«كوفيد - 19»... عدو له حلفاء كثيرون في حياتنا اليومية

سيدة ترتدي قناعاً واقياً وقفازات تتسوق بإحدى أسواق الخضار والفاكهة في باريس (رويترز)
سيدة ترتدي قناعاً واقياً وقفازات تتسوق بإحدى أسواق الخضار والفاكهة في باريس (رويترز)
TT

«كوفيد - 19»... عدو له حلفاء كثيرون في حياتنا اليومية

سيدة ترتدي قناعاً واقياً وقفازات تتسوق بإحدى أسواق الخضار والفاكهة في باريس (رويترز)
سيدة ترتدي قناعاً واقياً وقفازات تتسوق بإحدى أسواق الخضار والفاكهة في باريس (رويترز)

أثار انتشار فيروس «كورونا المستجد»، أو «عدو البشرية» حسب تعبير منظمة الصحة العالمية، تعبئة عامة في العالم وخطاباً عدوانياً حيال فيروس «نحن في حرب» معه، على حد قول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وينتشر الفيروس بشكل أساسي عن طريق التنفس، إنما كذلك التواصل الجسدي، ما يعني أن خط الجبهة غالباً ما يكون في أغراض حياتنا اليومية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
فيما يلي جولة على «الأعداء الداخليين»، من زر المصعد إلى المرحاض، إنما كذلك على الأغراض التي قد تكون موضع شبهات هي في الواقع بريئة منها.
تقول الباحثة في مختبر «لويد سميث» التابع لجامعة كاليفورنيا، أماندين غامبل: «أي غرض أو سطح تمت ملامسته أو تلويثه بالسعال أو قطرات اللعاب أو الفضلات البشرية يمكن أن يكون معدياً».
وأظهرت دراسة نُشرت الأسبوع الماضي في مجلة «نيجم» الأميركية التي أسهمت في إعدادها، أنه يمكن رصد فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) على أسطح البلاستيك والفولاذ المقاوم للصدأ لفترة يومين أو ثلاثة أيام، وعلى الكرتون حتى 24 ساعة. غير أنه تم الحصول على هذه البيانات في ظروف اختبارية، ومن غير المؤكد أن كمية الفيروسات المتبقية كافية لنقل العدوى.
وأوصت الباحثة: «ينبغي أن نحذّر في المقام الأول من الأغراض والسطوح التي يمكن أن يلامسها عدد كبير من الأشخاص مثل طاولات المقاهي والقضبان المعدنية في وسائل النقل المشترك ومقابض الأبواب وأزرار المصاعد والمفاتيح الكهربائية في المساحات المشتركة». وتابعت: «بما أنه ليس من الممكن أن نتفادى بشكل تام ملامسة هذه الأغراض والأسطح (بالنسبة إلى الذين يقطنون مباني مثلاً، أو عند الخروج للتبضع)، من المهم أن نغسل أيدينا ونتفادى ملامسة وجهنا لتجنب العدوى، وأن نغطي فمنا بكوعنا عندما نسعل أو بمحرمة عندما نعطس حتى لا ننقل العدوى إلى الآخرين».
وأوضح عالم الأوبئة في جامعة كاليفورنيا براندون براون، أن العدو الأول هو «الأغراض التي نستخدمها في الخارج ونعيدها إلى الداخل». وقال: «في المتاجر، قد نُخرج محفظتنا بعدما نكون لامسنا أسطحاً أو أغراضاً أخرى (ملوثة)، أن نخرج نقوداً أو بطاقة أو وثيقة هوية، وكل هذا قد يتعرض» للتلوث.
ليس من المستبعد أن ينتقل فيروس «كورونا المستجد» كذلك عن طريق الفضلات البشرية، وهذا ما ورد في دراسة أجراها باحثون صينيون ونشرتها صحيفة «نايتشر» في 13 مارس (آذار).
فرصد الباحثون آثاراً للفيروس في عينة مستخرجة من عملية مسح شرجي لأطفال.
وقالت أماندين غامبل: «إذا ثبت تلوّث الفضلات، عندها سيترتب أخذ الحيطة من المراحيض أيضاً، ما قد يبدو غير منطقي بالنسبة إلى مرض تنفّسي، غير أنه سبق أن لوحظ في الماضي» مع فيروس «كورونا» الذي تسبب بوباء «سارس» في 2002 - 2003.
غير أنه لم يُعرف بعد إن كان الفيروس الذي رصدته الدراسة لا يزال في حالة تمكنه من نقل العدوى، وهو ما لا يمكن التثبت منه إلا من خلال زرعه.
والهاتف الجوال أيضاً الذي يلازمنا باستمرار قد يكون طابوراً خامساً.
وقال برادون براون: «إننا نستخدم هواتفنا الجوالة طوال النهار، سواء كنا في المنزل أو في العمل أو نتسوق في المتاجر. وهذا ما يجعله معرضاً للغاية» للفيروس.
لكنّ أستاذ علم الأحياء الحسابي في جامعة «كوليدج لندن» فرنسوا بالو، أبدى رأياً مخالفاً، إذ قال إن تعقيم الهواتف الجوالة «لن يكون مضراً، لكنني لا أرى كيف يمكن لتعقيمها أن يحمينا أو يحدّ من انتشار (كوفيد – 19) ما لم نكن نشاطر هواتفنا الجوالة مع آخرين».
ويمكن الاشتباه بأن لوحة مفاتيح الكومبيوتر ملوثة بالفيروسات إذ كان يتم استخدامها يدوياً، لا سيما أنها مصنوعة من البلاستيك وتتضمن الكثير من الزوايا.
لكن بعض الباحثين يرون أنها لا تلعب إلا دوراً ضئيلاً أو لا تلعب أي دور على الإطلاق في نقل الفيروس، إذا ما افترضنا أن مستخدمها، وهو في غالب الأحيان المستخدم الوحيد لها، يغسل يديه عند وصوله إلى منزله أو إلى مكتبه.
ولفت براندون براون أيضاً إلى أن مياه الصنبور والأطباق الساخنة آمنة للاستهلاك، خلافاً للاعتقاد السائد. وقال: «إن مياه الصنبور تخضع للمعالجة والتنظيف بشكل مركزي، وهي لا تشكّل خطراً فيما يتعلق بـ(كوفيد – 19)». وتابع: «بالنسبة إلى الطعام، إن كانت المأكولات غير المطهية التي تشترونها ملوثة بالفيروس، فسوف يموت الفيروس بعد الطهي».


مقالات ذات صلة

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية قد يساعد مرضى الشلل على المشي (رويترز)

أقطاب كهربائية بالدماغ تمكّن مصابين بالشلل من المشي مسافات قصيرة

خلصت دراسة وشهادة، نُشرتا أمس (الاثنين)، إلى أن التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية يمكن أن يساعد بعض المصابين بالشلل على المشي.

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك يرصد البحث أن ارتفاع مستويات الدهون الحشوية يرتبط بانكماش مركز الذاكرة في الدماغ (رويترز)

دهون البطن مرتبطة بألزهايمر قبل 20 عاماً من ظهور أعراضه

أفاد بحث جديد بأن نمو حجم البطن يؤدي إلى انكماش مركز الذاكرة في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الخضراوات الورقية تعدّ من الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم (رويترز)

مفتاح النوم ومحارب القلق... إليكم أفضل 10 أطعمة لتعزيز مستويات المغنيسيوم

إنه مفتاح النوم الأفضل والعظام الأكثر صحة والتغلب على القلق، ولكن انخفاض مستويات المغنيسيوم أمر شائع. إليك كيفية تعزيز تناولك للمغنيسيوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ استدعت شركة «صن فيد بروديوس» الخيار المعبأ في حاويات من الورق المقوى بكميات كبيرة (إدارة الغذاء والدواء الأميركية)

سحب شحنات من الخيار بعد تفشي السالمونيلا في ولايات أميركية

تحقق السلطات الأميركية في تفشي عدوى السالمونيلا التيفيموريوم المرتبطة بتناول الخيار في ولايات عدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».