خففت مواقع التواصل الاجتماعي ودردشات «واتساب» بشكل كبير عن المغاربة «العزلة» التي يعيشونها منذ بدء حال الطوارئ الصحية التي فرضت على الجميع، وتقييد حركة تنقل الأفراد والسيارات ووسائل النقل العام في وضع غير مألوف بات على الناس التأقلم معه حتى إشعار آخر.
في نهاية الأسبوع الماضي، الذي صادف دخول حالة الطوارئ حيز التنفيذ، كان السؤال المتداول هو «أين قضيت الويك إند في الصالون أم شرفة البيت؟». فاتحا بذلك بابا واسعا أمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن مشاعرهم ونقل يومياتهم في ظل «الحجر الصحي» بجرعة زائدة من الخيال والسخرية بغرض الترويح عن النفس.
وكتب أحد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على حسابه في «فيسبوك» ساخراً أنّه لم يجد ما يفعله في البيت فقرر تعداد حبات العدس، فأصبحت هذه العبارة «لازمة»، فعند اتصالك بأصدقاء أو أفراد من العائلة يسألك أحدهم «هل انتهيت من عد حبات العدس؟»، كنوع من المبالغة في تصوير حجم الفراغ الذي ينتج عن المكوث في البيت.
أمّا بالنسبة للنساء اللواتي كن يتذمرن باستمرار من الأعمال المنزلية، فعبر بعضهن على حساباتهن أنّهن لم يعدن يجدن ركنا من أركان البيت لتنظيفه، فلا أثر للغبار ولا للأواني المكدسة في حوض المطبخ. وقال أسامة رمزي، وهو أحد الفكاهيين المغاربة المشهورين مازحا في فيديو إنّه لم يكن يتصور أنّه في 2020 سيتسابق مع والدته لغسل الأواني، وإنّه تعلم الطهي وغسل الملابس وعجن الخبز أيضا.
ودفع انتشار كورونا إلى قيام منافسة من نوع آخر اشتعلت على «يوتيوب» بين القنوات المخصصة للطبخ، إذ وجدت «نجمات» الطبخ المغربيات المناسبة ملائمة جداً لجذب عدد إضافي من المتابعين من خلال تقديم وصفات صحية تقوي المناعة حسب قولهن، ونجحت الطريقة هذه وتزايدت متابعة قنوات الطبخ عبر «يوتيوب» واحتدمت المنافسة بين أشهر «اليوتيوبرز» في هذا المجال.
ورأى كثيرون أنّ من إيجابيات البقاء في المنزل توفير المال الذي كان يصرف في المقاهي والمطاعم، وعلى الألبسة. قد فرض هذا الوضع الطارئ والاستثنائي شراء كميات مضاعفة من المواد الغذائية ومستلزمات التنظيف لتخزينها تحسبا لنفادها من الأسواق أو ارتفاع سعرها، فتبخرت بذلك الميزانية المخصصة للأكل في ظرف وجيز.
ومكنت وثيقة مغادرة السكن التي تمنحها السلطات لفرد واحد من الأسرة للخروج لشراء المستلزمات المعيشية اليومية، فرصة ذهبية لمعرفة ما يجري في الحي ونقل أخبار الأسعار وما توفره محلات بيع المواد الغذائية.
ومن أبرز الملاحظات التي ينقلها «المحظوظون» هي نظافة الأزقة والشوارع بفضل المجهودات الكبيرة التي يقوم بها المنظفون للتخلص من أكياس القمامة والأزبال التي كان يرميها الناس في الشارع من دون اكتراث. إلّا أنّ الخروج من المنزل ولو لوقت محدود يعني أيضا التقيد بإجراءات النظافة والتسلح بالمعقمات تفاديا لنقل العدوى.
من جهة أخرى، لعبت دردشات «الواتساب» سواء عبر الفيديو أو التسجيلات الصوتية دوراً كبيراً في التخفيف من وطأة العزلة التي فرضت على عدد كبير من المغاربة الذين ظلوا بعيدين عن عائلاتهم وأسرهم لظروف العمل، أو لعدم تمكنهم من السفر بعد منع التنقل بين المدن. وتبدأ دردشات «الواتساب» في هذه الظروف بتبادل أخبار انتشار كورونا وآخر الإجراءات التي تتخذها السلطات المغربية، التي لاقت استحسانا واسعا، ولا تتوقف هذه الدردشات عند تداول الأخبار المحلية بشأن كورونا بل أيضا ما يجري في البلدان الأخرى، لا سيما أن بلدانا مثل فرنسا وإيطاليا تضم عددا كبيرا من المهاجرين المغاربة هم على تواصل مع عائلاتهم في المغرب عبر «الواتساب» للاطمئنان عليهم.
ولا تخلو أحاديث المغاربة من تبادل النظريات بشأن حقيقة فيروس كورونا وما إذا كان فيروسا طبيعيا أم مصنعا، أم أنّه «غاز سام خرج عن السيطرة من المختبرات»، كما يذهب مؤيدو نظريات المؤامرة التي تروج على نطاق واسع ضمن ما يقال إنّها حرب على قيادة العالم بين أميركا والصين. حتى إنّ الجميع تحوّل إلى خبير في الفيروسات وحروب الدول.
الانفتاح على العالم ومتابعة ما يجري في البلدان الأخرى الذي وفرته مواقع التواصل الاجتماعي دفع المغاربة أيضا إلى تقليد بعض المبادرات التي قام بها سكان بعض البلدان الأوروبية بلمسة مغربية، فالتصفيق من على شرفات المنازل تحية لجهود الأطباء في مدن أوروبية، قابله المغاربة بترديد النشيد الوطني من شرفات إقاماتهم السكنية وهي مبادرة لقيت استحسان الكثيرين. إلّا أنّه في المقابل دفع الحماس الزائد بالبعض الخروج في مسيرات ليلية بمدن طنجة وفاس وسلا للتكبير والتهليل معرضين أنفسهم والآخرين للخطر. واستهجن معظم المغاربة هذا السلوك واعتبروه «جهلا».
مواقع التواصل الاجتماعي تخفف عن المغاربة عزلتهم
أين قضيت الويك إند... في الصالون أم في شرفة المنزل؟
مواقع التواصل الاجتماعي تخفف عن المغاربة عزلتهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة