«كورونا» يضع السفر والسياحة في العناية الفائقة

50 مليون وظيفة في خطر

«كورونا» يضع السفر والسياحة في العناية الفائقة
TT

«كورونا» يضع السفر والسياحة في العناية الفائقة

«كورونا» يضع السفر والسياحة في العناية الفائقة

القطاع السياحي حول العالم والقطاعات المرتبطة به كالطيران والمطاعم والترفيه والفنادق من أكثر القطاعات التي ستتأثر بانتشار فيروس «كورونا» حول العالم.
تبدو الصورة مخيفة لمستقبل السياحة الذي دخل غرفة العناية الفائقة أو الثلاجة بكلام آخر. ويعد قطاع السياحة والسفر واحداً من أهم القطاعات الاقتصادية في الكثير من دول العالم، إذ تبلغ قيمته السنوية ما لا يقل عن 9 تريليونات دولار حسب إحصاءات منتدى الاقتصاد العالمي لعام 2019، أي 10% من إجمالي الناتج العالمي. وقد ضرب الفيروس بشكل مرعب الكثير من الدول خصوصاً الدول العشر الأولى على لائحة أهم الدول السياحية في العالم وهي: إسبانيا وإيطاليا واليابان وفرنسا وبريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة وكندا وسويسرا. وهذا يعني انهيار القطاع في هذه الدول ودول آخرى مهمة كاليونان والبرتغال ومصر ودبي وإيران وتايلندا وماليزيا وإندونيسيا وفيتنام والصين نفسها والكثير من الدول الصغيرة التي يعتمد اقتصادها على المدخول السياحي السنوي كجزر الكاريبي والمغرب وكوبا وبيرو وغيرها. وحتى لو تدخلت الحكومات لإنقاذ هذا القطاع فإن التدخل لن يمنع انهيار الكثير من الشركات وحرمان الكثير من الفنادق من إيراداتها الأساسية والضرورية.
وقد أكد المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC) أن أكثر من 50 مليون وظيفة في مجال السفر والسياحة معرّضة للخطر في جميع أنحاء العالم بسبب انتشار فيروس «كورونا». 30 مليوناً من هذه الوظائف في آسيا و7 ملايين في أوروبا و5 ملايين وظيفة في أميركا اللاتينية وأميركا الشمالية. وتقول ويندي ألتشولور في مجلة «فوربس»، إن ذلك لن يؤثر فقط على الأشخاص الذين يرغبون في السفر بل أيضاً على الذين لديهم وظائف في قطاع السياحة والسفر، ووفقاً للمجلس العالمي للسفر، فالقطاع يدعم واحدة من 10 مهن في جميع أنحاء العالم، أي أنه يؤثر على 320 مليون وظيفة.
ولا يمكن للخبراء تصور الكارثة التي يمكن أن يتعرض لها القطاع نتيجة انتشار الفيروس والكوارث الاقتصادية التي ستليها، إذا ما تمت السيطرة على عملية انتشار الوباء.
وبإلقاء نظرة بسيطة على حجم الخسائر تقول وكالة (سي إن بي سي) الإخبارية الأميركية إن قطاع السياحة والسفر سيخسر ما لا يقل عن 24 مليار دولار على الأقل في هذه الفترة.
وتشير الأرقام إلى أن أكثر من 850 ألف أوروبي يزورون الولايات المتحدة الأميركية كل شهر، أي نحو 10 ملايين سائح في السنة ويسهمون بمداخيل تصل قيمتها إلى 3.4 مليار في الشهر، أي نحو 40 مليار دولار في السنة. وتشير هذه الأرقام إلى حجم الخسائر التي سيُمنى بها القطاع في الولايات المتحدة الأميركية هذه السنة.
وفي إيطاليا التي تعد الأكثر تأثراً بالوباء وأكثر الدول السياحية في العالم شعبية، فرغت ساحاتها التاريخية من البندقية إلى روما وخلت من السياح بعد إغلاق الحكومة البلاد ومنعت الحركة غير الضرورية للمواطنين داخل مدنهم، فقد قدّر الخبراء الخسائر الأولية للقطاع السياحي بـ13 مليار دولار تقريباً بين مارس (آذار) ومايو (أيار) هذا العام. وبالطبع هذا الرقم أوّلي ومرشح للارتفاع مع مواصلة الحكومة السيطرة على الوباء.
أما إسبانيا وهي الدول الثانية الأكثر تأثراً بالوباء في القارة الأوروبية، فقد دخل القطاع السياحي في غيبوبة كاملة كما حصل في إيطاليا وبقية الدول مع إغلاق العاصمة مدريد. وعلى الأرجح أن يتعرض الاقتصاد الإسباني لضربة قاسية إذا ما طالت مدة محاولة السيطرة على انتشار «كورونا»، إذ إن القطاع السياحي يشكّل 11% من إجمالي الناتج المحلي. ولا بد من الذكر هنا لمعرفة حجم الضرر أن 84 سائحاً زار إسبانيا عام 2019 منهم 18 مليون بريطاني. كما وصلت نسبة السياح الصينيين في برشلونة وحدها العام الماضي إلى 38% من مجمل السياح.
وينطبق الأمر ذاته على اليونان التي كانت تتعافى من أزمتها الاقتصادية المزمنة خلال العقد الماضي، إذ وصلت إيرادات الفنادق اليونانية إلى 9 مليارات يورو تقريباً العام الماضي، أي بزيادة نسبتها 7% على عام 2018، ويُتوقع أن تتراجع هذه الإيرادات وغيرها من إيرادات القطاع بنسبة كبيرة قد تعيد الاقتصاد العام إلى وضعه السابق.
في البرتغال، تم إلغاء 60% من حجوزات الفنادق مع بداية أزمة «كورونا» في منطقة الغارف الجنوبية وقد وصلت إلى 100% في النصف الثاني من مارس. والبرتغال تعتمد على السياحة كما هو حال اليونان، إذ يشكل القطاع 14.6% من إجمالي الناتج المحلي، كما تشير إحصاءات عام 2018، وقد استقبلت أكثر من 16 مليون سائح العام الماضي.
وفي أوروبا الشمالية، خصوصاً السويد والنرويج، أغلقت الكثير من الشركات السياحية أبوابها وسرّحت عمالها مع بداية انتشار الفيروس، وعلى الأرجح أن يتجمد القطاع حتى إشعار آخر.
في مصر تشير الأرقام إلى هول المهمة الصعبة أمام الحكومة، إذ إن قطاع السياحة والسفر من أهم القطاعات في البلاد ويعد ثالث المداخيل الرئيسية في البلاد بعد مداخيل المغتربين التي تصل إلى 24 مليار دولار في السنة والصادرات التي تصل إلى 17 مليار دولار.
وتشير الأرقام إلى أنه قبل انتشار الفيروس كان القطاع السياحي المصري يشهد ازدهاراً كبيراً، وارتفعت إيرادات السياحة والسفر لعام 2019 بنسبة 28% وهي نسبة مهمة جداً من الناحية الاقتصادية، أي إن الإيرادات وصلت إلى 12.2 مليار دولار قبل «كورونا» وبالتحديد بين يونيو (حزيران) 2018 ويونيو 2019، وكانت هذه الإيرادات نحو 10 مليارات دولار في العام السابق أي 2017 - 2018.
وفي محاولة لتقليل خسائر القطاع السياحي ودعمه، طالب المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC) الحكومات بتسهيل عمليات الحصول على التأشيرات أو إلغائها تماماً وتخفيض الضرائب المرتبطة بقطاع السفر وتقديم حوافز بمجرد السيطرة على الوباء، فضلاً عن تشجيع المرونة بحيث يمكن للمسافرين تأجيل خططهم وعدم إلغائها.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».