الحرب على «كورونا» تزيد دور «مجموعة العشرين» والصين

نظام عالمي جديد قد يولد من رحم مواجهة الفيروس

الحرب على «كورونا» تزيد دور «مجموعة العشرين» والصين
TT

الحرب على «كورونا» تزيد دور «مجموعة العشرين» والصين

الحرب على «كورونا» تزيد دور «مجموعة العشرين» والصين

«كما أدى ظهور (داعش) إلى قيام أميركا بتشكيل تحالف دولي للقضاء على هذا التهديد العالمي، تحاول الصين الإفادة من انتشار فيروس كورونا لإظهار دور قيادي في مواجهة هذا الوباء العالمي». هذا ما يعتقده مسؤول غربي رفيع المستوى على صلة بالاتصالات الدولية التي تناولت اجتماعات «الدول السبع» أو التمهيد لـ«قمة العشرين». عليه، فإن مسيرة مكافحة الوباء العالمي قد تكون نقطة فارقة في العلاقات الدولية وصولاً إلى نظام عالمي جديد يولد من رحم الحرب على «كورونا» يكون لمجموعة العشرين دور بارز فيه على حساب التكتلات الإقليمية والدولية الأخرى. وكانت واشنطن وبكين دخلتا في «حرب كلامية» أضيفت إلى التوتر بين البلدين رغم التوصل إلى اتفاق أولي إزاء التجارة بينهما. وتمسّك الرئيس الأميركي دونالد ترمب بوصفه «كورونا» بأنه «الفيروس الصيني»، وأيّده وزير خارجيته مايك بومبيو في ذلك بوصفه بـ«فيروس ووهان» وسط انتقاد أميركي للصين لـ«عدم اتباع الشفافية» في بدايات ظهور الفيروس؛ الأمر الذي قوبل برفض من بكين التي اتهمت واشنطن أيضاً بـ«عدم الشفافية» لدى انتقال الفيروس إلى الولايات الأميركية. كما تبادلت وسائل تواصل اجتماعي في البلدين الاتهامات في «اختراع» هذا الفيروس ضمن «حرب بيولوجية» بينهما.
وحسب المسؤول الغربي، تحاول الصين، التي أظهرت ارتباكاً في بداية ظهور الفيروس نهاية العام الماضي، الإفادة حالياً من «الفراغ» الحاصل في الساحة الدولية جراء غياب الدور الأميركي القيادي إلى الآن لصوغ جهد دولي في معالجة الوباء؛ ذلك أن الرئيس الصيني تشي جينبينغ تلقى اتصالات من قادة عدة، بينهم الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لطلب المساعدة في محاربة الوباء في بلادهم وتوفير المعدات اللازمة لذلك.
وسجل مراقبون، أنه في الوقت الذي أغلقت أميركا حدودها أمام الأوروبيين وأغلقت دول أوروبية حدودها مع إيطاليا «البؤرة الأوروبية» للوباء، فإن الصين بادرت إلى إرسال معدات طبية عاجلة إلى إيطاليا للمساهمة في مواجهة «كورونا» في لحظة الذروة القاتلة، قبل أن ترسل أميركا مساعدة متأخرة لذلك.
هذه الأزمة، كشفت عن أن الصين أصبحت «المصنع الطبي للعالم» ولديها المعدات الأساسية في هذه الحرب، مثل هوية الفيروس، ووحدات الفحص للكشف عنه، وأجهزة التنفس، والأدوية والمعدات الطبية الرئيسية الخاصة بالمستشفيات والطب، إضافة إلى الجيل الخامس من الإنترنت والهواتف الذكية والتطبيقات الضرورية في الحرب الشاملة على الوباء. أي، أن للصين أدوات خوض هذه الحرب، كما كان الحال مع أميركا التي ملكت أدوات الحروب السابقة من طائرات ودرون وحاملات طائرات وقواعد عسكرية.
استطراداً، فإن الدول الغربية التي انتقدت بداية إجراءات الصين في فرض حظر التجول في ووهان، عادت وفعلت الأمر نفسه بفرض التجول أو تقييد التحرك، عبر المؤسسات الديمقراطية وتشريعات برلمانية، إضافة إلى تقديم حزمة إجراءات لمعالجة الانكماش الغربي. وقال مسؤول غربي آخر «سرعة التعاطي الصيني مع الموجة الأولى من فيروس كورونا، ظهرت كأنها مدح للنظام الشمولي العصري القادر على تجييش الإنترنت وتطبيقات تكنولوجية والجيش والحزب بإمرة الزعيم في لحظة الأزمة». وفي مقابل، دعم الصين المسار التعددي الدولي في مواجهة الوباء، اتجهت أميركا ودول غربية إلى «المسار الانعزالي»، أو «الحمائية» كما كان الحال في «قمة العشرين» الأخيرة في أوساكا اليابانية عندما دافعت بكين عن تدفق التجارة العالمية مقابل دفاع واشنطن عن «الحمائية» ورفض اتفاق المناخ. ولاحظ المسؤول الغربي قيام أميركا ودول أوروبية بـ«رد فردي على الفيروس بدل الرد الجماعي، بل إن الدول الأوروبية لم تقم بصوغ موقف مشترك من المؤسسات الأوروبية في بروكسل وتبنت كل دولة موقفاً وطنياً بإغلاق حدودها وإعطاء الأولوية لمواطنيها بدل صوغ رد إجراءات أوروبية». وهناك خشية من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لـ«كورونا» في دول أوروبية وأميركا بسبب بطء الاستجابة مع سرعة انتشار الوباء وتعمق «الشعبوية» سياسياً في دول كثيرة. وقال المسؤول «الخطر سيكون في أميركا لأسباب عدة، تشمل عدم وجود نظام مركزي وامتداد القرار المتعلق بالاستجابة في خمسين ولاية، إضافة إلى ضعف النظام الصحي فيها وغياب شبكة الدعم الاجتماعي، ما يعني أن التعاطي مع الفيروس والآثار الاقتصادية ومستقبل النظام الصحي، أمور ستترك أثراً كبيراً في نتائج الانتخابات الأميركية المقبلة».
وقد تبدو الصورة متغيرة ومعقدة في المدى القصير، لكن قد تؤدي إلى مخرجات مختلفة في المديين المتوسط والطويل، حسب مسؤول أوروبي. وقال «ستظهر أسئلة كثيرة بعد انحسار الوباء عن أسباب إهمال القطاع الصحي والصناعات الطبية وأسباب الاعتماد الكامل على المصنع الصيني، إضافة إلى بروز دور القوى السياسية التي تدعم الاستقلال الطبي والعناية الصحية»، مضيفاً أن «كورونا» سيكشف أيضاً أهمية المقاربة متعددة الأطراف في العلاقات الدولية مع احتمال بروز دور أكبر للصين وزيادة دور «مجموعة العشرين» في توفير مواجهة جماعية للوباء وخطة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، خصوصاً أن هذا التكتل بدأ أصلاً لمواجهة أزمة مالية عالمية.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.