«أدب العزلة»... دعوة سعودية لمقاومة {كورونا} بالإبداع

أطلقتها وزارة الثقافة

وزير الثقافة السعودي دعا المواطنين إلى استثمار العزل في الإبداع
وزير الثقافة السعودي دعا المواطنين إلى استثمار العزل في الإبداع
TT

«أدب العزلة»... دعوة سعودية لمقاومة {كورونا} بالإبداع

وزير الثقافة السعودي دعا المواطنين إلى استثمار العزل في الإبداع
وزير الثقافة السعودي دعا المواطنين إلى استثمار العزل في الإبداع

في اليوم الثالث من «منع» التجول الجزئي المفروض على سكان المملكة، التي سبقها العزل الطوعي؛ تعددت وسائل التسلية وتزجية الأوقات في لحظات العزل، برزت الكتابة على قمة هرم هذه الوسائل مع إطلاق وزارة الثقافة مبادرة للكتاب تحت مسمى «أدب العزلة»، لتشجيع الناس على عرض إبداعاتهم ومشاركتها مع الآخرين.
تأتي المبادرة النوعية، بدعم من الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، الذي دعا المواطنين إلى تنمية مواهبهم في جميع المجالات خلال فترة الحجر الصحي، وقد أطلقت هيئة الأدب والنشر والترجمة مبادرة «أدب العزلة» تحفيزاً للكتَّاب على الإبداع أثناء البقاء في المنزل للوقاية من فيروس كورونا.
وبيّن الكاتب والروائي عبده خال لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نمر بحدث... حيث تصبح الكتابة سلوى في الوحدة الجبرية، كما أن العزلة مطلب إنساني منذ القدم، أي أنك إذا أردت التأمل فعليك الابتعاد عن مخالطة الناس، لكن الآن هي عزلة عالمية لا إرادية، وأتصور أن يصاب الإنسان بالضجر، وتصبح الكتابة حدثاً آنياً للجميع، وأؤكد أن العزلة يمكن لها أن تعيد للإنسان محاولة مراجعة النفس وتفجير مواهبه، وقد يكون هناك كاتب في الأساس توارت موهبته تعود الآن، ولكن هذا الحدث الذي جعلنا نعيش حالة إنسانية فريدة، يجعل من أغلب الكتابات نصوصاً منصبة على البحث عن الانفراج من هذه الظلمة».
من جهة أخرى، قال الشاعر ضياء خوجة، إن هذه المبادرة تشجع الناس على تطوير مواهبهم، ومشاركتها دون تحفظ، لأن الجميع يقع تحت الظرف نفسه، وهو الحجر، ومع توفر جميع وسائل الاتصال التي لم تجعل الشخص يعيش العزلة سوى بجسده، وقال: «بالنسبة لي فقد عدت للكتابة في الحجر بعد انقطاع طويل، وكتبت قصيدة تبعث على الأمل، لأن هذه الظروف تخلق الإلهام وتحفز الملكات الكتابية، واستطعت ممارسة هوايات أخرى لم يكن لدي الوقت لتعلمها كعزف الموسيقى».
وفي تجسيد عملي لخطوة الوزارة، شارك الأمير بدر على حسابه الرسمي في موقع «تويتر»، مبادرتين؛ الأولى أطلقها «برنامج بارع» لتنمية ودعم المواهب، وقال فيها عبر «تويتر»: «الزم بيتك، واستثمر وقتك في اكتشاف وتنمية مواهبك، وشاركنا هواياتك الثقافية»، كما علَّق على جدارية للحرفي صالح الجار الله، بالقول: «كفو يا صالح». وأنجزها الجار الله خلال فترة الحجر المنزلي الطوعي للمواطنين والمقيمين لمواجهة انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، أيضاً، وعلَّق الأمير بدر بن عبد الله على مبادرة نشرتها هيئة الأدب والنشر والترجمة، بالقول: «خلك في البيت، وأرسل لنا إبداعك، فمن العزلة حظي العالم بأعمال ثقافية خالدة»، وتقول المبادرة: «من العزلة، تولد أعمال أدبية جميلة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».