طهران تنجح في استعادة مهندس إيراني من فرنسا رغم طلبه أميركياً

إيران تفرج عن باحث أكاديمي فرنسي وتبقي رفيقة دربه في السجن

روح الله نجاد
روح الله نجاد
TT

طهران تنجح في استعادة مهندس إيراني من فرنسا رغم طلبه أميركياً

روح الله نجاد
روح الله نجاد

قبل 11 يوما، أجازت محكمة التمييز جنوب فرنسا تسليم رجل الأعمال الإيراني جلال روح الله نجاد إلى الولايات المتحدة الأميركية التي طلبت القبض عليه لدى نزوله في مطار مدينة نيس بداية شهر فبراير (شباط) الماضي آتيا من موسكو.
وأعقبت واشنطن طلب التوقيف بطلب آخر هو تسلم روح الله نجاد وهو مهندس متخصص في الألياف البصرية، لمحاكمته على أراضيها بتهمة الارتباط بالحرس الثوري ومخالفة القوانين الأميركية وتهريب معدات يمكن استخدامها لأغراض عسكرية وتحديدا للبرنامج النووي الإيراني الذي تعتبر واشنطن أن غائيته هي الحصول على السلاح النووي. ومن أجل إتمام عملية التسليم من الجانب الفرنسي، كان يتعين أن يوافق عليها رئيس الحكومة بإصدار مرسوم. والحال أن باريس وجدت نفسها أمام خيارين «أحلاهما مر»: فهي إذا استجابت، فسوف تثير غضب طهران التي قبضت، بداية شهر يونيو (حزيران)، في طهران، على مواطنين فرنسيين هما فريبا عادلخواه ورولان مارشال وكلاهما أكاديمي ومعروفان بأبحاثهما وساقت بحقهما تهم بث دعاية معادية والعمل لجهات أجنبية. أما إذا رفضت تسليم المهندس الإيراني، فإنها سوف تثير حفيظة واشنطن التي تتهم الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي بممالأة إيران والتهاون معها في الملف النووي. لكن يبدو واضحا أن باريس فضلت رفض التسليم واختارت، عوض ذلك، مبادلة روح الله نجاد بـرولان مارشال وفريبا عادلخواه. لكن ما حصل أنها نجحت فقط في إخراج الأول من سجن أيفين، الواقع شرق طهران فيما رفض الجانب الإيراني إخلاء سبيل الباحثة عادلخواه باعتبار أن إيران لا تعترف بازدواجية الجنسية. وبالنسبة إليها، فإنها فقط إيرانية وبالتالي ليس لفرنسا أن تتدخل بشأنها أو أن تطالب بإطلاق سراحها.
اللافت في هذه المسألة أن قصر الإليزيه سارع إلى إصدار بيان مقتضب أعرب فيه الرئيس ماكرون عن «سعادته» بالإفراج عن مارشال الذي عاد إلى باريس أمس كما «حث» السلطات الإيرانية على الإفراج «الفوري» عن «مواطنتنا فريبا عادلخواه». لكن البيان الرئاسي لم يشر بتاتا إلى إفراج السلطات الفرنسية عن روح الله نجاد كما أن أي مسؤول آخر لم يلمح إلى عملية التبادل التي جاءت متزامنة رغم تكتم باريس التي سبق لها في التسعينات أن عمدت إلى عملية مشابهة مع طهران. وقد جاء خبر الإفراج عن روح الله نجاد بداية من طهران ليل الجمعة ــ السبت إذ أعلنت القناة الإخبارية الإيرانية الناطقة باللغة الإنجليزية أن المواطن الإيراني سلم إلى السفارة الإيرانية في باريس. ولاحقا، نوهت «ميزان أونلاين» وهي الوكالة الرسمية التابعة للسلطة القضائية الإيرانية بوجود «تعاون قضائي جار» بين باريس وطهران بموجبه تم الإفراج عن روح الله نجاد مشيرة إلى أن باريس «تجاوزت» طلب التسليم الأميركي. وأظهرت صورا للتلفزيون الإيراني وصول روح الله نجاد إلى مطار طهران ليل الجمعة ــ السبت الذي استقبله أفراد من عائلته. وفي تصريح قصير للتلفزة، قال الأخير إنه «يشكر الله لأن أيام «الاحتجاز» قد انتهت».
لم تعرف حتى أمس تفاصيل التواصل بين باريس وطهران التي أدت إلى إتمام عملية التبادل. كذلك لم يعرف ما إذا كان الطرف الإيراني قد أصر على طلب الإفراج عن روح الله نجاد قبل إطلاق سراح مارشال الذي وصل بعد ظهر أمس إلى باريس واقتيد فورا إلى مستشفى «سان مونديه» العسكري القريب من باريس لإجراء سلسلة من الفحوصات. وسبق للجنة الدعم أن عبرت سابقا عن قلقها لحالة مارشال النفسية والجسدية الذي كان يحظى في سجنه بالرعاية القنصلية التي حرمت منها رفيقة دربه فريبا عادلخواه. وتجدر الإشارة إلى أن مارشال المتخصص في الدراسات الأفريقية اعتقل على أيدي أعضاء من الحرس الثوري في 5 يونيو عند نزوله من الطائرة في مطار طهران في إطار زيارة شخصية لها. وقد عمدت الباحثة الجامعية البالغة من العمر 60 عاما إلى إعلان الإضراب عن الطعام لمدة 49 يوما قبل أن تستجيب لطلب لجنة الدعم التي أبدت مخاوف على حياتها. ويعمل الاثنان لصالح مركز الأبحاث التابع لمعهد العلوم السياسية في باريس. وقد نشرت عادلخواه مجموعة من الدراسات المتخصصة بالمذهب الشيعي. واللافت في مكتباتها أنها لم تكن معارضة معلنة للنظام الإيراني بل إنها كانت تلتزم، إلى حد ما، موقفا حياديا منه الأمر الذي كان يثير جدلا حولها. وتزايدت مخاوف اللجنة بسبب تسارع انتشار كوفيد - 19 في إيران، إحدى أكثر الدول تضررا منه. وقد بلغت حصيلة الوفيات السبت في إيران جراء الفيروس 1556 حالة.
بداية، ووجهت للباحثين تهمة «التواطؤ للمساس بالأمن القومي» التي تراوحت عقوبتها بين عامين وخمسة أعوام سجن. علاوة على ذلك، وجهت لعادلخواه تهمة «الدعاية ضد نظام». وأسقطت تهمة التجسس بحقهما في يناير (كانون الثاني)، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام. وحضرت عادلخواه وحدها جلسة افتتاح المحاكمة في 3 مارس.
مع حصول عملية الإفراج المزدوجة، تكون طهران قد حققت غرضها وثبتت فائدة سياسة التبادل التي تنتهجها منذ سنوات والتي تجعل من أي باحث غربي عرضة للتوقيف. إلا أن توقيت العملية لم يأت على سبيل الصدفة بل إنه مرتبط بالوضع الصحي في إيران وتفشي وباء فيروس الكورونا على نطاق واسع. وتسعى طهران، وفق تقارير صحافية، إلى دفع البلدان الأوروبية الثلاثة الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015 للتوسط لدى واشنطن من أجل تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة عليها لتمكينها من مواجهة الوباء. لكن الجانب الأميركي لم يستجب حتى اليوم وما زال مواظبا على سياسة «الضغوط القصوى». وكانت فرنسا وبريطانيا وألمانيا قد أرسلت بداية الشهر الجاري أجهزة ومعدات طبية إلى طهران لمقاومة تفشي كوفيد ــ 19.
وأمس، أعربت لجنة الدعم لـعادلخواه ومارشال عن ترحيبها بعودة الثاني إلى فرنسا لكنها اعتبرت أن ما حصل لا يشكل سوى «نصف الطريق» وأن «المعركة مستمرة» حتى الإفراج عن الباحثة القابعة لفي السجن منذ تسعة أشهر ونصف.



بعد عام من الحرب... طريق طويل للتعافي أمام جرحى الاحتياط الإسرائيليين

تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)
تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)
TT

بعد عام من الحرب... طريق طويل للتعافي أمام جرحى الاحتياط الإسرائيليين

تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)
تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)

يمشي جندي الاحتياط الإسرائيلي، آرون بورس، بمساعدة عكازين بعد 10 أشهر من إصابته في ساقه برصاصة قناص في غزة، آملاً في التعافي الكامل من الإصابة التي لحقت به في أثناء محاولته إنقاذ قائده بأحد الكمائن.

وقال بورس: «تطاير الرصاص من كل مكان حولي».

بعد ثلاث ساعات من إطلاق النار عليه، خضع لعملية جراحية في مركز شيبا الطبي بالقرب من تل أبيب، حيث تمكن الأطباء من إنقاذ ساقه. وتبع ذلك إعادة تأهيل مكثف على مدى شهور، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

استدعى الجيش الإسرائيلي نحو 300 ألف جندي احتياط في بداية الحرب، وخدم كثير منهم لعدة أشهر في جولات متعددة. وسيكون لتجاربهم وتجارب أسرهم التي تركوها وراءهم تأثير على المواقف في إسرائيل لسنوات مقبلة.

وعالج قسم إعادة التأهيل التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية حتى شهر سبتمبر (أيلول) الماضي أكثر من 10 آلاف جندي مصاب، منذ الهجوم الذي قادته حركة «حماس» الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، الذي تبعه غزو إسرائيل لقطاع غزة.

دلالات على قتال عنيف

كان أكثر من ثلثي الذين تلقوا العلاج من جنود الاحتياط وعادوا إلى وحداتهم العسكرية تاركين الحياة المدنية.

يعاني ما يزيد قليلاً على ثلث هؤلاء الجرحى من إصابات في الأطراف، في حين يعاني الباقون من مجموعة متنوعة من الإصابات الداخلية وإصابات بالعمود الفقري، فضلاً عن جروح في العين والأذن والرأس، وهو ما يؤكد خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة.

يقول يسرائيل دودكيفيتش، الطبيب الذي يدير مركز إعادة التأهيل في مركز شيبا الطبي، إن المستشفى أدرك في السابع من أكتوبر أنه سيحتاج إلى التوسع لاستقبال تدفق الجرحى. وزاد المستشفى عدد الأسرة وفتح ثلاثة أجنحة جديدة لعلاج الجرحى. ونحو ربع موظفي المستشفى من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم.

وقال دودكيفيتش: «لا أستطيع أن أقول إن الأمر لم يكن صعباً... لكن في النهاية نجحنا في تقديم الخدمة».

تأثير سيستمر لسنوات

ومستوى الرعاية الذي يتلقاه الجنود الإسرائيليون مختلف تماماً عن نظيره في غزة، حيث قُتل أكثر من 41 ألفاً و500 فلسطيني خلال الحرب الممتدة منذ عام والتي شهدت تدمير المنظومة الصحية إلى حد كبير.

لكن تأثير الإصابات الخطيرة على جنود الاحتياط، الذين سيعودون إلى الحياة المدنية عندما تنتهي المعارك، سيستمر لسنوات عديدة.

أصيب يوسي سوشر (34 عاماً) بجروح بالغة جراء انفجار عبوة ناسفة عن بعد. ولا يزال الأطباء غير واثقين مما إذا كان سيتمكن من استعادة قدرته الكاملة على استخدام ذراعه اليسرى وكتفه بعد أن أصيبا بشظية.

ويستطيع الآن تحريك يده فقط ولكن ليس باقي ذراعه.

وقال جندي الاحتياط بينما يرقد على سرير بالمستشفى وزوجته بالقرب منه: «الأمر كان صعباً».