وفيات «كورونا» ترعب إسبانيا وإصابات إيطاليا «لا تعكس الواقع»

خدمات دفن الموتى في مدريد عاجزة عن مواكبة عدد الضحايا

وفيات «كورونا» ترعب إسبانيا وإصابات إيطاليا «لا تعكس الواقع»
TT

وفيات «كورونا» ترعب إسبانيا وإصابات إيطاليا «لا تعكس الواقع»

وفيات «كورونا» ترعب إسبانيا وإصابات إيطاليا «لا تعكس الواقع»

بدأت إسبانيا أسبوعها الثاني تحت إجراءات العزل التام، لتكتشف أن «كوفيد 19» ينتشر فيها أوسع وأسرع من إيطاليا، وأنها قد تنتزع منها هذه «المرتبة الأولى» قبل نهاية الأسبوع الحالي، وتضطر لاتخاذ مزيد من الإجراءات الصارمة والصعبة لوقف انتشار الوباء.
وخلافاً لإيطاليا حيث تنحصر الإصابات بنسبة 80 في المائة في مقاطعات الشمال الثلاث، اتسعت رقعة الانتشار في إسبانيا، لتشمل جميع المناطق، بعد أن كانت شبه مقتصرة على مدريد و3 محافظات أخرى. ويعزو الخبراء هذا الانتشار إلى عدم تقييد التنقلات بين المحافظات في الأيام التي سبقت إعلان حالة الطوارئ.
وفيما يرتفع منسوب الذعر والقلق بين الإسبان أمام الأرقام التي يسجّلها عدّاد الإصابات والوفيّات، التي اقتربت في اليوم الأخير من 514 حالة، وبينما يتوقّع الخبراء أن يستمرّ هذه المنحى التصاعدي في الأيام المقبلة، تقف الحكومة أمام مفاضلات صعبة لاتخاذ مزيد من الإجراءات التي من شأنها أن تدفع القطاع الاقتصادي إلى الانهيار التام، وتحرمه من إمكانات النهوض بعد انتهاء الأزمة، وتواجه ضغوطاً كبيرة لتأمين معدّات الوقاية والأجهزة اللازمة للطواقم الصحّية التي بلغت نسبة الإصابات في صفوفها 12 في المائة، مقابل 8 في المائة في إيطاليا، و4 في المائة في الصين.
ويزداد القلق في أوساط الخلية المكلّفة بإدارة الأزمة، إذ تلاحظ أن عدد الوفيات يتضاعف كل 3 أيام، وهي نسبة لم تشهدها الصين في عزّ الأزمة، ولا إيطاليا التي تستغرق مضاعفة الضحايا فيها 4 أو 5 أيام. وكانت وزارة الصحة قد أعلنت، أمس (الثلاثاء)، أنها أحصت 435 إصابة في صفوف الطواقم الصحية في الأربع والعشرين ساعة الأخيرة، ليصل العدد الإجمالي لهذه الإصابات إلى 4850.
وفي مدريد، التي ما زالت هي البؤرة الرئيسية لانتشار الوباء في إسبانيا، يسجَّل ما لا يقلّ عن 150 حالة وفاة يوميّاً، بحيث أصبحت خدمات دفن الموتى عاجزة عن مواكبة هذه الوتيرة، واضطرت البلدية لتخصيص قاعة للتزلّج على الجليد من أجل حفظ جثث الضحايا في انتظار دفنها أو إحراقها.
وفي إيطاليا، التي ما زالت البؤرة الرئيسية لانتشار الوباء في العالم، سجّلت الإصابات والوفيّات تراجعاً طفيفاً لليوم الثالث على التوالي، وذلك للمرة الأولى منذ بداية الأزمة، بعد أن كانت الوفيات قد بلغت نحو 800 في يوم واحد أواخر الأسبوع الماضي. لكن رئيس الدفاع المدني أنجيلو بوريلي قال إن «الأرقام ما زالت لا تعكس كل الواقع. الوباء ما زال يتفشّى أسرع من بيروقراطيتنا».
وفي ظل توترات ومشاحنات لم تهدأ يوماً واحداً بين الحكومة والمعارضة منذ انتشار الوباء، عُقد لقاء أمس بين رئيس الوزراء جيوزيبي كونتي وكبار معاونيه مع قادة المعارضة اليمينية تجاوباً مع مساعي رئيس الجمهورية سرغيو ماتاريلا للحفاظ على تماسك المؤسسات. وطالبت المعارضة بمزيد من المساعدات المالية للشركات والعائلات التي فقدت مصادر رزقها، وشدّدت على ضرورة تكليف الجيش وقف النزوح نحو المقاطعات الجنوبية التي ما زالت نسبة الإصابات فيها متدنية، كما طلبت تجربة جميع الأدوية التي كانت لها نتائج إيجابية في علاجات استخدمتها دول أخرى.
وفيما أفادت السلطات أنها اعترضت شحنة من أجهزة التنفّس كانت معدّة للتصدير من ميلانو إلى اليونان، قال الناطق بلسان وزارة الصحة إن ألمانيا سترسل شحنة من أجهزة التنفس ومعدات الوقاية إلى إيطاليا قبل نهاية هدا الأسبوع، وذلك بعد وصول شحنات مماثلة من الصين وروسيا أواخر الأسبوع الفائت.
وبينما يركّز الخبراء اهتمامهم على الحالة الألمانية حيث لم تسجّل حتى الآن سوى 86 حالة وفاة، رغم عدد الإصابات الذي تجاوز 23 ألفاً، حذّرت المفوضية الأوروبية من تداعيات بؤرة الانتشار التي كُشف عنها في محطة «أيشغيل» للتزلج في النمسا، والتي يُخشى أن تتحوّل إلى مركز انتشار الوباء في الشمال الأوروبي. وكانت آيسلندا قد حذّرت من هذا الخطر مطلع هذا الشهر عندما رصدت عدة إصابات بين مسافرين قادمين من هذا المنتجع الشتوي الذي لم يقفل أبوابه حتى الرابع عشر من الشهر الحالي. كما أن ألمانيا والدنمارك والنرويج قد رصدت ما لا يقلّ عن 500 إصابة لمسافرين وافدين من تلك القرية نفسها التي لا يزيد عدد سكانها عن 1600، وتستقبل سنوياً أكثر من نصف مليون سائح.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».