فنادق لندن... بين استقبال المشردين أو استبدال النزلاء بالأشباح

الفيروس يفعل ما لم تفعله الحروب ويجبرها على الإقفال

{الريتز} في لندن يقفل أبوابه للمرة الأولى في تاريخه
{الريتز} في لندن يقفل أبوابه للمرة الأولى في تاريخه
TT

فنادق لندن... بين استقبال المشردين أو استبدال النزلاء بالأشباح

{الريتز} في لندن يقفل أبوابه للمرة الأولى في تاريخه
{الريتز} في لندن يقفل أبوابه للمرة الأولى في تاريخه

بعد خروج وباء «كورونا» في إيطاليا عن السيطرة، حذرت هذه الأخيرة بريطانيا من ارتكاب الخطأ الذي ارتكبته من خلال الاستهتار والتأخير في أخذ الإجراءات اللازمة للحد من تفشي الفيروس بين الناس.
وها هي بريطانيا اليوم تطبق الحجر المنزلي، ولو أن الخطوة جاءت متأخرة بعض الشيء، والعاصمة اليوم تبدو فارغة وجميع مرافقها التجارية والسياحية والترفيهية... مقفلة، عدا محال بيع المواد الغذائية والصيدليات، ويسمح بالخروج عند الضرورة القصوى.
وكان من المنتظر أن يصل دور الفنادق في العاصمة لإقفال أبوابها أمام النزلاء والزوار، ففي نهاية الأسبوع الماضي ومع أمر رئيس حكومة بريطانيا بوريس جونسون بإقفال جميع المطاعم، أقفلت جميع الفنادق مطاعمها، وكان الترقب يسود الإدارات بعدما تدنى عدد النزلاء إلى أقل عدد ممكن، وبعد أن استطاع آخر النزلاء من السياح العودة إلى ديارهم قبل تعليق الرحلات الجوية وإغلاق الحدود بالكامل.
فنادق لندن الكبرى مقفلة، من دون أي استثناء، لكن بعضها اختار المساعدة والقيام بعمل إنساني مجدٍ في خضم هذه الأزمة الحقيقية، فقامت على سبيل المثال مجموعة «إنتركونتيننتال» العالمية بالتعاون مع بلدية وسيتمنستر في لندن فقدمت 300 غرفة بأسعار منخفضة جداً لتأمين السكن للمشردين الذين ينامون على طرقات العاصمة للحد من انتشار الوباء، كما قدمت الشركة غرفاً إضافية للعاملين في الجسم الطبي في بريطانيا والمتطوعين من الممرضات والممرضين والأطباء المتقاعدين.
هذا، وقدمت مجموعة فنادق «ويسترن» 15 ألف غرفة وأكثر من ألف غرفة للاجتماعات للعاملين في الحقل الطبي والهيئات المحلية.
وقام نادي تشيلسي لكرة القدم بتقديم العون للعاملين في الحقل الطبي أيضاً من خلال تأمين السكن لهم في فندق «ميلانيوم» في منطقة ستامفورد بريدج لمدة شهرين.
أما لاعب كرة القدم غاري نيفيل الذي يملك فندقين بالشراكة مع اللاعب السابق في فريق مانشستر يونايتد راين غيغس، فقدّما الفندقين لإقامة الممرضين والأطباء العاملين حالياً في مستشفيات بريطانيا، مجاناً.
وقامت بعض الفنادق الأخرى من المستوى المتوسط مثل «هيلتون» و«بروميير إن» و«ترافيلودج» بتقديم العون واستضافة العاملين في المستشفيات مجاناً.
أما بالنسبة للفنادق التاريخية الفخمة في المدينة، فأقفلت أبوابها بالكامل، وحتى إشعار آخر. فبدلًا من أن يضع نزلاؤها علامة «الرجاء عدم الإزعاج» على باب الغرفة، وضعها الفندق على بابه الرئيس. بدءاً من فندق «ذا ستافورد» في منطقة سانت جيمس القريبة من قصر باكنغهام، الذي يملك فندقاً ريفياً أيضاً (أقفل هو الآخر)، ومروراً بفندق «روزوود» في منطقة هولبورن، وجميع فنادق مجموعة «باركلي «للفنادق التي تضم تحت مظلتها كل من «كلاريدجز» و«ذا باركلي» و«ذا كونوت» في مايفير، وأمس انضم الـ«ريتز» الذي يعتبر أضخم وأفخم فندق في لندن والذي أصبح اسمه صفة في المعجم الإنجليزي «ريتزي» تستخدم للقول «مرفه»، إلى قافلة الفنادق التي استبدلت النزلاء من البشر، بالأشباح، ليغلق أبوابه لأول مرة في تاريخه.
استطاع وباء «كورونا» أن يفعل ما لم تستطع الحروب فعله؛ لأن الحروب كانت تستدعي الاختباء في الملاجئ الجماعية، أو في الأماكن الآمنة بما فيها الفنادق التي لعبت دوراً بارزاً وكبيراً خلال الحربين الأولى والثانية في بريطانيا، فالريتز على سبيل المثال استمر خلال الحرب العالمية الثانية في استقبال أفراد الطبقة الارستقراطية والعائلة المالكة... أكثر من أي وقت مضى؛ لأن الفندق كان يعتبر موقعاً للتلاقي وتبادل وجهات النظر السياسية ومتابعة الأخبار، وتمضية الوقت ولعب الشطرنج والـ«بريدج»، وغيرهما من الألعاب.
أما فندق «ذا ستافورد» الذي أعلن على حسابه على «إنستغرام» منذ يومين عن إغلاق أبوابه لأول مرة في التاريخ أيضاً، من زاره لا بد أنه قام بجولة في الخنادق المحفورة تحته والتي كانت تربطه بقصر «كلارينس» القريب، ولم يقفل أبوابه على الإطلاق خلال الحرب.
الفنادق من بين أكثر القطاعات تضرراً من أزمة «كورونا» العالمية، وما أصابها في بريطانيا أصابها في باقي أصقاع العالم. فعلى الرغم من مرور أزمات اقتصادية عدة، وغيرها على الفنادق والسياحة بشكل عام، إنما لم يمر أي شيء بهذا السوء على قطاع الفندقة من ذي قبل.
لم تعلن إدارة أي فندق عن وقت معين أو محدد للإغلاق مكتفية بالقول في إعلان الإقفال «إلى أجل غير مسمى».
الضرر سيكون كبيراً جداً، وستكون الفنادق في حاجة إلى متسع من الوقت للعودة إلى ما كانت عليه قبل الأزمة. والأضرار المادية لا يمكن التكهن بها في الوقت الراهن، والمساعدة الحكومية ستكون حتماً ملحة.


مقالات ذات صلة

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
سفر وسياحة كازينو مونتي كارلو يلبس حلة العيد (الشرق الأوسط)

7 أسباب تجعل موناكو وجهة تستقبل فيها العام الجديد

لنبدأ بخيارات الوصول إلى إمارة موناكو، أقرب مطار إليها هو «نيس كوت دازور»، واسمه فقط يدخلك إلى عالم الرفاهية، لأن هذا القسم من فرنسا معروف كونه مرتعاً للأغنياء

جوسلين إيليا (مونتي كارلو)
يوميات الشرق تنقسم الآراء بشأن إمالة المقعد في الطائرة (شركة ليزي بوي)

حق أم مصدر إزعاج؟... عريضة لحظر الاستلقاء على مقعد الطائرة

«لا ترجع إلى الخلف عندما تسافر بالطائرة» عنوان حملة ساخرة أطلقتها شركة الأثاث «ليزي بوي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق افتتاح تلفريك جديد في جبال الألب (إ.ب.أ)

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

افتُتح تلفريك جديد مذهل في جبال الألب البرنية السويسرية. ينقل تلفريك «شيلثورن» الركاب إلى مطعم دوار على قمة الجبل اشتهر في فيلم جيمس بوند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».