في نهاية سادس أسبوع من تفشي الوباء في إيران، دافع الرئيس حسن روحاني عن إجراءات حكومته بفرض خطة «التباعد الاجتماعي»، معلناً أن انتشار وباء «كوفيد19» دخل مساراً تنازلياً في أكثر المحافظات الإيرانية، غير أن رئيس «لجنة مواجهة وباء (كورونا)» في طهران قال إن مؤشر الإصابة «لا يزال تصاعدياً»، محذراً من أن «أي تهوين سيؤدي إلى كارثة»، فيما استمرت حصيلة الإصابات الجديدة خلال يوم واحد فوق 3 آلاف.
وقال روحاني في اجتماع الحكومة أمس: «لحسن الحظ؛ مسار تفشي فيروس (كورونا)، أصبح تنازلياً في جميع المحافظات دون استثناء، منذ (أول من) أمس»، معرباً عن السعادة لأن «الناس والأطباء والمختصين اختاروا الطريق الصحيحة».
ووفقاً للإحصائية الرسمية، بلغت حصيلة المصابين بفيروس «كورونا» المستجدّ، أمس، 47 ألفاً و593 حالة، وارتفعت الوفيات إلى 3 آلاف و36 شخصاً، بعدما أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة كيانوش جهانبور، تسجيل 138 وفاة جديدة، و2987 إصابة جديدة مؤكدة خلال 24 ساعة، حسب التلفزيون الرسمي.
وقال وزير الصحة سعيد نمكي على هامش اجتماع الحكومة إن 76 مليون إيراني جرت غربلتهم منذ بداية الوباء قبل شهر ونصف.
وتعني مفردة «غربلة» التي يستخدمها المسؤولون الإيرانيين في التعليق على أزمة «كورونا»، أي مواطن خضع لفحص الحرارة، أو وجّه أسئلة عبر الإنترنت والهاتف، فضلاً عن مجموع المراجعين لمراكز الصحة خلال هذه الفترة.
ونقلت وكالة «ايسنا» عن نمكي قوله: «إحصائيتنا تخطت اليوم 67 مليوناً في أنحاء البلاد»، لافتاً إلى أن 55 مليوناً و450 ألف شخص، جرت (غربلتهم) عبر الهاتف والاتصال بأسرهم، ونحو 11 مليوناً و750 ألفاً عبر الموقع الإلكتروني للوزارة».
وهذه ثاني مرة يعلن فيها الوزير إحصائية من هذا النوع. ففي 22 مارس (آذار) الماضي، نقلت وكالات عن نمكي قوله إن 32 مليوناً جرت «غربلتهم» للتأكد من أعراض «كورونا»، لافتاً إلى أن 60 في المائة من الإيرانيين تجاوبوا مع نداء الوزارة بتجنب السفر في عيد النوروز.
ومع ذلك؛ صرح روحاني، أمس، استناداً إلى وزير الطرق والمواصلات محمد إسلامي، أن السفر بين الإيرانيين في عطلة النوروز تراجع هذا العام بنسبة 80 في المائة، مشيراً إلى تراجع السفر عبر القطار بنسبة 94 في المائة، والحافلات بنسبة 75 في المائة، والطائرات بنسبة 70 في المائة.
ودافع روحاني ضمناً عن تصريحات أدلى بها الأسبوع الماضي عن تخطي إيران ذروة الوباء؛ الأمر الذي أطلق موجة انتقادات واسعة ضد موقف حكومته الرافض الحجر الصحي، مما دفعها إلى إعلان خطة مشددة بتنفيذ إجراءات «التباعد الاجتماعي» لفترة أسبوع، قبل أن تقرر تمديدها أسبوعاً آخر أول من أمس.
في 16 مارس الماضي، نقل الحساب الرسمي للناطق باسم الرئاسة الإيرانية، ووكالات شبه رسمية، عن روحاني قوله لدى ترؤسه اجتماع «اللجنة الوطنية لمكافحة (كورونا)» إن بلاده «انتصرت» على ذروة تفشي الفيروس، لكن بعد ساعات اتهم المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي، وسائل إعلام خارجية بـ«تحريف» أقوال روحاني.
وأشار روحاني، أمس، إلى «تجاوز الذروة في أكثر المحافظات إلى الأيام الأولى من عيد النوروز (قبل نحو أسبوعين)»، مشدداً على أن محافظات كثيرة «تخطت الذروة حينذاك وبدأت المسار التنازلي»، وتابع أن «إيران استفادت من تجارب الدول الأخرى، لكنها لم تتبع النموذج الصيني في فرض الحجر الصحي، ولم تتبع النموذج الفرنسي؛ بل نفذت خطة المختصين في البلد».
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن روحاني قوله: «اتخذنا قرارات صارمة حتى الآن، وقد نتخذ قرارات أكثر صرامة إذا ما اقتضت الحاجة، للحد من انتشار (كورونا)، كما اتخذنا قراراً منذ الشهر الماضي باستخدام إمكانات القوات المسلحة لمكافحة جائحة (كورونا) في البلاد».
ولفت روحاني إلى أن حكومته قيدت التنقل بين الإيرانيين، منذ السبت الماضي، مع بدء الخطوة الثانية من خطة «التباعد الاجتماعي»، لافتاً إلى تراجع السفر بنسبة 30 في المائة.
وعلى خلاف روحاني، نقلت وكالة «ايسنا» الحكومية عن وزير الصحة سعيد نمكي أن خطة «التباعد الاجتماعي» ستمتد لأسبوع آخر، مشيراً إلى أن الوزارة تخطط لخطوة ثانية في «التباعد الاجتماعي»، باسم «التباعد الذكي» تهدف إلى إعادة نشاط الأعمال والمهن وبعض المراكز العلمية والثقافية والمراكز الدينية.
وعلى نقيض تصريحات روحاني عن تراجع الوباء، قال علي رضا زالي، رئيس «لجنة مواجهة وباء (كورونا)» في العاصمة الإيرانية طهران، إن مؤشر الإصابة «لا يزال تصاعديا»، محذرا من أن «أي تهوين سيؤدي إلى كارثة» وطالب بضرورة تجنب «وباء المجاملة» واللجوء إلى أساليب قهرية لإجبار الإيرانيين على الامتثال للتعليمات الصحية.
وحذر زالي بأن خروج الإيرانيين إلى المتنزهات والحدائق، في اليوم الأخير من عطلة النوروز الذي صادف أمس، «بإمكانه أن يكون بداية سيناريو مرير يستمر لما بعد أسبوعين».
اقتصادياً، ذكر روحاني، أمس، أن حكومته خصصت نحو 10 مليارات دولار لرفع المشكلات التي واجهت بعض القطاعات بعد تفشي الوباء، كما وعد بتخصيص منحة من تلك الأموال لدعم الأسر المتضررة.
ولم يرد المرشد علي خامنئي، حتى أمس، على طلب تقدم به روحاني، الأسبوع الماضي، للحصول على مليار دولار من «صندوق التنمية الوطني».
في معرض حديثه عن الوباء، انتقد روحاني الولايات المتحدة، عادّاً أنها ضيّعت «فرصة تاريخية (...) لسلوك مسار معاكس لمسارها السيئ، والقول لمرة واحدة إنهم (الأميركيون) ليسوا ضد الشعب الإيراني»؛ بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف خلال جلسة للحكومة نُقلت أجزاء منها عبر التلفزيون، أن الولايات المتحدة «لم تحفظ الدرس حتى أثناء هذا الوضع العالمي الصعب (...) إنها مسألة إنسانية. لن يتهمهم أحد بالتراجع»؛ عن موقفهم.
وأثار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أول من أمس، احتمال أن تدرس واشنطن تخفيف العقوبات المفروضة على طهران وبلدان أخرى للمساعدة في مكافحة فيروس «كورونا»، لكنه لم يعطِ أي مؤشر ملموس إلى أنها تخطط لذلك. وقال روحاني: «أضاعت الولايات المتحدة أفضل فرصة لرفع العقوبات، كانت فرصة كبيرة لكي يعتذر الأميركيون... وليرفعوا العقوبات الظالمة الجائرة عن إيران».
وعرضت واشنطن تقديم مساعدات إنسانية لطهران، لكن خامنئي رفض هذا العرض. وعلى الرغم من أن السلطات الإيرانية ذكرت أن العقوبات الأميركية عرقلت جهودها لاحتواء تفشي الفيروس، فإن روحاني قال: «العقوبات لم تعرقل جهودنا لمكافحة تفشي فيروس (كورونا)». ونقلت عنه «رويترز»: «لدينا اكتفاء ذاتي تقريباً في إنتاج المعدات الضرورية كافة لمكافحة (كورونا). كنا أكبر نجاحاً بكثير من العديد من البلدان في مكافحة هذا المرض».
في شأن متصل، نقلت «رويترز» عن مدير «إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى» في «صندوق النقد الدولي»، جهاد أزعور، أن الصندوق يجري محادثات للاطلاع على حاجات إيران ومتطلبات المضي قدماً في معالجة طلبها. وكان يتحدث أثناء حلقة نقاش افتراضية نظمها مركز «كارنيغي الشرق الأوسط».
وطلبت إيران الأسبوع الماضي تمويلاً طارئاً من الصندوق بـ5 مليارات دولار.
الحكومة الإيرانية تدافع عن أدائها... ووفيات الفيروس تتخطى 3 آلاف
طهران ترصد نحو 10 مليارات دولار للخسائر... وتحذير من «سيناريو كارثي» لتفشي الوباء
الحكومة الإيرانية تدافع عن أدائها... ووفيات الفيروس تتخطى 3 آلاف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة