الاقتصاد الألماني يعاني «صدمة وذعراً» ومهدد بفقدان خُمس النمو

تراجع غير مسبوق لمؤشر «إيفو» وصرعة التخزين ترتفع

تهافت غير مسبوق في ألمانيا على الشراء والتخزين في ظل الذعر من تفشي وباء {كوفيد - 19} (رويترز)
تهافت غير مسبوق في ألمانيا على الشراء والتخزين في ظل الذعر من تفشي وباء {كوفيد - 19} (رويترز)
TT

الاقتصاد الألماني يعاني «صدمة وذعراً» ومهدد بفقدان خُمس النمو

تهافت غير مسبوق في ألمانيا على الشراء والتخزين في ظل الذعر من تفشي وباء {كوفيد - 19} (رويترز)
تهافت غير مسبوق في ألمانيا على الشراء والتخزين في ظل الذعر من تفشي وباء {كوفيد - 19} (رويترز)

قال اقتصادي بمعهد «إيفو» الأربعاء إن اقتصاد ألمانيا قد ينكمش بما يصل إلى 20 في المائة هذا العام بسبب تأثير فيروس «كورونا»، إذ تهاوت معنويات الشركات الألمانية لأدنى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية في 2009.
وجاءت التوقعات المتشائمة بينما يدرس مشرعون برنامج إنقاذ غير مسبوق تتجاوز قيمته 750 مليار يورو (813.15 مليار دولار) وتسعى الحكومة من أجل ذلك إلى تعليق البرلمان الحد الأعلى للدين المنصوص عليه في الدستور.
وأظهرت القراءة النهائية لمسح معهد «إيفو» أن مؤشره لمناخ الأعمال هوى في مارس (آذار) الجاري إلى 86.1 نقطة، من 96.0 نقطة في فبراير (شباط) الماضي. وقال كليمنس فوست رئيس المعهد في بيان: «هذا أكبر نزول مسجل منذ إعادة توحيد ألمانيا، والأقل قيمة منذ يوليو (تموز) 2009».
ويستند المؤشر إلى استطلاع شمل نحو 9 آلاف شركة. وكان المعهد قد نشر نتيجة مؤقتة عن مناخ الأعمال لهذا الشهر الأسبوع الماضي؛ حيث تحدث الخبراء عن تراجع في المؤشر إلى 87.7 نقطة.
وأضاف فوست أن «الاقتصاد الألماني في حالة صدمة»، مضيفاً أن توقعات الأعمال بصفة خاصة ساءت بشكل غير مسبوق، بينما تدهور كثيراً أيضاً تقييم الشركات لوضعها الحالي.
وفي قطاع الخدمات، قال «إيفو» إن مؤشر مناخ الأعمال سجل أكبر هبوط منذ بدء جمع البيانات في 2005. وفي قطاع الصناعات التحويلية، نزل المؤشر لأقل مستوى من أغسطس (آب) 2009. ومن المتوقع أن يسجل المؤشر الفرعي للتوقعات أكبر هبوط في مسوح القطاع التي ترجع إلى 70 عاماً.
وفي ظل الأزمة، كشف استطلاع للرأي أن ثلث المستهلكين في ألمانيا زادوا من مخزونهم من المواد الغذائية الأسبوع الماضي بسبب وباء «كورونا» المستجد. وأظهر الاستطلاع الذي أجراه «معهد كولونيا للأبحاث التجارية» وشمل ألف ألماني، أن واحداً فقط من بين كل ستة ألمان زاد من مخزونه من مستلزمات النظافة.
وبحسب تقييم المعهد، فإن السبب في التكالب على الشراء هو الخوف من عدم القدرة على التسوق كما هو معتاد بسبب الوباء؛ حيث يعتبر نحو ثلث الذين شملهم الاستطلاع إمكانيات التسوق المقيدة في إطار أزمة «كورونا» فقداناً للحرية.
وذكر المعهد أن التجارة الإلكترونية لم تستفد كثيراً من هذه الأزمة؛ حيث ذكر 13 في المائة فقط من الذين شملهم الاستطلاع أنهم مارسوا تسوقهم عبر الإنترنت. وأشار المعهد إلى أن المستهلكين الشباب كانوا الأكثر استخداماً لإمكانية التسوق الإلكتروني.
ومن جانبه، ذكر مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني أن أزمة وباء «كورونا» المستجد أدت إلى انفجار الطلب في ألمانيا على المطهرات وورق المرحاض والصابون. وأوضح المكتب الأربعاء أن الطلب على الصابون ارتفع الأسبوع الماضي لأكثر من أربعة أضعاف عما كان عليه في المتوسط خلال الأشهر الستة الماضية، بينما ارتفع الطلب على ورق المرحاض لأكثر من ثلاثة أضعاف عن المعتاد. ويستند المكتب في إحصائه إلى تحليل بيانات المبيعات المتاحة للمتاجر.
وبحسب البيانات، سجلت مبيعات مواد غذائية معينة ومستلزمات النظافة الشخصية ارتفاعاً سريعاً لأول مرة في الأسبوع الأخير من فبراير الماضي؛ حيث زادت مبيعات الطحين والصابون والمعكرونة فجأة لأكثر من الضعف، كما ارتفع الطلب على المطهرات في الأسبوع الأول من مارس الجاري فجأة لأكثر من ثمانية أضعاف المعدل المعتاد، إلا أنها تراجعت بعد ذلك حتى وصلت إلى نصف المعدل المعتاد. وعزا مكتب الإحصاء ذلك إلى نفاد المطهرات مؤقتاً من الأسواق. وذكر المكتب أن الطلب على المعكرونة والطحين والسكر والأرز وصلصة الطماطم المعلبة زاد لأكثر من الضعف عن المعدل الطبيعي الأسبوع الماضي.
وعلى صعيد ذي صلة، أظهر تقدير تقريبي لخبير ألماني أن انهيار الإيرادات يكبد شركات السيارات الألمانية خسائر يومية تقدر بنحو 360 مليون يورو. وقال الخبير في قطاع السيارات، فيرديناند دودنهوفر، الثلاثاء، إن مجموعة «فولكسفاغن» وشركتي «دايملر» و«بي إم دبليو» حققت العام الماضي إيرادات بقيمة 530 مليار يورو، مضيفاً أن 15 في المائة من هذه الإيرادات؛ أي ما يعادل 80 مليار يورو، تم إنفاقها على تكاليف الإهلاك وتسديد فوائد القروض.
وأوضح دودنهوفر أن هذه التكاليف لا تزال مستمرة حتى مع إغلاق مصانع هذه الشركات وعدم وجود أي إيرادات، مشيراً في الوقت نفسه إلى تكاليف العمالة غير المباشرة حتى في نظام العمل بالدوام الجزئي. وذكر دودنهوفر أن غياب الإيرادات يعني خسائر يومية في كل يوم عمل تُقدر قيمتها بـ360 مليون يورو.


مقالات ذات صلة

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

آسيا شيغمي فوكاهوري أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945 (أ.ب)

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

توفي شيغمي فوكاهوري، أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945، والذي كرَّس حياته للدفاع عن السلام، عن عمر يناهز 93 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم جنود يشاركون في عرض عسكري لإحياء الذكرى السبعين لهدنة الحرب الكورية في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 27 يوليو 2023 (رويترز)

قوات كورية شمالية قد تشارك باحتفالات روسيا في الانتصار بالحرب العالمية الثانية

قال مسؤول روسي كبير إنه يعتقد بإمكانية مشاركة جنود كوريين شماليين في العرض العسكري في الساحة الحمراء العام المقبل، في ذكرى الانتصار بالحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».