شاشة الناقد: The Platform

مشهد من «المنبر»
مشهد من «المنبر»
TT

شاشة الناقد: The Platform

مشهد من «المنبر»
مشهد من «المنبر»

> الفيلم: The Platform
> إخراج: غالدر غاتزيلو - أوريوتيا
> دراما سياسية | إسبانيا 2020
> تقييم الناقد: (جيد)

نحن في سجن ما في مكان ما يختلف عن باقي السجون حول العالم في أنه عمودي. يتألف من 200 دور. كل دور فيه سجينان متقابلان. بينهما فجوة مفتوحة. في وقت معيّن من كل يوم تهبط فيه مائدة آتية من الطابق الأعلى. بما أن شخصيتي الفيلم اللتين تظهران في البداية، وحتى نصف الساعة الأولى قبل أن ينفرد أحدهما بالظهور وحده، في الطابق 48 فإن عليهما تناول ما بقي من فضلات الطعام التي مرّت على الطوابق العلوية كلها. مدة بقاء المائدة في كل طابق نحو دقيقتين قبل أن تهبط المائدة إلى الأدوار السفلى. بذلك قد لا يصل شيء من الطعام للطوابق الكامنة في قاع السجن.
الرجلان هما غورنغ (إيفان ماساجيو) وتريماسي (زوريون إغوليور). الأول جاء متطوّعاً معتقداً أنه يستطيع أن يمضي ستة أشهر في هذا المعتقل مقابل الحصول على شهادة عليا. الثاني (أكبر سناً) أمضى سنوات عدة في المكان وبات أليفاً له، علماً بأن موعد إطلاق سراحه بات قريباً. وراء القناع المخادع لتريماسي معرفة بشروط الحياة في ذلك المكان. سريعاً ما يستغل تعرّض غورنغ لغاز منوّم فيربطه ويسد فمه بكمامة واعداً بقطع لحمه ليأكله. ستساعد غورنغ امرأة تهبط على مائدة الغداء في اليوم التالي فتخلصه من قيوده ثم تبدأ بتناول لحم تريماسي وسط تقزز وقرف غورنغ والمشاهد معاً. لا ينتهي الفيلم هنا، بل تبدأ جولاته اللاحقة التي تكشف عن كابوس مخيف قد يكون، في نهاية الأمر حقيقي أو لا.
الحوار بين السجينين يبقى الأهم في الكشف عن المضامين الاجتماعية التي في بال المخرج (الإسباني) غالدر غاتزيلو - أوريوتيا وكاتبيه (بدرو ريفييرا وديفيد ديزولا). إشارات واضحة حول من يملك ومن لا يملك والحياة الخالية من العدالة الاقتصادية والاجتماعية والمليئة بالضغينة لا ضد المهيمنين فقط، بل ضد قطاعات الناس المشبعة بالعوز أيضاً. غورنغ يؤمن بعدالة تستطيع أن تحل كل مشاكل الحياة بمحو الفوارق بين الطبقات. تريماسي يسخر من ذلك لأنه ما عاد يؤمن إلا باستمراريته. وهو إذ يشكو، في الوقت ذاته من الحياة التي اضطر إليها لمجرد أنه قتل مهاجراً (كما قال كما لو أن قتل المهاجر أمر لا يستحق العقاب) مستعد لمعاملة من في الأدوار التحتية باستعلاء ناتج عن حاجته للشعور بالتفوّق والتميّز علماً بأن تميّزه محدود للغاية.
تم تصوير الفيلم في الأشهر الأولى من عام 2019 وشهد عرضه الأول في سبتمبر (أيلول) من السنة ذاتها في مهرجان تورونتو ثم آوى إلى رفوف «نتفلكس» إلى أن تم إطلاقه الآن كون الفرصة مواتية للحديث عن أناس محجوزين داخل جدرانهم كما حال الكثيرين اليوم. التوقيت مناسب فقط من حيث المقاربة بين فكرة السجون (المؤلفة من طوابق كالمباني السكنية) والعزلة التي فرضها وباء كورونا وجعل ملايين الناس تلتزم بيوتها.


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

وثائقي ينقل بعيون إسرائيلية وفلسطينية واقع الاستيطان في الضفة الغربية

المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
TT

وثائقي ينقل بعيون إسرائيلية وفلسطينية واقع الاستيطان في الضفة الغربية

المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)

بعد أن أحدث ضجة كبيرة في مهرجان برلين السينمائي أوائل العام، يُطرح في صالات السينما الفرنسية الأربعاء الوثائقي «لا أرض أخرى» No Other Land الذي صوّرت فيه مجموعة من الناشطين الإسرائيليين والفلسطينيين لخمس سنوات عملية الاستيطان في مسافر يطا في منطقة نائية بالضفة الغربية.

وقد فاز الفيلم بجائزة أفضل وثائقي في مهرجان برلين السينمائي، فيما اتُّهم مخرجاه في ألمانيا وإسرائيل بمعاداة السامية بعدما قالا عند تسلّم جائزتهما إن الوضع الذي يعكسه الوثائقي هو نظام «فصل عنصري».

أحد مخرجي العمل، باسل عدرا، ناشط فلسطيني ولد في مسافر يطا، وهي قرية تتعرض لهجمات متكررة من المستوطنين. أما الآخر، يوفال أبراهام، فهو إسرائيلي يساري كرّس حياته للعمل في الصحافة.

ويستعرض المخرجان الثلاثينيان في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية محطات إنجاز هذا الوثائقي، ويكرران المطالبة بإنهاء الاستيطان.

سيارات لفلسطينيين أحرقها مستوطنون في ضواحي رام الله (د.ب.أ)

يقول يوفال أبراهام عن الفصل العنصري: «من الواضح أنه ظلم! لديك شخصان (أبراهام وعدرا) من العمر نفسه، يعيشان في ظل نظامين تشريعيين مختلفين، تفرضهما دولة واحدة. لا أعتقد أن هذا يجب أن يوجد في أي مكان في العالم في عام 2024 (. .. ) لا يجوز أن يعيش الفلسطينيون في هذه الظروف، تحت سيطرة جيش أجنبي. يجب أن يتمتع كلا الشعبين بحقوق سياسية وفردية، في إطار تقاسم السلطة. الحلول موجودة ولكن ليس الإرادة السياسية. آمل أن نرى خلال حياتنا نهاية هذا الفصل العنصري (...) اليوم، من الصعب جدا تصور ذلك».

وعن اتهامه بمعاداة السامية قال: «هذا جنون! أنا حفيد ناجين من المحرقة، قُتل معظم أفراد عائلتي خلال الهولوكوست. أنا آخذ عبارة معاداة السامية على محمل الجد، وأعتقد أن الناس يجب أن يتساءلوا لماذا أفرغوها من معناها من خلال استخدامها لوصف أولئك الذين يدعون إلى وقف إطلاق النار، وإنهاء الفصل العنصري أو إلى المساواة (...). إنها ببساطة طريقة لإسكات انتقادات مشروعة للغاية. معاداة السامية أمر حقيقي يسجل تزايدا في جميع أنحاء العالم. لذا فإن استخدام هذه العبارة كيفما اتفق فقط لإسكات الانتقادات الموجهة إلى دولة إسرائيل، أمر خطر للغاية بالنسبة لليهود».

وعن اكتفاء الوثائقي بعرض وجهة نظر واحدة فقط ترتبط بالفلسطينيين المطرودين من أرضهم، أوضح أبراهام: «لكي يكون الفيلم حقيقيا، يجب ألا يخلط بين التماثل الزائف (بين وجهتي نظر المستوطنين والفلسطينيين) والحقيقة. ويجب أن يعكس عدم توازن القوى الموجود في المكان. ما كان مهما بالنسبة لنا هو إظهار الاضطهاد المباشر للفلسطينيين.

عندما تنظر إلى مسافر يطا، فإن الخلل في التوازن لا يُصدّق: هناك مستوطنون موجودون هناك بشكل غير قانوني بحسب القانون الدولي، ويحصلون على 400 لتر من المياه في المعدل، بينما يحصل الفلسطينيون المجاورون على 20 لترا. يمكنهم العيش على أراضٍ شاسعة بينما لا يحظى الفلسطينيون بهذه الفرصة. قد يتعرضون لإطلاق النار من الجنود عندما يحاولون توصيل الكهرباء. لذا فإن عرض هذا الوضع غير العادل، مع هذا الخلل في توازن القوى، من خلال وضعه في منظور جانبين متعارضين، سيكون ببساطة أمرا مضللا وغير مقبول سياسيا».

مشهد من فيلم «لا أرض أخرى» (أ.ب)

* باسل عدرا

من جهته، قال باسل عدرا عن تزايد هجمات المستوطنين بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023: «الوضع سيئ وصعب للغاية، منذ عام لم نعد نعرف ما سيحدث (...) في منطقة جنوب الخليل. هجر البعض بسبب الهجمات، خصوصا في الليل، لكن قرى أخرى مثل قريتي بقيت تحت ضغط هائل، وقُتل ابن عمي برصاصة في البطن، كما رأينا في الفيلم. (المستوطنون) يريدون أن يخاف الناس ويغادروا (...) وهم المنتصرون في هذه الحرب في غزة، وهم الأسعد بما يحدث وبما تفعله الحكومة (الإسرائيلية)».