السلطة الفلسطينية بمواجهة أصعب القرارات حيال عمالها في إسرائيل

عمال فلسطينيون عائدون من إسرائيل قرب حاجز لفحص الإصابة بـ«كورونا» في الخليل بالضفة (رويترز)
عمال فلسطينيون عائدون من إسرائيل قرب حاجز لفحص الإصابة بـ«كورونا» في الخليل بالضفة (رويترز)
TT

السلطة الفلسطينية بمواجهة أصعب القرارات حيال عمالها في إسرائيل

عمال فلسطينيون عائدون من إسرائيل قرب حاجز لفحص الإصابة بـ«كورونا» في الخليل بالضفة (رويترز)
عمال فلسطينيون عائدون من إسرائيل قرب حاجز لفحص الإصابة بـ«كورونا» في الخليل بالضفة (رويترز)

وجدت السلطة نفسها أمام مواجهة غير مباشرة مع العمال الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل، بعدما تسبب بعضهم في نشر فيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية، في وقت كانت تمني فيه النفس بأنها ماضية في الطريق للانتهاء من تداعيات الفيروس المستجد. وقال رئيس الوزراء محمد أشتية «إن الثغرة الحقيقية في معركة الفلسطينيين ضد تفشي فيروس كورونا، هي الاحتلال ومستوطناته وحواجزه، وكل إجراءاته التي تحاول إفشال جهودنا لحماية أبناء شعبنا ووقف تفشي الوباء».
وأضاف عقب تسجيل إصابة 15 فلسطينياً بفيروس كورونا، لعمّال كانوا يعملون في أحد مصانع مستوطنة «عطروت» المقامة على أراضي شمال القدس، أن «استمرار تنقل العمّال، بتسهيلات إسرائيلية، بين مدنهم وقراهم وأماكن عملهم سواء داخل الخط الأخضر أو في المستوطنات، يشكّل ضربة لكل جهودنا التي اتخذناها بشكل مبكر لوقف انتشار المرض».
وتابع «إننا نرى في استمرار السماح للعمّال بالتوجه إلى أماكن عملهم محاولة لحماية الاقتصاد الإسرائيلي على حساب أرواح العمّال، لكن اقتصاد إسرائيل ليس أغلى من أرواح أبنائنا».
ويشير تصريح أشتية إلى نيته اتخاذ إجراءات أكثر تشدداً لمنع العمالة في إسرائيل في هذا الوقت؛ إذ أصبح العمال الفلسطينيون «غير الملتزمين» بقرارات السلطة منع التنقل بين الجانبين، يشكلون مصدر قلق كبير للفلسطينيين الذين يبدو أنهم سيغيّرون لغتهم المتحفظة إلى إجراءات أكثر تشدداً.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، دعت السلطة العمال إلى التوقف عن الذهاب إلى أعمالهم في إسرائيل، لكنها في الأيام الأخيرة نشرت الكثير من القوات الأمنية على مداخل المدن والقرى والبلدات التي يعبر من خلالها العمال إلى إسرائيل، من أجل ثنيهم عن العمل هناك، أو أخذهم مباشرة للفحوص الطبية في حال كانوا عائدين.
وعلى الرغم من كل الإجراءات التي اتخذتها السلطة لمواجهة تفشي الوباء، جلب بعض العمال معهم الفيروسات إلى رام الله وبيت لحم وقرى القدس. وتسبب العمال في إصابة أعداد لا بأس بها من المخالطين ورفعوا الأرقام بشكل كبير حتى من دون أن يعودوا جميعاً إلى الأراضي الفلسطينية.
وتواجه السلطة في الأسبوع المقبل أسوأ سيناريو ممكن مع عودة عشرات آلاف العمال إلى الأراضي الفلسطينية مع بدء عيد الفصح اليهودي. وقال الناطق باسم الحكومة، إبراهيم ملحم، إن «السلطة واعية لهذا السيناريو، وإن الأجهزة الأمنية مستعدة له». لكن المشكلة التي تواجها السلطة الآن هي العدد الكبير لهؤلاء.
ويقدر عدد العاملين الفلسطينيين في إسرائيل بأكثر من 100 ألف، وفي المستوطنات بـ25، ولا يوجد رقم محدد حول المتسللين. وتعمل الأجهزة الأمنية على احتواء العمال ومراقبتهم لاحقاً.
وسيطرت السلطة على المعابر على مداخل المدن والقرى في مناطق «أ»، ومنعت الدخول أو الخروج، لكنها تواجه مشكلة في المناطق التي لا تسيطر عليها. وقال مسؤولون في حركة «فتح»، إن التنظيم دخل هذه المرة على الخط، وتولى منع العمال من الذهاب إلى إسرائيل والمستوطنات في القرى التي لا تسيطر عليها السلطة، كما أن سكان القرى تصدوا للبعض منهم، أوقفوهم وأعادوهم بالقوة؛ خشية تسببهم في تفشي «كورونا» في المنطقة.
دعوات السلطة للعمال بالتوقف عن الذهاب للمستوطنات أو إسرائيل ليست الأولى من نوعها، ولم تلق آذاناً صاغية في الماضي، لكنها تكتسب أهمية خاصة هذه المرة؛ كونها تأتي مع تفشي فيروس كورونا.

وأطلقت السلطة حملة مكثفة عام 2010 من أجل وقف التعامل مع المستوطنات الإسرائيلية بالحد الأدنى، لكنها لم تكلل بالنجاح. ولم يوافق كثير من العمال الفلسطينيين في إسرائيل على خطط السلطة الفلسطينية لمنع العمل نهائياً في إسرائيل. ويطالب العمال ببديل لهم في حال أجبرتهم السلطة على التوقف.
وتظهر فاتورة العمال الشهرية رقماً مهولاً يفوق الرقم الذي تدفعه السلطة لموظفيها. وتقدر سلطة النقد أجور العمال الفلسطينيين ممن يعملون بتصاريح عمل رسمية داخل المستوطنات والخط الأخضر بـ800 مليون شيقل (230 مليون دولار) شهرياً، بينما يقدر متوسط أجورهم السنوية كمجموع العمال كافة، بنحو 9 مليارات شيقل (2.5 مليار دولار) سنوياً، أما فاتورة رواتب موظفي السلطة الشهرية فتبلغ نحو 560 مليون شيقل شهرياً نحو (160 مليون دولار).
ويخشى اقتصاديون من أن إغلاق إسرائيل بشكل كامل أو توقف العمال عن الذهاب إليها، سيضاعف بشكل غير مسبوق من الأعباء الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية، لكن السلطة ترى أنه لا بد من مواجهة الجائحة ولو بأصعب القرارات.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.