حقوقيون جزائريون ينتقدون «إفلات الجهاز الأمني من مراقبة القضاء»

TT

حقوقيون جزائريون ينتقدون «إفلات الجهاز الأمني من مراقبة القضاء»

احتج محامون وحقوقيون في الجزائر على استمرار اعتقال الناشطين السياسيين، على الرغم من إعلان غالبية رموزهم تعليق المظاهرات قبل حراك الجمعة الماضي، الذي شهد غياب الاحتجاجات لأول مرة منذ 13 شهرا. وكانت وزارة العدل قد أمرت النيابة وقضاة التحقيق، بالتوقف عن إصدار الإجراءات القضائية السالبة للحرية، تماشيا مع التدابير الحكومية الاستثنائية لمحاربة فيروس «كورونا» المستجد.
وأكدت «لجنة الإفراج عن معتقلي الحراك» في حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي أن عددا كبيرا من النشاطين تعرضوا للاعتقال بعدة ولايات، عشية «حراك الجمعة الـ57»، الذي لم يتم بسبب دعوات رموز المظاهرات بتجنب التجمعات الحاشدة، حفاظا على الصحة العامة. وتحدثت «اللجنة» عن «اعتقالات استعراضية في الشوارع طوال الأسبوع الماضي، والاعتداء جسديا ولفظيا على مناضلين، منهم نساء. ولم تكتف قوات الأمن بهذا الشكل من القمع، إذ اختطفت العديد من المناضلين».
وقدمت «اللجنة» أمثلة عن «مختطفين»، مثل زهير خدام، وعماد دحماني، وصادق لوعيل وعبد القادر راس الما، الذين اقتادهم رجال درك بزي مدني إلى مكان مجهول، حسب اللجنة يوم الجمعة 13 مارس (آذار) الحالي، بعد أن شاركوا في المظاهرات التي نظمت في اليوم نفسه بالعاصمة، وكانوا لحظة الاعتقال عائدين إلى بيوتهم.
وقال أقارب دحماني، وهو طالب بالجامعة، إن محكمة بالعاصمة وضعته تحت الرقابة القضائية، واتهمته بـ«التحريض على التجمهر غير المسلح». في حين تم إيداع خدام الحبس الاحتياطي، وإعلان محاكمته غدا الاثنين، وهو متهم حسب أحد محاميه، بـ«المس بوحدة ومصالح الوطن»، بسبب منشورات له بحسابه بفيسبوك أزعجت السلطات.
وأحصت «اللجنة» اعتقال 20 شخصا في السابع من الشهر الحالي خلال مظاهرة بالعاصمة، تعاملت معها عناصر مكافحة الشغب باستخدام القوة. وبحسب «اللجنة» ذاتها، لا يزال غالبية المعتقلين في الحجز تحت النظر، ولذلك طالبت بالإفراج عنهم فورا. واحتجت «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» بشدة على «إخفاء المناضل إبراهيم دواجي في مكان مجهول لعدة أيام»، بعد اعتقاله من طرف رجال أمن بزي مدني في مدينة مستغانم (غرب)، حيث يقيم منذ 10 أيام. وتم نقله إلى العاصمة للتحقيق معه حول نشاطه، دون علم عائلته بمكانه، حسب «الرابطة».
وقال عبد الغني بادي، محامي معتقلي الحراك، إنه سأل وكيل الجمهورية (النيابة) بـ«محكمة سيدي امحمد» (أهم محاكم العاصمة) عن مكان احتجاز دواجي «فقيل لي إنهم لا يعرفون أين هو». وانتقد بشدة «إفلات الجهاز الأمني كليا من رقابة النيابة»، وهي الجهة المسؤولة عن متابعة أوضاع المحتجزين تحت النظر في سجون الأجهزة الأمنية الثلاثة: شرطة ودرك وجهاز مخابرات.
وبإحالة دواجي، وهو أستاذ بالجامعة، إلى النيابة الخميس الماضي، تعرفت عائلته ومحاموه على مصيره، إذ تم إيداعه الحبس الاحتياطي في انتظار تحديد تاريخ محاكمته. ويعد سجنه الثالث منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وتتعارض الاعتقالات الأخيرة، حسب حقوقيين، مع قرارات صادرة عن وزارة العدل، في إطار وقاية السجون والمحاكم من وباء «كورونا» المستجد، وأهمها تعليق الإجراءات القضائية التي تحرم المعتقلين من الحرية، وذلك باستبدال الرقابة القضائية والإفراج المؤقت بها. وترفض الجهات الأمنية التعاطي مع وسائل الإعلام بشأن الاعتقالات. وسبق لمديرية الأمن أن فسرتها في بيانات تصدر بعد المظاهرات بـ«حفظ الأمن، ووقاية الممتلكات العامة والخاصة»، من دون نشر أسماء المعتقلين.
ويعيب مناضلو حقوق الإنسان على قضاة النيابة والتحقيق أنهم يأخذون تقارير الأمن بشأن الموقوفين والوقائع المنسوبة لهم على أنها «حقيقة مطلقة»، وأنهم غالبا ما يستندون إليها في قرارات الإيداع رهن الحبس الاحتياطي. وتتضمن تقارير أغلب المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، الدورية، حول أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر، هذه القضية، وتوصي بـ«إنهاء سيطرة السلطات الأمنية والجيش على القضاء».
وأكد المحامي بادي في مقابلة مع صحيفة «الخبر»، أمس، أن السلطة «تراجعت عن مسار التهدئة بعد أسبوعين من انتخابات الرئاسة (12 ديسمبر الماضي). فقد تركت انطباعا بأنها في توجه جديد، عندما أفرجت عن 76 مسجونا في يوم واحد (20 يناير الماضي)، ومن بينهم رجل الثورة لخضر بورقعة، رغم أن إجراءات الإفراج المطعون في قانونيتها أعطت تأكيدا بأن هذه القرارات لم تكن قضائية، وأن القضاء تم توظيفه في الإفراج كما في إيداع الحبس».
كما لاحظ المحامي أن الاعتقالات الأخيرة طالت أشخاصا سبق أن سجنوا، وهو «ما يثبت أن السلطة مصممة على إسكات كل صوت ما زال يطالب بالتغيير»، حسب تعبيره.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.