روسيا تتذكر «أوبك+» تزامناً مع زيادة احتمالات التباطؤ

نائب وزير الطاقة: موسكو لم تتوقع هبوط سعر البرميل دون 30 دولاراً

تغازل موسكو كبار منتجي النفط لإعادة التنسيق في ظل تزايد حدة الضغوط الاقتصادية (رويترز)
تغازل موسكو كبار منتجي النفط لإعادة التنسيق في ظل تزايد حدة الضغوط الاقتصادية (رويترز)
TT

روسيا تتذكر «أوبك+» تزامناً مع زيادة احتمالات التباطؤ

تغازل موسكو كبار منتجي النفط لإعادة التنسيق في ظل تزايد حدة الضغوط الاقتصادية (رويترز)
تغازل موسكو كبار منتجي النفط لإعادة التنسيق في ظل تزايد حدة الضغوط الاقتصادية (رويترز)

طرأ تطور لافت، أمس، على الموقف الروسي من اتفاقية «أوبك+»، وذلك قبل أيام على انتهاء فترة العمل بها رسمياً. إذ صدرت إشارات واضحة عن مسؤولين روس، حول استعداد موسكو لإبرام اتفاق جديد لتخفيض الإنتاج النفطي، شريطة انضمام دول أخرى إليه، في إشارة بصورة خاصة إلى الولايات المتحدة. ويأتي هذا في وقت يزداد فيه الضغط على الاقتصاد الروسي، الذي تتراكم خسائره بسبب تأثير انتشار «كورونا»، وهبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية، منذ انهيار اتفاق «أوبك+» في 6 مارس (آذار) الحالي. ويبدو أن التوجه نحو إنعاش الاتفاق النفطي، واحدة من جملة خطوات، اضطرت السلطات الروسية لاعتمادها لدعم الاقتصاد، والتي سيكبّد بعضها القطاع المصرفي خسائر كبيرة، والبعض الآخر سيؤثر بصورة سلبية على النمو الاقتصادي. وقال خبراء روس إن روسيا لن تنجو من الركود الاقتصادي هذا العام.
وكان كيريل ديمترييف رئيس الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة، قد قال في تصريحات لوكالة «رويترز» إن «إبرام اتفاق جديد لـ(أوبك+) لتحقيق التوازن في أسواق النفط قد يكون ممكناً إذا انضمت دول أخرى له»، مضيفاً أنه يتعين على تلك الدول التعاون أيضاً لتخفيف التأثير الاقتصادي لفيروس «كورونا». وانهار مطلع الشهر الحالي اتفاق تخفيض الإنتاج المبرم بين دول «أوبك»، ودول من خارج المنظمة، في مقدمتها روسيا، بعد الإخفاق في الاتفاق على كيفية معالجة انخفاض الطلب على النفط بسبب فيروس «كورونا»، وهو ما دفع أسعار الخام العالمية للهبوط، وخلّف «صدمة» في السوق الروسية، وانهيار الروبل حتى مستويات أزمة 2014.
وعبّر ديمترييف عن قناعته بأن «هناك حاجة لتحركات مشتركة من جانب الدول لإصلاح الاقتصاد (العالمي). هذه (التحركات المشتركة) ممكنة أيضاً في إطار اتفاق (أوبك»+)». وأكد: «نحن على اتصال مع عدد من الدول»، وبناءً عليه يرى أنه «من الممكن التوصل لاتفاق مشترك لتحقيق التوازن في أسواق النفط» لكن «إذا زاد عدد الأعضاء في (أوبك+) وانضمت دول أخرى للاتفاق»، في إشارة بصورة خاصة إلى الولايات المتحدة.
ويبدو أن الدفع نحو تحريك محادثات للتوصل إلى اتفاق تخفيض جديد، توجُّه عام لدى صناع القرار في روسيا. ولم يقتصر الأمر على تصريحات ديمترييف، الذي يُعد واحداً من صناع اتفاق «أوبك+» من الجانب الروسي، إذ انضم إليه بافل سوروكين، نائب وزير الطاقة الروسية، حين أطلق تصريحات تعكس ذات الموقف.
وخلال مشاركته، أمس، في طاولة مستديرة حول الوضع في أسواق النفط، نظمها «نادي فالداي»، لم يستبعد سوروكين توقيع اتفاق جديد، وشدد على ضرورة مشاركة واسعة فيه، وذلك حين قال في إجابته عن سؤال حول إمكانية الاتفاق مع الولايات المتحدة على التخفيض: «نرى أن (أوبك+) وحدها لا تستطيع أن تشارك في استعادة استقرار السوق. وبما أن هذه مشكلة الأسواق العالمية، فيجب أن يشارك أكبر عدد من الدول خلال استعادة التوزان». وأكد أن الاتصالات لم تتوقف بين مختلف البلدان المشاركة في الاتفاق، وأشار إلى «اتصالات عمل دائمة على مستوى الوزارات والوزراء». وقال إن وزارة الطاقة أخذت بالحسبان احتمال انهيار اتفاق «أوبك» +، لكنها لم تتوقع أن يهبط السعر حتى ما دون 30 دولاراً للبرميل، وأحال هذا الهبوط فوق التوقعات، إلى «تأثير كورونا».
في غضون ذلك يبقى الاقتصاد الروسي تحت وطأة جملة عوامل تأثير سلبية، أُضيفت إليها خسائر ناجمة عن «تكلفة» التدابير التي أقرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخيراً، لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والمواطنين. وقالت وكالة «موديز» في تقرير أمس، إن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تأجيل المدفوعات عن القروض الاستهلاكية للمواطنين، قد يكبّد البنوك خسائر تصل حتى 7.5% من أرباحها السنوية. وأوضحت الوكالة أنه «في حال سيناريو الانكماش الاقتصادي لفترة طويلة، فإن ما لا يقل عن 10% من جميع المواطنين المقترضين، سيحصلون على الحق بالتسهيلات (تأجيل المدفوعات)، وبالتالي ستفقد البنوك (أو ستحصل لكن مع تأخير) ما يعادل 5% من الأرباح السنوية للقطاع المصرفي الروسي».
فضلا عن ذلك تشير الوكالة إلى أن نحو 20% من الشركات الصغيرة والمتوسطة يمكن أن تستفيد ضمن الظروف الحالية من «العطلة الائتمانية»، التي أقرها بوتين ضمن سلسلة تدابير لدعم هذه الشركات، وبالتالي قد لا تحصل البنوك على 50 مليار روبل (632 مليون دولار) من دخل فوائد القروض، وهو ما يعادل 2.5% من أرباحها السنوية.
في موازاة ذلك، عبّر اقتصاديون روس عن قناعتهم بأن الاقتصاد الوطني لن ينجو من الانكماش هذا العام، نتيجة انتشار الفيروس، وهبوط أسعار النفط، وأشاروا في الوقت ذاته إلى تأثير «تدابير بوتين» على النمو الاقتصادي. وقال أنطون بوكاتوفيتش، كبير المحللين من وكالة «بي كا سي بريمير»، إن الناتج المحلي الإجمالي هذا العام قد ينخفض بنسبة 2.5 إلى 2.8%، لافتاً إلى أن «العطلة العامة في البلاد لمدة أسبوع» التي أعلن عنه الرئيس بوتين لمواجهة انتشار «كورونا»، ليست عطلة طبيعية، حيث سيتوقف الإنتاج، لا سيما الصناعات التحويلية، وسيتوقف عمل جميع المنشآت والمرافق. وقال إن خسائر الاقتصاد الروسي خلال الأسبوع الأول من أبريل (نيسان) القادم، قد تصل حتى 1.3 إلى 1.6 تريليون روبل، أي نحو 1.3 إلى 1.5% من النمو عام 2020.
وقالت ناتاليا أورلوفا، كبيرة الاقتصاديين في «ألفا بنك» إن الإنتاج الصناعي خلال «أسبوع عطلة كورونا» (من 28 مارس ولغاية 5 أبريل، مع احتمال التمديد حسب الظروف) قد ينخفض بنسبة 10% على أساس سنوي. أما كيريل تريماسوف، مدير قسم التحليلات في مؤسسة «لولكو - إنفست» فقد حذر من أن «أسبوع العطلة» عامل إضافي سيزيد من انكماش الاقتصاد الروسي. وخفضت وكالة «موديز» توقعاتها للاقتصاد الروسي هذا العام، وقالت في تقرير أخيراً: «انطلاقاً من أن سعر برنت سيكون أقل بنسبة 30% عن توقعاتنا السابقة، نتوقع تباطؤ نمو الاقتصاد الروسي حتى 0.5% هذا العام»، عوضاً عن التوقعات السابقة بوتيرة نمو حتى 1.5%.


مقالات ذات صلة

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

الاقتصاد تتوقع «أوبك» أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في عام 2024 بمقدار 1.61 مليون برميل يومياً (رويترز)

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

خفّضت «أوبك» توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2024 و2025، يوم الأربعاء، في خامس خفض على التوالي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد منظر عام لمصفاة فيليبس 66 كما شوهدت من مدينة روديو بكاليفورنيا أقدم مدينة لتكرير النفط بالغرب الأميركي (رويترز)

النفط يرتفع بفضل توقعات ارتفاع الطلب من الصين في 2025

ارتفعت أسعار النفط قليلاً، في وقت مبكر اليوم الأربعاء، مع توقع المتعاملين بالسوق ارتفاع الطلب بالصين، العام المقبل.

الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبرغ (أرشيفية - رويترز)

«أوبك»: تجديد تفويض هيثم الغيص أميناً عاماً للمنظمة لولاية ثانية

قالت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إنها جدَّدت ولاية الأمين العام، هيثم الغيص، لمدة 3 سنوات أخرى في اجتماع افتراضي عقدته المنظمة، يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد مضخة نفطية في حقل بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

تراجع طفيف للنفط... والتوتر الجيوسياسي وسياسة الصين يحدان من خسائره

تراجعت أسعار النفط قليلاً يوم الثلاثاء متمسكة بمعظم مكاسبها من الجلسة السابقة. فيما حدّ التوتر الجيوسياسي وسياسة الصين من الخسائر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص (أ.ف.ب)

هل يعاد انتخاب الغيص أميناً عاماً لـ«أوبك» غداً؟

من المقرر أن تعيد منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» انتخاب الأمين العام الحالي هيثم الغيص لفترة ثانية مدتها ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)
إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)
TT

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)
إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، اليوم (الخميس)، إن «منظمة ترمب» تخطط لبناء برج ترمب في العاصمة السعودية الرياض في إطار توسع عقاري في المنطقة، بما في ذلك العاصمة الإماراتية أبوظبي.

وفي معرض حديثه عن مشروعين جديدين في الرياض بالشراكة مع شركة «دار غلوبال» للتطوير العقاري الفاخر، ومقرها دبي، رفض نائب الرئيس التنفيذي لـ«منظمة ترمب» إعطاء تفاصيل، مكتفياً بالقول في مقابلة: «ما سأخبركم به هو أن أحدهما سيكون بالتأكيد برجاً»، مضيفاً أن شركته تخطط لتوسيع شراكتها مع «دار غلوبال» في جميع أنحاء منطقة الخليج، بما في ذلك مشروع جديد في أبوظبي.

وقال ترمب: «سنكون على الأرجح في أبوظبي خلال العام المقبل أو نحو ذلك»، وذلك بعد يوم من كشف الشركتين عن خططهما لبناء برج ترمب الذهبي المتلألئ في مدينة جدة الساحلية السعودية.

وقال زياد الشعار، الرئيس التنفيذي لشركة «دار غلوبال» المدرجة في لندن، إن المشروع المشترك الجديد الآخر المخطط له في الرياض هو مشروع «ترمب غولف» على غرار مشروع ترمب الذي تم إطلاقه في عُمان عام 2022، وأضاف في مقابلة مع «رويترز»: «نأمل في إنشاء برج واحد ومجتمع غولف واحد».

اتفقت شركة «دار غلوبال»، الذراع الدولية لشركة «دار الأركان» السعودية للتطوير العقاري، على عدد من الصفقات مع «منظمة ترمب»، بما في ذلك خطط لأبراج ترمب في جدة ودبي، إلى جانب مشروع عمان.

لم تشر المؤسستان إلى قيمة المشاريع، لكن الشعار قارن بين قيمة برج ترمب في جدة بقيمة 530 مليون دولار ومجمع ترمب للغولف في عُمان الذي قال إن تكلفته تبلغ نحو 2.66 مليار دولار.