مذكرات وودي ألن ستصدر في فرنسا رغم التهديدات

منشورات «ستوك» تعدّ الكتاب {رائعاً ومسلياً ومليئاً بالإنسانية}

وودي ألن
وودي ألن
TT

مذكرات وودي ألن ستصدر في فرنسا رغم التهديدات

وودي ألن
وودي ألن

انتقل الجدل الذي دار حول نشر مذكرات وودي ألن؛ من الولايات المتحدة ليصل إلى فرنسا. وهدد عدد من المؤلفين الفرنسيين بمقاطعة منشورات «ستوك» التي يتعاملون معها في حال أصرّت على موقفها من نشر الطبعة الفرنسية من كتاب السينمائي الأميركي المعروف. وسبب الجدل هو الهجوم الذي يتعرض له وودي ألن بعد تصريحات ديلان فارو، ابنته بالتبني، بأنه تحرش بها حين كانت طفلة. ويبلغ ألن من العمر حالياً 86 عاماً وتبلغ ديلان من العمر 34 عاماً.
وكان عدد من العاملين في مطبوعات «هاشيت» قد تظاهروا في نيويورك للاعتراض على نشر الكتاب بوصفه يتضمن دفاعاً عن رجل متحرش. لكن المذكرات صدرت بطبعتها الأميركية بعنوان «عن لا شيء»، وأثارت ضجة لما ورد فيها من فضائح. وفي فرنسا أعلنت دار أخرى هي «أركاد» استعدادها لنشر الطبعة الفرنسية. وجاء في تصريح للناشرة الفرنسية جانيت سيفر، مؤسسة الدار، أنها ستنشر الكتاب حتى لو أدان القضاء وودي ألن الذي وصفته بأنه الفنان الذي يستحق الإعجاب. وأضافت: «في هذا الزمن الغريب، حيث تطمس الحقيقة بوصفها أخباراً مزيفة، فإننا نحن الناشرين نفضل أن ندع فناناً محترماً يعبر عن رأيه بدل أن نتراجع أمام أولئك الذين يريدون إسكاته». ورأت سيفر أنه من غير المقبول أن يخضع ناشر للضغوط ويتراجع عن إصدار كتاب كان قد اتخذ قراراً بنشره.
لم تتراجع «ستوك». وجاء الإعلان عن صدور الطبعة الفرنسية من المذكرات، مترافقاً مع الضجة التي كان قد أثارها فوز المخرج المتحرش رومان بولانسكي بعدد من جوائز «سيزار» السينمائية. وكان رأي جمعيات الدفاع عن المرأة أن فرنسا تتساهل مع جرائم التحرش والاغتصاب، وأنه لا بد من وقفة قوية للرأي العام ضد هذا المنحى. لكن الناشر يرفض رفضاً قاطعاً الخلط بين وودي ألن وبولانسكي. ويقول مانويل كاركاسون، مدير «ستوك»؛ التي هي أحد فروع «هاشيت»، إن المذكرات هي نص حقيقي من 650 صفحة تروي السيرة الشخصية لصاحبها. وستصدر في 13 مايو (أيار) المقبل، بعنوان: «كلمة بالمناسبة». وبرر كاركاسون قراره بأن النص رائع ومسلٍّ ومليء بالإنسانية. وأضاف في بيان نقلته إذاعة «فرنس أنفو»: «وودي ألن هو بالنسبة لي فنان كبير من فناني القرن، ومخرج كبير، وكاتب حقيقي. وبعيداً عن السينما؛ فإن المذكرات تتضمن نظرة لعبثية الحياة والموت».
تستعيد المذكرات السيرة الشخصية والمهنية لصاحبها، مع وقفات مفصلة عند أعماله السينمائية واشتغالاته كاتباً. وإلى جانب هذا؛ فإنها لا تخلو من اعترافات حميمة حول السنوات التي عاشها المخرج مع شريكة حياته السابقة، الممثلة ميا فارو، بين 1980 و1992. وبعد علاقة عاطفية قوية وتعاون سينمائي مثمر، انفصل الشريكان لأن وودي ألن وقع في غرام سون يي؛ الشابة الآسيوية التي كانت ميا فارو قد تبنتها. وفي 1997؛ وسط تكتم شديد، تزوج المخرج من سون يي في مراسم بمدينة البندقية الإيطالية، بحضور شقيقته وبضعة أصدقاء. ويوضح صاحب المذكرات أنه شديد التعلق بزوجته الشابة رغم فارق السن الذي بينهما، لكنه تزوجها لسبب عملي ومادي؛ لأنه متقدم في السن ولكي يضمن حقها في ميراثه.
ينفي ألن تماماً أن يكون قد تحرش جنسياً بابنته بالتبني، ديلان، ويؤكد أن بيته مفتوح لها لو أرادت وقف الحرب عليه. ثم يعود ليكشف تفاصيل وأسراراً تسيء إلى شريكته السابقة ميا فارو، التي كان قد أنجب منها ابنهما رونان. ويقول إنها فاجأته ذات يوم بأنها حامل، مع التلميح إلى احتمال أن يكون الجنين من زوجها السابق المغني فرنك سيناترا الذي حافظت على علاقة طيبة معه استمرت سنوات بعد الطلاق. ويضيف أنها كانت تحرش والدها بها في طفولتها، وظلت تلك عقدة تؤرقها، وأنها كانت تقيم علاقات مع رجال متعددين. كما يكتب أن جون تشارلز فارو، شقيق ميا، أدين بالسجن 10 سنوات بتهمة التحرش بأطفال، وهو نفسه كان ضحية للتحرش من والده.


مقالات ذات صلة

فهم العالم... المسعى الذي لا ينتهي

كتب إيمانويل كانط

فهم العالم... المسعى الذي لا ينتهي

ما حدودُ قدرتنا المتاحة والممكنة على فهم العالم؟ هل أنّ أحلامنا ببلوغ معرفة كاملة للواقع تُعد واقعية أم أن هناك حدوداً قصوى نهائية لما يمكننا بلوغه؟

لطفية الدليمي
كتب «الجبرتي»... الوجه الآخر لأشهر مؤرخي الحملة الفرنسية

«الجبرتي»... الوجه الآخر لأشهر مؤرخي الحملة الفرنسية

يقدم الكاتب والباحث الراحل صلاح عيسى في كتابه المهم «عبد الرحمن الجبرتي - الإنتلجنسيا المصرية في عصر القومية» رصداً لافتاً لحقبة ملتبسة من التاريخ المصري

رشا أحمد (القاهرة)
شمال افريقيا الكاتب الجزائري بوعلام صنصال يتحدث في مؤتمر صحافي خلال الدورة الثانية والستين لمهرجان برلين السينمائي الدولي 9 فبراير 2012 (أ.ب)

الجزائر تواجه دعوات متزايدة للإفراج عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال

دعا سياسيون وكتاب وناشطون إلى الإفراج عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
كتب شركة ناشئة تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي (أرشيفية)

وسط اعتراض كتّاب ودور نشر… شركة ناشئة تسعى لإنتاج 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي

ينتقد كتّاب وناشرون إحدى الشركات الأميركية الناشئة التي تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».