجل عرض أهم المحاور التي سيناقشها المؤتمر.
وحضر عن منظمة الأغذية والزراعة الدكتور عبد السلام ولد أحمد، المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والدكتورة فاطمة هاشم، خبيرة تغذية وحماية المستهلك، وعن منظمة الصحة الدكتورة هيفاء ماضي، مديرة رعاية الصحة، والدكتور أيوب الجوالدة، المستشار الإقليمي للتغذية لشرق المتوسط. إضافة إلى الدكتورة عقيلة صالح، منسقة ومؤسسة مركز الأمن الغذائي في مصر. في حضور عدد مختار من وسائل الإعلام العربية.
وخلال الجلسة استعرض المسؤولون مشكلات سوء التغذية في العالم على وجه العموم، والمتفاقمة في منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص. موضحين أن هناك أكثر من ملياري شخص يعانون من سوء التغذية حول العالم، ما يمثل نحو 30 في المائة من إجمالي سكان الأرض.
وسألت «الشرق الأوسط» عما يمكن أن يقدمه المؤتمر المقبل في روما أبعد من التوصيات غير الملزمة، خاصة أن جانبا من مشكلة سوء التغذية في المنطقة العربية يعود إلى جوانب تتعلق بسياسات دولية واحتكار الشركات العالمية لكثير من المنتجات، وعما إذا كان من الممكن أن تمارس المنظمات الأممية دورا رقابيا من أجل تفعيل قراراتها، وأجابت الدكتورة هيفاء ماضي بأن أحد مخرجات هذا المؤتمر ستكون إعلان البنود والتوصيات، بالإضافة إلى إطار عمل لمساعدة الدول على تطبيق التوصيات، مشددة على أنه من المهم بعد أن تخرج تلك الأمور متابعة كيفية تطبيقها من الدول، كل بحسب احتياجاته وإمكاناته، وأن هذا هو واجب منظمات الأمم المتحدة بتقديم الدعم التقني والفني حتى تتمكن الدول من خدمة مواطنيها.
وعقب الدكتور عبد السلام ولد أحمد بأن هناك إطارا وتوافقا عالميين موجودين حول ضرورة معالجة أسباب المشكلة، مؤكدا ضرورة أن تتحمل الدول نفسها مسؤولياتها وتدعم الزراعات الصغيرة. موضحا أن أحد الحلول المطروحة لمواجهة المشكلة هو برنامج «الزراعة الأسرية» الذي غالبا ما يساهم في توفير الغذاء السليم والصحي، مبديا أسفه لتراجع مشروعات الزراعة الصغيرة على مدار الأعوام الماضية. وأضاف ولد أحمد أن الجميع على سبيل المثال دائما ما يقولون إن معدل نمو 7 في المائة جيد، لكن الأهم هو أين تذهب هذه الـ7 في المائة.
وقالت الدكتورة عقيلة صالح، إن حضور دول العالم من شأنه أن يعطي قوة لتوصيات المؤتمر والإعلان الصادر عنه. منوهة إلى أن مصر على سبيل المثال، قامت باتباع كثير من توصيات المؤتمر الأول الذي عقد عام 1992. ورغم عدم إمكانية تطبيق كافة تلك التوصيات نتيجة ظروف كثيرة، إلا أن كثيرا منها قد تحسن بدرجة كبيرة.
وأكدت الدكتورة عقيلة لـ«الشرق الأوسط» تفاؤلها بتجاوز الأزمة في مصر على وجه التحديد، مشيرة إلى ما تبذله مختلف الوزارات من جهود مشتركة لتخطي الأزمة، واهتمام القيادة السياسية بها إلى أبعد مدى.
وعن دور سوء التوعية في أزمة سوء التغذية في المنطقة العربية، قال الدكتور أيوب الجوالدة لـ«الشرق الأوسط» إنه يدينه بنسبة أكثر من 90 في المائة، وأوضح أنه على سبيل المثال فإن الرضاعة الطبيعية وحدها خلال أول 6 أشهر من عمر المولود كافية لتغذية سليمة للطفل حديث الولادة وحمايته من الأمراض.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».