أرقام البطالة تنافس حصيلة وفيات الوباء في إسبانيا

أرقام البطالة تنافس حصيلة وفيات الوباء في إسبانيا
TT

أرقام البطالة تنافس حصيلة وفيات الوباء في إسبانيا

أرقام البطالة تنافس حصيلة وفيات الوباء في إسبانيا

لم يعد تحطيم الرقم القياسي لعدد الوفيّات اليومية الناجمة عن «كوفيد - 19» خبراً بارزاً في إسبانيا التي تتجاوزه كل يوم تقريباً منذ بداية هذه الأزمة التي أوقعت حتى الآن أكثر من 10 آلاف ضحّية. لكن بعد أن بلغ هذا العدد 950 في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، وتجاوزت الإصابات الإجمالية عتبة المائة ألف في البلاد على بعد أيام قليلة من بلوغ الذروة التي يتوقّعها الخبراء نهاية هذا الأسبوع، أعلنت الحكومة أن أزمة كورونا وما تبعها من تدابير ضمن حالة الطوارئ العامة قد وجّهت ضربة مدمّرة غير مسبوقة لسوق العمل سوف تقتضي جهداً استثنائياً وطويل الأمد للنهوض منها. وأفادت وزيرة العمل أن 835 ألف شخص فقدوا فرص عملهم منذ بداية الأزمة، منهم 300 ألف في الشهر الماضي، وأن العدد الإجمالي للعاطلين عن العمل الذي بلغ 3.5 مليون مرشّح للارتفاع في الأشهر المقبلة .
وفي إيطاليا، تترقّب الأوساط الاقتصادية بقلق شديد الأرقام الأخيرة لعدد العاطلين عن العمل بعد أن أعلنت الحكومة يوم الأربعاء أن إجمالي الناتج المحلي تراجع بنسبة 10 في المائة في الفصل الأول من هذا العام. وتوقّعت تراجعاً مماثلاً في الأشهر الثلاثة المقبلة. وكان رئيس الحكومة جيوزيبّي كونتي قد حذّر أمس من التراخي في تطبيق تدابير الوقاية والعزل وحظر التحركات غير الضرورية خشية تضييع الجهود والتضحيات التي بُذلت حتى الآن، وقال إن المرحلة الثانية هي للتعايش مع الفيروس لفترة طويلة نسبياً قبل أن تعود عجلة الحياة إلى طبيعتها.
وأمام الضغط الكبير الذي تتعرّض له الحكومة الإيطالية لاستئناف النشاط الاقتصادي نظراً لفداحة الخسائر الناجمة عن شلّ عجلة الإنتاج، كشفت وزارة الصحة أنها تدرس خطة لتحديد الأشخاص الذين صاروا يملكون مناعة في وجه «كوفيد - 19» ليكونوا أساس الدفعة الأولى من الذين سيتولّون إعادة الحركة الى الحياة الاقتصادية والإدارية .
وفيما تواصل إسبانيا وإيطاليا جهودهما المضنية في ظروف مأساوية لاحتواء الوباء والتصدّي لتداعياته المدمّرة، ويرتفع منسوب الإحباط والخيبة في هذين البلدين من عدم التضامن الذي أبدته حتى الآن بلدان الشمال الأوروبي في هذه الأزمة، جاءت مؤشرات أمس من بروكسيل تنذر بتغيير في الموقف الأوروبي العام بعد أن فشلت القمة الأوروبية يوم الاثنين الماضي للمرة الثانية على التوالي في الاتفاق على خطة مشتركة لمواجهة تداعيات الأزمة .
وبعد أن أدركت أوروبا أن فشل القمة للمرة الثالثة في توحيد الموقف لمعالجة تداعيات هذه الأزمة التي وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية بأنها «أكبر مأساة في تاريخ القارة منذ نهاية الحرب العالمية»، أعلنت أورسولا فون در لاين عن إنشاء صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو لتغطية البطالة في بلدان الاتحاد الأكثر تضرّراً من الأزمة، خصوصا إيطاليا وإسبانيا اللتين تجرّان تداعيات قاسية من أزمة العام 2008 والأكثر تضرّراً من الأزمة الراهنة .
وفي تطوّر لافت بعد الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها دول الشمال الأوروبي، وبخاصة هولندا، بسبب من موقفها في القمة الأخيرة، قال وزير المال الهولندي إنه لم يظهر التعاطف الكافي مع بلدان الجنوب، بينما أعلن رئيس الوزراء مارك روتّيه أنه مستعد لإعادة النظر في موقفه من الاقتراح الذي كانت هولندا رأس الحربة في رفضه يوم الاثنين الماضي. وكانت بعض الأحزاب المشاركة في الائتلاف المحافظ الحاكم في هولندا قد انتقدت موقف الحكومة في القمة الأوروبية الأخيرة ودعت إلى المزيد من التعاضد مع بلدان الجنوب في مواجهة الأزمة.
وفي ألمانيا ناشد حزب الخضر، المشارك في الائتلاف الحاكم، المستشارة أنجيلا ميركل ورئيسة المفوضية الأوروبية فون در لاين الموافقة على اقتراح إصدار «سندات كورونا» لتمويل خطة الإنقاذ في دول الاتحاد بعد انتهاء الأزمة.
وخشية من التداعيات السياسية للخيبة العارمة من الموقف الأوروبي على المشهد الإيطالي بعد انتهاء الأزمة، خاصة وأن المعارضة اليمينية المتطرفة مرشّحة للفوز في الانتخابات المقبلة، وجّهت رئيسة المفوضية رسالة اعتذار إلى الإيطاليين في مقالة نشرتها الصحف الإيطالية أمس الخميس تحت عنوان «إيطاليا، نطلب منك المعذرة» جاء فيها «أن إيطاليا هي، إلى جانب إسبانيا، الدولة الأكثر تضرّراً من هذه الأزمة، لكنها أيضاً مصدر الإلهام بالنسبة لنا جميعاً لما أبدته من تضحيات وجهود جبّارة يقوم بها أطباؤها ومؤسساتها». وقالت فون در لاين إن هذه الأزمة هي الامتحان الذي لا يمكن لأوروبا أن تفشل فيه، وإن «القرارات التي نتخذّها اليوم سيتذكّرها أولادنا وأحفادنا، وهي التي ستحدد معالم أوروبا الغد».
ومع تزايد النقص الحاد في مستلزمات الوقاية الصحيّة في معظم الدول الأوروبية، خاصة في إيطاليا وإسبانيا، أفادت مصادر المفوضّية بأن جهوداً كثيفة تُبذل منذ أسابيع لتحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المواد في الاتحاد الأوروبي الذي يعتمد بنسبة عالية على إمدادات السوق الصينية التي تنتج حالياً حوالي 150 مليون كمامة. وكانت بلدان أوروبية عدة مثل إيطاليا وإسبانيا وهولندا وتشيكيا قد أعادت شحنات من المستلزمات الصحية المستوردة من الصين لعدم صلاحيتها.
وقالت مصادر المفوضّية إنها تتوقّع تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المواد في غضون أشهر عندما ستزداد الحاجة إليها مع تخفيف إجراءات العزل وعودة الحياة تدريجيّاً إلى طبيعتها .
وفي سياق الهواجس الأمنية التي تعتمل داخل هذه الأزمة، والتي بدأت تظهر بعض عوارضها في عدد من الدول الأوروبية، قال الأمين العام لمنظمة حلف شمال الأطلسي جنز ستولتنبرغ في مقابلة صحافية أمس: «ينبغي الحذر من أن يخطئ البعض في حساباتهم. الحلف الأطلسي على جهوزيّة تامة لمنع تحوّل هذه الأزمة الصحيّة إلى أزمة أمنية». ووجّه تحذيراً مباشراً إلى موسكو بقوله: «لتكن روسيا على يقين من أن الحلف يحافظ على قدراته كاملة في هذه الأزمة».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.