«الترند» في زمن «كورونا»... سخرية من الإجراءات وأدوية «مغلوطة»

بلاغ ضد مطربين شعبيين في مصر بعد تحريضهم على تجاهل سبل الوقاية

«الترند» في زمن «كورونا»... سخرية من الإجراءات وأدوية «مغلوطة»
TT

«الترند» في زمن «كورونا»... سخرية من الإجراءات وأدوية «مغلوطة»

«الترند» في زمن «كورونا»... سخرية من الإجراءات وأدوية «مغلوطة»

في الوقت الذي تكثف الحكومة المصرية من دعواتها للمواطنين بالبقاء في المنازل وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى، بالتعاون مع فنانين ورياضيين كثيرين، للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد في البلاد، يبحث آخرون عن تصدر «الترند»، لتحقيق مزيد من الشهرة على منصات مواقع التواصل الاجتماعي في مصر عبر نشر مقاطع فيديو تخالف السائد، أو تتسم بالسخرية، وهو ما أثار انتقادات واسعة في مصر، وسط دعوات بمعاقبة الذين يحرضون على تجاهل سبل الوقاية من كورونا بجانب الذين ينشرون أسماء أدوية مغلوطة لعلاج الفيروس.
وقدم المحامي المصري أيمن محفوظ أمس، بلاغاً للنائب العام ضد كل من عمر كمال ورضا البحراواي وآخرين، من مطربي المهرجانات اتهمهم فيه بـ«السخرية من الإجراءات التي تتخذها الدولة حيال تداعيات انتشار الفيروس عبر مقطع فيديو جرى تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
ويظهر مقطع الفيديو سخرية عمر كمال ومن معه من إجراءات الوقاية، فبينما يحذر في بداية الفيديو من الأحضان والقبلات وعدم ترك مسافة كافية بين الجالسين، فإنّه ينفذ عكس ما ينصح به تماماً، وهو ما فسره متابعون بالتهكم على الإجراءات الحكومية الأخيرة.
وتسبب مقطع الفيديو الذي ظهر فيه هؤلاء المطربون في توجيه انتقادات حادة ضدهم، من قبل جمهور «السوشيال ميديا» في مصر، ووفق البلاغ المقدم فإن «مقطع الفيديو ينبئ بأنّ مطربي المهرجانات عمر كمال والبحراواي مستعدان لفعل أي شيء بغرض الشهرة، ولو على جثث أبناء الوطن والأخطر استهدافهما لفئة الشباب الأكثر تأثيراً فيهم».
وذكر مقدم البلاغ أنّه «في الوقت الذي تبذل الدولة جهوداً جبارة وتضخ المليارات من أجل مكافحة الوباء، يأتي هؤلاء المطربين من أجل سعيهم للشهرة بتعريض حياة الملايين للخطر، فلا بدّ من محاسبتهم قانونيا وطبقا للمادة 177 عقوبات، وهي التحريض على عدم الانقياد للقوانين وأوامر الحكومة وبنشر أخبار كاذبة لتكدير السلم العام». مشيراً إلى أنّ «عقوبة هذه الاتهامات هي الحبس والغرامة»، واعتبر «من ظهروا في الفيديو فاعلين أصليين في الجريمة بالعقوبة ذاتها». مطالبا بـ«سرعة التحقيق في البلاغ، وضبط وإحضار المشكو في حقهم وتفعيل مواد الاتهام».
وحقق مطرب المهرجانات عمر كمال شهرة كبيرة خلال الآونة الأخيرة عبر أغنيتي «بنت الجيران»، و«عود البطل» مع صديقه المطرب حسن شاكوش، واستُضيفا في بعض البرامج التلفزيونية المصرية للحديث عن تجربتهما في الغناء الشعبي وكيفية وصولهما إلى الشهرة.
وفي مقطع فيديو آخر، حقّق نسب مشاهدة مرتفعة، ظهر شاب مصري يرتدي قفازات بلاستيكية وكمامة يدخن الشيشة عبر زجاجة «ديتول»، وأطلق على تجربته الجديدة «شيشة ضد الكورونا»، وأضاف إليها «فيتامين سي»، أو «برتقال»، حسب وصفه، وقال في نهاية المقطع: «(احمي نفسك من الكورونا وتعالى عندي)». وهو ما تسبب في تعرضه لانتقادات حادة من المتابعين الذين اتهموه أيضاً بالبحث عن الترند في أزمة كورونا.
ولقيت عشرات الصور ومقاطع الفيديو الساخرة من الأزمة الجارية تفاعلاً كبيراً من جمهور «السوشيال ميديا» في مصر وتعلق بعضها بالحرص على اتباع إجراءات السلامة، وقرارات الحجر الصحي.
ورداً على نشر بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أسماء أدوية تعالج فيروس كورونا، أكدت هيئة الدواء المصرية، في بيان صحافي أمس أنّ «الاستخدام غير السليم لمركب الهيدروكسي كلوروكين كعلاج لفيروس كورونا المستجد يؤدي لأعراض جانبية، وأنّه لم يُعتمد دواء للعلاج أو الوقاية ضد الفيروس حتى الآن»، مشيرة إلى أنّ «هذا المركب مصرح باستخدامه حالياً في علاج الملاريا والذئبة والتهاب المفاصل الروماتويدي، وله العديد من الآثار العكسية ومن ضمنها التأثير السلبي على عضلة القلب وتلف في الشبكية، كما أنّ المستحضر له العديد من التفاعلات مع الأدوية الأخرى من ضمنها أدوية السكر وبعض أدوية القلب، لذلك يجب ألا تستخدم هذه المركبات من دون توجيه وإشراف طبي لضمان الاستخدام الآمن للمستحضر وتفادي أي مخاطر أو آثار عكسية.
وطالبت الهيئة بـ«ضرورة اتباع إرشادات وزارة الصحة والسكان فيما يخص التعقيم والوقاية من الإصابة بفيروس COVID - 19».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».