بدء تبادل السجناء بين الحكومة الأفغانية و«طالبان»

الحركة تعلن وقف إطلاق النار في المناطق المتأثرة بـ«كورونا»

جندي من الجيش الأفغاني في نقطة تفتيش قرب قاعدة «باغرام» الجوية شمال كابل (رويترز)
جندي من الجيش الأفغاني في نقطة تفتيش قرب قاعدة «باغرام» الجوية شمال كابل (رويترز)
TT

بدء تبادل السجناء بين الحكومة الأفغانية و«طالبان»

جندي من الجيش الأفغاني في نقطة تفتيش قرب قاعدة «باغرام» الجوية شمال كابل (رويترز)
جندي من الجيش الأفغاني في نقطة تفتيش قرب قاعدة «باغرام» الجوية شمال كابل (رويترز)

بدأت الحكومة الأفغانية، أمس الخميس، عملية تبادل إطلاق سراح سجناء من «طالبان» ومن أفراد الأمن الأفغاني، حسب مصادر الحكومة الأفغانية وحركة «طالبان». وقال مسؤول كبير في مكتب الرئيس أشرف غني: «تقرر هذا الصباح (أمس) إطلاق سراح 100 سجين من (طالبان) مقابل 20 من أفراد الأمن الأفغاني اليوم». وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول الحديث إلى الإعلام، كما نقلت عنه «رويترز»، أن أسماء المفرج عنهم أرسلت إلى سلطات السجون. وقالت «طالبان» إن عملية التبادل تبدأ هذا الأسبوع حيث يعكف الجانبان على صياغة التفاصيل الفنية واللوجيستيات لاستقبال السجناء وسط تفشي فيروس «كورونا». وكان قال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم «طالبان»، الذي أعلن أيضاً عن وقف إطلاق النار في بعض المناطق المتأثرة بوباء «كورونا»: «تحتاج الأمور الفنية بعض الوقت. أعتقد أن إطلاق سراح 100 من مقاتلي (طالبان) و20 من أفراد قوات الأمن الأفغانية سيتم في وقت ما غداً أو بعد غد».
وأكد الجانبان أن سجناء «طالبان» سيطلق سراحهم من قاعدة «باغرام» العسكرية شمال العاصمة كابل، لكن موقع إطلاق سراح قوات الأمن الأفغانية لم يُحدد بعد.
ويمثل الإفراج عن 100 من مقاتلي «طالبان» الخطوة الأولى نحو تبادل 6 آلاف سجين محتجزين لدى الحكومة الأفغانية و«طالبان» ضمن إجراءات بناء الثقة المهمة لنجاح اتفاق سلام بين الولايات المتحدة و«طالبان» لإنهاء نحو عقدين من الحرب.
ووصل فريق من «طالبان» مؤلف من 3 أشخاص إلى كابل يوم الثلاثاء الماضي لبدء عملية تبادل السجناء، واجتمعوا مع مسؤولين أفغان رغم العزل الصحي واسع النطاق لمكافحة فيروس «كورونا» بعد تسجيل 239 حالة إصابة و4 وفيات بالمرض في أفغانستان.
وأوضح المتحدث باسم «طالبان» لوكالة الصحافة الفرنسية أن «فريقاً تقنياً» موجود في كابل من أجل تسهيل عملية التبادل فقط، وليس لإجراء مزيد من المفاوضات. وأضاف: «السجناء الذين سيفرج عنهم يجب أن يكونوا أولئك الذين ترد أسماؤهم على القائمة... لهذا السبب فريقنا التقني هناك... لا تجري مفاوضات، ولن تجرى أي محادثات سياسية هناك».
وقال مصدران في حركة «طالبان»، أحدهما من مجلس القيادة والآخر من المكتب السياسي للحركة في الدوحة، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن وفد «طالبان» الذي يضم 3 أفراد سافر من كويتا في باكستان إلى قندهار ليل الاثنين ومن ثم إلى كابل.
وتريد «طالبان» إطلاق سراح 5 آلاف من سجنائها قبل عقد محادثات مع الحكومة الأفغانية.
كما أعلنت «طالبان» أنها ستوقف إطلاق النار في المناطق التي ستتأثر بفيروس «كورونا» المستجدّ (كوفيد19)، في محاولة للسماح للفرق الطبية بتوفير خدمات الرعاية الصحية. ونقلت وكالة أنباء «خاما برس» الأفغانية أمس الخميس، عن ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم «طالبان»، قوله في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إن «طالبان» ستوقف إطلاق النار في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بشرط أن تكون تلك المناطق تعاني من تفشي فيروس «كورونا». وأضاف مجاهد، في تصريحاته كما نقلت عنه وكالة الأنباء الألمانية، التي تأتي مع استمرار جهود الوصول إلى تسوية سياسية تفاوضية لإنهاء الحرب في أفغانستان، أنه يجب عدم تفسير هذه الخطوة من جانب الجماعة على أنها عمل لوقف إطلاق النار.
يذكر أن تخفيف حدة العنف هو من بين الشروط الرئيسية التي تضمنها اتفاق السلام الذي تم توقيعه بين الولايات المتحدة و«طالبان» في أواخر شهر فبراير (شباط) الماضي. ونص الاتفاق الذي لم تشارك فيه الحكومة الأفغانية، على الإفراج عن 5 آلاف سجين لـ«طالبان» مقابل إطلاق الحركة المتمردة ألف أسير موالين للحكومة. ويقول محلّلون إن انعدام التوازن في أعداد الأسرى والسجناء يجعل الصفقة تصب في مصلحة «طالبان».
وكان قد أجرى ممثلون للحكومة الأفغانية للمرة الأولى محادثات مباشرة في كابل مع وفد من حركة «طالبان» لبحث تبادل السجناء من أجل الدفع قدماً بعملية السلام المتعثّرة، وفق ما أفاد به مسؤولون الأربعاء. وكان الطرفان التقيا الثلاثاء ومجدداً الأربعاء لبضع ساعات لإجراء محدثات بإشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حسبما ذكر مجلس الأمن القومي الأفغاني في تغريدة.
وأعلن المجلس أن «الطرفين أجريا مفاوضات مباشرة حول إطلاق أسرى قوات الدفاع الوطني الأفغاني وعناصر قوات الأمن وكذلك سجناء لـ(طالبان)».
وهذه هي المرة الأولى التي تدعى فيها الحركة المسلحة المتشددة إلى كابل لعقد لقاء مباشر مع مسؤولين في الحكومة الأفغانية منذ إطاحة القوات الأميركية نظام «طالبان» إبان الغزو الأميركي لأفغانستان في عام 2001. وكان الطرفان بحثا سابقاً تبادل الأسرى والسجناء في محادثات أجريت بواسطة تقنية الفيديو.
التقى الطرفان في فندق «سيرينا» الفخم في وسط كابل الذي شهد هجمات عدة تبنتها «طالبان» خلال الحرب التي اندلعت قبل 18 عاماً.
وكان من المفترض أن تتم عملية التبادل بحلول 10 مارس (آذار) الماضي؛ وهو الموعد الذي كان من المقرر أن تبدأ فيه المحادثات بين الطرفين. لكن الخلافات السياسية الداخلية في كابل أرجأت إطلاق السجناء.
في الأثناء؛ شهدت الأوضاع الأمنية تدهوراً بعدما شنّت «طالبان» هجمات أوقعت الأحد 20 قتيلاً على الأقل في صفوف قوات الأمن الأفغانية.
والأربعاء، قُتل 7 مدنيين على الأقل بينهم 6 أطفال في انفجار لغم كان مزروعاً على جانب الطريق في ولاية هلمند، وحمّلت السلطات مسؤوليته لـ«طالبان».



معدات عسكرية أميركية يصعب على الأوروبيين تعويضها لأوكرانيا

سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
TT

معدات عسكرية أميركية يصعب على الأوروبيين تعويضها لأوكرانيا

سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)

لا شك في أن تجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة سيكون له تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين التعويض عنها، لكن بعض المجالات أسهل من غيرها مثل القذائف، وفقاً لخبراء قابلتهم «وكالة الصحافة الفرنسية».

يرى «معهد كيل» الألماني أن الولايات المتحدة قدمت بمفردها نحو نصف قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا في المدة من 2022 إلى 2024.

ويقول مصدر عسكري أوروبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن جزءاً من المساعدات سُلم بالفعل، ولكن إذا لم يشهد الوضع على الجبهة تحولاً في مواجهة الروس، «فسيكون الأمر معقداً في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) المقبلين دون مساعدات جديدة» بالنسبة إلى الأوكرانيين.

ويقول المحلل الأوكراني، فولوديمير فيسينكو، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إذا أخذنا في الحسبان ما تم تسليمه، وما لدينا، وما ننتجه، فإننا قادرون على دعم المجهود الحربي لـ6 أشهر على الأقل من دون تغيير طبيعة الحرب بشكل كبير».

ويرى يوهان ميشال، الباحث في جامعة «ليون3» أنه «في معادلة حرب الاستنزاف: أنت تضحي؛ إما بالرجال، وإما بالأرض، وإما بالذخيرة. وإذا نفدت ذخيرتك، فإنك إما تنسحب، وإما تضحي بالرجال».

وفي ما يلي 4 مجالات عسكرية قد تتأثر بتعليق المساعدات الأميركية:

الدفاع المضاد للطائرات

تتعرض أوكرانيا باستمرار لوابل من الصواريخ والمُسيَّرات ضد مدنها وبلداتها وبنيتها التحتية. تؤدي هذه الهجمات الكبيرة إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية وإجبارها على استخدام كميات كبيرة من الذخيرة.

بعيداً من خط المواجهة، تمتلك أوكرانيا 7 أنظمة «باتريوت» أميركية حصلت عليها من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا، ونظامين أوروبيين من طراز «إس إيه إم بي/ تي (SAMP/T)» حصلت عليهما من روما وباريس لتنفيذ عمليات اعتراض على ارتفاعات عالية. ولدى كييف قدراتها الخاصة، وحصلت على أنظمة أخرى تعمل على مدى أقل.

يقول الباحث الأوكراني ميخايلو ساموس، مدير «شبكة أبحاث الجغرافيا السياسية الجديدة»، وهي مؤسسة بحثية في كييف، إن «الصواريخ الباليستية مهمة جداً لحماية مدننا، وليس قواتنا. لذا، فإن ترمب سيساعد بوتين على قتل المدنيين».

ويشرح ليو بيريا بينييه من «مركز إيفري الفرنسي للأبحاث»: «مع (باتريوت)، كما هي الحال مع جميع الأنظمة الأميركية، لدينا مشكلتان، مشكلة الذخائر، ومشكلة قطع الغيار للصيانة. في ما يخص قطع الغيار، هل سنتمكن من شرائها من الأميركيين وتسليمها للأوكرانيين أم إن الأميركيين سيعارضون ذلك؟ لا نعلم».

لتوفير ذخائر الـ«باتريوت»، تبني ألمانيا أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة، ولكن من غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2027. وسوف تجد أوروبا صعوبة في تعويض أي نقص في هذا المجال.

ويقول ميشال إن «أوروبا تعاني من بعض القصور في هذا المجال؛ فأنظمة (إس إيه إم بي/ تي - SAMP/T) جيدة جداً، ولكنها ليست متنقلة، ويجري إنتاجها بأعداد صغيرة جداً. لا بد من زيادة الإنتاج، حتى ولو كان ذلك يعني تصنيعها في أماكن أخرى غير فرنسا وإيطاليا». لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت. ويؤكد بيريا بينييه أن «العملية كان ينبغي أن تبدأ قبل عامين».

ويضيف يوهان ميشال أن «إحدى طرق التعويض تتمثل في توفير مزيد من الطائرات المقاتلة لتنفيذ عمليات اعتراض جوي وصد القاذفات الروسية التي تضرب أوكرانيا»، فالأوروبيون زودوا أوكرانيا بطائرات «إف16» و«ميراج 2000-5»، وأن لديهم فرصة لزيادة جهودهم في هذا المجال.

ضربات في العمق

يمكن للأسلحة الأميركية توجيه ضربات من مسافة بعيدة خلف خط المواجهة، مما يجعلها بالغة الأهمية بفضل صواريخ «أتاكمس (ATACMS)» أرض - أرض التي تطلقها راجمات «هيمارس (Himars)» التي أعطت واشنطن نحو 40 منها لأوكرانيا.

ويشير ميشال إلى أنها «إحدى المنصات القليلة في أوروبا». ويقول بيريا بينييه إن «أولئك الذين يملكونها يبدون مترددين في التخلي عنها، مثل اليونانيين».

ويقترح ميشال «أنظمة تشيكية، ولكنها أقل شأناً. يتعين على الأوروبيين أن يطوروا بسرعة أنظمة خاصة بهم، أو؛ إذا كانوا غير قادرين على ذلك، أن يشتروا أنظمة كورية جنوبية».

ويشير ساموس إلى أن هناك إمكانية لتوجيه ضربات عميقة من الجو، ولدى «الأوروبيين والأوكرانيين الوسائل التي تمكنهم من ذلك»، مثل صواريخ «سكالب» الفرنسية، و«ستورم شادو» البريطانية. ولكن بيريا بينييه ينبه إلى أن «المشكلة هي أننا لسنا متأكدين على الإطلاق من أن هناك أوامر أخرى صدرت بعد تلك التي أُعلن عنها».

القذائف المدفعية والأنظمة المضادة للدبابات

في هذا المجال، الأوروبيون في وضع أفضل. يقول ميشال: «ربما يكون مجال الأسلحة المضادة للدبابات هو الذي طور فيه الأوكرانيون أنظمتهم الخاصة. فالصواريخ، مثل صواريخ (جافلين) الشهيرة التي زودتهم بها الولايات المتحدة، تكمل أنظمة المُسيَّرات (إف بي في - FPV) بشكل جيد».

وفي ما يتعلق بالمدفعية، يشير بيريا بينييه إلى أن «أوروبا حققت زيادة حقيقية في القدرة الإنتاجية، وأوكرانيا في وضع أقل سوءاً».

في أوروبا، تسارعت وتيرة إنتاج القذائف وتسليمها إلى أوكرانيا، ويخطط الاتحاد الأوروبي لإنتاج قذائف عيار 155 مليمتراً بمعدل 1.5 مليون وحدة بحلول عام 2025، وهذا يزيد على 1.2 مليون وحدة تنتجها الولايات المتحدة.

الاستطلاع والاستعلام

تشتد الحاجة إلى الولايات المتحدة في هذا المجال الأساسي بفضل أقمارها الاصطناعية وطائراتها ومُسيَّراتها التي تجمع المعلومات وتعالجها.

ويقول فيسينكو: «من المهم جداً أن نستمر في تلقي صور الأقمار الاصطناعية».

ويشير ميشال إلى أن «الأوروبيين لديهم بعض الأدوات، ولكنها ليست بالحجم نفسه على الإطلاق، وكثير منهم يعتمد بشكل كامل على الولايات المتحدة في هذا المجال».