«العزل» يحوّل اللبنانيين إلى «طهاة»

ظاهرة تحضير الطعام تغزو حياة اللبنانيين في زمن «كورونا»
ظاهرة تحضير الطعام تغزو حياة اللبنانيين في زمن «كورونا»
TT

«العزل» يحوّل اللبنانيين إلى «طهاة»

ظاهرة تحضير الطعام تغزو حياة اللبنانيين في زمن «كورونا»
ظاهرة تحضير الطعام تغزو حياة اللبنانيين في زمن «كورونا»

«شو طابخة اليوم؟» هو السؤال الأشهر الذي تطرحه ربات المنازل على بعضهن البعض، في زمن «كورونا». حتى إنّ بعضهن جيّرت السؤال نفسه إلى شريكها في البيت، فصار هو بدوره عندما يتحدث مع زميل له في العمل يطرح عليه السؤال نفسه. فعبارة «إلى المطبخ در» تطبق من قبل معظم اللبنانيين نساء ورجالاً الذين تحولوا بين ليلة وضحاها إلى «طهاة» حتى إشعار آخر.
ففي فترة الحجر التي يمضيها معظم اللبنانيين في منازلهم منذ أكثر من 20 يوماً باتوا جميعهم يتلهون بتحضير الطعام، ومن ثم تناوله حتى من دون الشعور بالجوع.
وراحت غالبيتهم تتابع برامج تحضير الطعام على شاشات التلفزة كي يلونوا مائدتهم بوصفات جديدة ترضي أفراد العائلة الواحدة وتنسيهم لبرهة إرشادات الوقاية من فيروس «كورونا». وتقول هدى أردكاني معماري رئيسة قسم التغذية في مستشفى «أوتيل ديو» إنّ تناول المياه بكمية تصل إلى اللترين (نحو 10 أكواب) ضروري للشخص بشكل عام، خاصة الذي يعاني من جوع مستمر. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنّ «جسمنا هو العطش وليس لساننا، ولذلك نعبئ هذا الفراغ بالطعام. وكلما شربنا المياه أو السوائل بشكل عام، خفّت نسبة الجوع لدينا». وتؤكد معماري أن ممارسة الرياضة لنحو 40 دقيقة هي ضرورة في ظل ملازمتنا المنزل من دون أي عمل نقوم به. «فحجة لا أملك الوقت الكافي لأقوم بذلك غابت تماما اليوم، كما علينا بين كل ساعة وأخرى المشي ولو لخمس دقائق في البيت لتحريك الدورة الدموية عندنا والتي بدورها تؤثر إيجابا على تمثيلنا الغذائي (ميتابوليسم)». وتنصح معماري بتناول الخضار «النيئة» كالخيار والقنبيط والجزر بدل رقائق البطاطا المقلية والمكسرات المالحة. وكذلك تؤكد أن شرب كوب مياه بنصف ساعة قبل الأكل وساعة ونصف من بعده يخفف من شهيتنا أيضاً.
ومن السوائل التي تنصح بتناولها الزنجيل والحامض المغليين بالمياه بعيداً عن القهوة والشاي.
وشهية الطهي التي لا تقتصر فقط على اللبنانيين بل تنتشر عالمياً في ظل تفشي هذا الوباء، نتج عنها مشكلة كبيرة وهي زيادة السمنة لدى الناس الذين تلقائياً يتناولون ما يحضرونه. وما يزيد الأمر سوءاً هو أن غالبية الناس تتناول بين وجبة طعام وأخرى وجبة ثالثة ليست بالحسبان. فكما الـ«بوب كورن» كذلك المكسرات والشيبس والمربيات والحلويات وغيرها تؤلف لائحة طويلة من ملحقات الطعام. ومن باب السخرية على واقع يعيشونه، تفنن اللبنانيون في وصف أسلوب حياتهم في زمن «كورونا». وكتب أحدهم على حسابه على «فيسبوك» يقول: «مصاريف هذا الشهر: 10 آلاف ليرة بنزين و800 ألف ليرة أكل». فيما غرّد آخر على موقع «تويتر»: «بالبيت ألغينا نظام 3 وجبات بالنهار، وحالياً يُعتمد نظام بوفيه مفتوح». وعلّق آخرون من باب المزاح: «توقع ميشال حايك (منجم معروف) ظهور مخلوقات غريبة، فهل يقصد بذلك النساء ما بعد فترة الحجر؟». وبعض اللبنانيين قرر أن يحمّل الحكومة اللبنانية مسؤولية هذه الظاهرة وكتب: «إنّنا نطالبها بفتح محلات الملابس مرة بالأسبوع لأن أحجامنا تتغير بسرعة». أما «عديلة»، الشخصية المشهورة على وسائل التواصل في لبنان فغرّدت تقول: «إذا عم تجربو توقفو أكل ومش عارفين كيف... البسوا ثياب البحر وقفوا أمام المرآة، فالنتيجة مضمونة».
ولكن لماذا ننكب على تناول الطعام من دون توقف، فهل لذلك علاقة بحالة التوتر التي نعيشها؟ يرد الاختصاصي النفسي دكتور مرام حكيم: «تناول الطعام هو من ملذات الحياة، وعندما نستمتع نتخلص لا شعورياً من حالتي التوتر والقلق اللتين تسكنانا. كما أن المواد الدهنية والسكريات والنشويات تنعكس هدوءاً وتحسن المزاج على حالتنا النفسية». ولكن هل هذه العادة يمكن التخلص منها بعد انتهاء مرحلة المكوث المنزلي المفروض علينا في زمن «كورونا»؟ يرد في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أنّ نسبة كبيرة منا ستتخلص من هذه العادة، فيما ستتحول لدى أقلية أخرى إلى عادة سيئة». ويرى دكتور مرام حكيم أن الطبخ يندرج في لائحة اللذة نفسها التي نتحدث عنها ويقول: «نحضر الطعام لنتناوله كمكافأة لنا على عملنا. فالطبيعة بحد ذاتها تطلب منا الأكل والشرب، وهما كغيرهما من ملذات الحياة بمثابة وسائل تساهم في تهدئة أعصابنا وإراحتها».
فنانون ومهندسون وموظفو مصارف وإعلاميون وغيرهم من أصحاب المهن المختلفة في لبنان وجدوا في تمضية أطول وقت ممكن في مطابخهم أفضل وسيلة لتمرير الوقت. وكما الطلاب والتلاميذ كذلك رب المنزل والزوجة راحوا يبتكرون طبخات بينها سهلة التحضير وأخرى صعبة، ومن ثم يصورونها وينشرونها على موقع «انستغرام» أو غيره من المواقع الإلكترونية. وأطلقت إحدى ربات المنازل أسماء طبخات تواكب زمن «كورونا» ، كأكلة «خليك بالبيت» المؤلفة مكوناتها من مخلوطة حبوب، وطبق «ماريو عون» (مذيع أخبار على شاشة الـ«بي سي آي») الذي اشتهر بتوبيخ الناس الذين يخرجون من منازلهم. ويتألف الطبق من السمك المشوي مع البطاطا الحلوة. فيما أطلقت على طبق الكبة بالصينية اسم «غسل ايديك». ومن النكات التي تواكب هذه الظاهرة تلك التي استوحاها أحدهم من أجواء «كورونا» حيث قال: «عم فكر جيب هالبراد عالصالون حاج رايح جايي عالمطبخ وفي منع تجول».


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».