رئيس الوزراء الألباني يحاول تهدئة مخاوف الصرب بعد تصريحاته المثيرة

راما أغضب مضيفيه في بلغراد بحديثه عن الأقليات وفكرة «ألبانيا الكبرى»

رئيس الوزراء الألباني يحاول تهدئة مخاوف الصرب بعد تصريحاته المثيرة
TT

رئيس الوزراء الألباني يحاول تهدئة مخاوف الصرب بعد تصريحاته المثيرة

رئيس الوزراء الألباني يحاول تهدئة مخاوف الصرب بعد تصريحاته المثيرة

حاول رئيس الوزراء الألباني إيدي راما من معقل ألبان صربيا أمس تهدئة مخاوف الصرب حيال فكرة «ألبانيا كبرى»، وذلك غداة زيارة إلى بلغراد أفسدتها مواجهة كلامية مع نظيره الصربي بشأن كوسوفو.
واستقبل آلاف الأشخاص أمس الزعيم الألباني في بريشيفو معقل الأقلية الألبانية في صربيا، ورحبوا به بالتصفيق وبالهتافات، وحملت مجموعة من الأطفال أعلاما صغيرة لألبانيا. وخلال الزيارة القصيرة إلى هذه المدينة الواقعة جنوب صربيا على الحدود مع كوسوفو، التقى راما مسؤولين من المجموعة الألبانية المحلية قبل أن يحل ضيف شرف على المدينة ويتوجه بكلمة للحشود. وقال راما أمام مئات الأشخاص الذين تجمعوا في المركز الثقافي في بريشيفو: «قلت بوضوح (لرئيس الوزراء الصربي ألكسندر) فوسيتش إننا لا نخوض معركة من أجل (ألبانيا كبرى)، بل من أجل (أوروبا كبرى) عليها استقبال كل الألبان مع كل الشعوب والدول الأخرى». وأضاف راما الذي غادر بريشيفو بعد زيارة استمرت أكثر من ساعتين، أن «الأقليات يجب أن تكون جسرا يوحدنا ولا يفرقنا».
و«ألبانيا الكبرى» مشروع يهدف إلى توحيد كل الألبان في البلقان في دولة واحدة بما في ذلك كوسوفو ومنطقة بريشيفو. وفي شوارع المدينة رفعت لافتات تحمل صور راما وعلم ألبانيا وكتب تحتها: «أهلا برئيس الوزراء».
واتخذت الشرطة الصربية إجراءات أمنية مشددة جدا؛ إذ تم حظر دخول السيارات إلى وسط مدينة بريشيفو، فيما انتشر شرطيون على مسافة كل 50 مترا على طول العشرين كيلومترا الممتدة نحو الحدود مع كوسوفو. وقال نظمي قديرو، المتقاعد البالغ من العمر 72 عاما: «هذه الزيارة ستترك أثرا إيجابيا على تحسين ظروفنا. سيطلع على صعوبة الوضع الذي نعيشه. واجبه هو الدفاع عن الألبان أينما كانوا يقيمون».
وخلال محادثات مع رئيس الوزراء الصربي ألكسندر فوسيتش أول من أمس، دعا راما إلى احترام حقوق الأقلية الألبانية التي تعد نحو 60 ألف شخص والمقيمين في وادي بريشيفو. وهذه المنطقة الغارقة في الفقر والبطالة، والمهملة عمدا من قبل سلطات بلغراد التي تتهم بانتظام الألبان بتطلعات انفصالية، غالبا ما كانت مسرحا لتوترات شديدة وحتى لنزاع مسلح قصير لكنه عنيف في 2001. كما يرغب سكانها الألبان بالانضمام إلى دولة كوسوفو المجاورة. وقال إسماعيل لطيفي البالغ من العمر 49 عاما: «وضعنا رهيب، ليس لدينا أي أفق للمستقبل. لا أعتقد أن زيارة رمزية يمكن أن تغير الأمور بين ليلة وضحاها، لكن ألبانيا لديها حق رفع الصوت من أجلنا».
وأظهرت المواجهة الكلامية التي جرت بين راما وفوسيتش أول من أمس، مرة أخرى هشاشة العلاقات بين الصرب والألبان في البلقان. وهذه الزيارة، الأولى لرئيس حكومة ألباني منذ 68 عاما، كان يفترض أن تتيح تهدئة التوتر في العلاقات الثنائية بسبب الخلافات القديمة حول استقلال كوسوفو، لكن أيضا مطالب الأقلية الألبانية في صربيا التي تريد المزيد من الحكم الذاتي أو حتى الالتحاق بكوسوفو حيث هناك غالبية ألبانية.
وعبر فوسيتش عن غضبه وندد بـ«استفزاز» حين دعا راما صربيا إلى الاعتراف بـ«واقع لا رجعة عنه» لاستقلال هذا الإقليم الصربي السابق الذي أعلن استقلاله في 2008 وترفض بلغراد الاعتراف به. وقال فوسيتش وهو يلجم غضبه بصعوبة «لم أكن أتوقع هذا الاستفزاز من جانب راما بالتحدث عن كوسوفو، لأنني لا أرى ماذا لديه مع كوسوفو. فتوجب علي الرد عليه لأنني لا أسمح لأحد بإهانة صربيا في بلغراد. بموجب الدستور، كوسوفو جزء من صربيا ولا صلة له بشيء بألبانيا، ولن تكون له أي صلة مطلقا».
وكان راما ذكر سابقا أمام نظيره الصربي الذي كان يستمع مصدوما إلى الترجمة بأن إقليم «كوسوفو المستقل» تعترف به أكثر من مائة دولة بينها الولايات المتحدة وغالبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وفي رسالة على «تويتر» عبر فوسيتش عن أسفه «لتفويت فرصة لطي الصفحة»، مؤكدا في الوقت نفسه أنه يريد العمل من أجل استقلال المنطقة. ومساء أول من أمس، وصف راما اللقاء مع فوسيتش بأنه «صعب، لكن صادق ومباشر، ويشكل أساسا لمواصلة» الحوار.



الإفراج عن الصحافية الإيطالية المعتقلة في إيران

ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
TT

الإفراج عن الصحافية الإيطالية المعتقلة في إيران

ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الإيطالية، الأربعاء، أن الصحافية الإيطالية تشتشيليا سالا التي اعتقلت في 19 ديسمبر (كانون الأول) في إيران بتهمة «انتهاك قوانين» إيران، أُفرج عنها. ونشرت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، صورة لاستقبالها الصحافية، بعد ماراثون دبلوماسي واستخباراتي لتأمين الإفراج عنها.

حراك دبلوماسي

وقبل ساعات من وصول سالا إلى بلادها، أعلن مكتب رئيسة الوزراء الإيطالية في بيان: «أفرجت السلطات الإيرانية عن مواطنتنا، وهي في طريقها إلى إيطاليا. تعرب رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني عن امتنانها لجميع الأشخاص الذين ساعدوا في جعل عودة تشتشيليا أمراً ممكناً، ما يسمح لها بالعودة إلى عائلتها وزملائها»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في البيان أن «الطائرة التي تقل الصحافية تشتشيليا سالا غادرت طهران قبل دقائق»، بعد «تحرك مكثف عبر القنوات الدبلوماسية والاستخباراتية». وبحثت ميلوني، في زيارة قصيرة ومفاجئة إلى مارالاغو، قضية الصحافية المحتجزة مع الرئيس الأميركي المنتخب وفريقه الانتقالي الأسبوع الماضي.

وكانت ميلوني استقبلت والدة الصحافية في مقر الحكومة في الثاني من يناير (كانون الثاني)، وتحادثت هاتفياً مع والدها. وكتبت على منصة «إكس» إنها «أبلغتهما شخصياً عبر الهاتف» بالإفراج عن ابنتهما.

من جهتها، أعربت منظمة «مراسلون بلا حدود» غير الحكومية عن «ارتياحها الكبير». وأضافت في بيان مقتضب: «الآن يجب أيضاً إطلاق سراح الصحافيين الـ25 الذين ما زالوا محتجزين في السجون الإيرانية». واعتقلت سالا خلال زيارة مهنية لطهران بتأشيرة صحافية، لكن السلطات الإيرانية لم تعلن أبداً عن أسباب الاعتقال. وكانت الصحافية، البالغة من العمر 29 عاماً، محتجزة منذ ذلك الحين في زنزانة بسجن إيفين بطهران. وتكتب سالا لصحيفة «إل فوليو»، وتقدّم مدونة صوتية إخبارية.

وكان وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، استدعى السفير الإيراني في 2 يناير، مطالباً بـ«الإفراج الفوري» عن الصحافية. وطالبت إيطاليا أيضاً بمعاملة المعتقلة «بطريقة تحترم كرامة الإنسان»، بينما ذكرت الصحافة الإيطالية أنها في الحبس الانفرادي وتنام على الأرض وحُرمت من نظارتها. وفي 3 من الشهر الحالي، استدعت طهران بدورها السفيرة الإيطالية لدى إيران.

ورقة مساومة

أوقفت سالا بعد فترة قصيرة على توقيف الولايات المتحدة وإيطاليا مواطنين إيرانيين اثنين بتهمة انتهاك العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران. واعتُقل محمد عابديني (38 عاماً) في ديسمبر بإيطاليا، بناءً على طلب السلطات الأميركية. أما مهدي محمد صادقي (42 عاماً) الذي يحمل جنسية مزدوجة، فمسجون في الولايات المتحدة.

ترمب وميلوني في صورة جمعتهما مع المرشّحين لمنصبي وزير الخزانة سكوت بيسنت (يسار) والخارجية ماركو روبيو في مارالاغو 4 يناير (إ.ب.أ)

واتهمهما القضاء الأميركي رسمياً في 17 ديسمبر بـ«تصدير مكونات إلكترونية متطورة إلى إيران»، في انتهاك للعقوبات الأميركية المفروضة على إيران. وبحسب وزارة العدل الأميركية، تم استخدام هذه المكونات خلال هجوم بطائرة من دون طيار في الأردن أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيين في يناير 2024. ونفت إيران أي تورط لها، وندّدت بادعاءات «لا أساس لها». لكن طهران شددت، الاثنين، على عدم وجود «صلة» بين اعتقال سالا وعابديني. وتُتّهم إيران، التي تحتجز العديد من الرعايا الغربيين أو مزدوجي الجنسية، من قِبَل المنظمات غير الحكومية باستخدامهم ورقة مساومة في المفاوضات بين الدول.

وتتهم السلطات الإيرانية سيسيل كوهلر، وجاك باري، وهما زوجان فرنسيان مسجونان منذ عام 2022 خلال زيارة سياحية بـ«التجسس»، وهو ما «ينفيه أقاربهما بشدة». كما يعتقل فرنسي ثالث يُدعى أوليفييه، ولم يكشف عن اسمه الكامل، في إيران منذ عام 2022. وتصف باريس هؤلاء السجناء بأنهم «رهائن دولة». كما دعا وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الثلاثاء، الرعايا الفرنسيين إلى عدم السفر إلى إيران حتى «الإفراج كلياً» عن المعتقلين الفرنسيين في هذا البلد.