رحيل معالي زايد.. «بنت البلد» في الدراما المصرية

بطلة فيلمي «الشقة من حق الزوجة» و«كتيبة الإعدام»

رحيل معالي زايد.. «بنت البلد» في الدراما المصرية
TT

رحيل معالي زايد.. «بنت البلد» في الدراما المصرية

رحيل معالي زايد.. «بنت البلد» في الدراما المصرية

بعد صراع مع المرض ومشوار حياة متنوع في فنون الدراما، غيب الموت أمس بالقاهرة، الفنانة المحبوبة «بنت البلد» معالي زايد عن عمر يناهز 61 عاما، لتلحق برفيقتها في الدرب الفنانة مريم فخر الدين التي رحلت عن عالمنا الأسبوع الماضي.
وأعلن وكيل نقابة المهن التمثيلية، الفنان سامح الصريطي، في تصريح لوكالة «أنباء الشرق الأوسط»، إن «جنازة الفنانة الراحلة ستقام اليوم بعد صلاة الظهر من مسجد السيدة نفيسة، وستدفن في مقابر الأسرة بالإمام الشافعي في القاهرة».
رحلت معالي زايد بعد أيام قليلة من يوم ميلادها، في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 1953، ولفتت ملامحها المصرية الصميمة وخفة دمها أنظار جمهورها، فأطلق عليها لقب «بنت البلد» تعبيرا عن مدى قربها من قلوبهم وهمومهم.
ودخلت الفقيدة مستشفى المعادى العسكري بالقاهرة بعد صراع مع مرض السرطان، وبعد احتجازها منذ أسابيع بالعناية المركزة بأحد المستشفيات بعدما فوجئت بإصابتها بالمرض، الذي انتشر بصورة سريعة حتى أصاب الكبد والرئة؛ مما أدى إلى فشل تام في أجهزة التنفس، وتم وضعها على أجهزة التنفس الصناعي داخل غرفة العناية المركزة بمستشفى المعادى العسكري، حسبما أفادت مصادر طبية. تمتعت معالي زايد بروح مرحة تعشق الدعابة و«القفشة»، وترى الحياة ضحكة كبيرة، مهما شابتها العثرات والفجوات، وكانت صديقة لعدد كبير من الكتاب، والفنانين التشكيليين على وجه الخصوص، وكانت تحرص على زيارة المعارض الفنية لهم، مستعينة بذاكرتها بصفتها فنانة تشكيلية، تهوى فن رسم «البورتريه»، قبل أن يختطفها فن التمثيل وتنخرط في غوايته، كما أنها تنتمي لعائله فنية، فوالدتها الممثلة آمال زايد (زوجة سي السيد)، أحد أشهر الأدوار في ذاكرة السينما المصرية، وخالتها الممثلة جمالات زايد. وفور تخرجها في كلية التربية الفنية والمعهد العالي للسينما، بدأت تلفزيونيا في دبي أثناء تصوير مسلسل «الليلة الموعودة»، وحصلت عام 1987 على جائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم «السادة الرجال» من جمعية الفيلم. كما أشاد النقاد بدورها في المسلسل التلفزيوني «موجة حارة» المأخوذ عن رواية الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، الذي عرض في شهر رمضان قبل الماضي، واعتبروه علامة فارقة، ودليلا على نضج الخبرة والمقدرة على الإبهار الفني، وخلق الدراما بتلقائية في أقل المساحات والمواقف الإنسانية بساطة وحيوية.
وتلقت الأوساط الفنية نبأ مرض معالي زايد بالأسى والصدمة، ودعت الفنانة شريهان للفنانة معالي زايد بالشفاء العاجل، في أثناء مرضها بالمستشفى، وقالت شريهان عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «ربى إن معالي زايد مسها الضر وأنت أرحم الراحمين، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيها ويعفو عنها.. اللهم أمين».
تركت معالي زايد من الأعمال المهمة في السينما والمسرح والدراما التلفزيونية، منها أفلام «وضاع العمر يا ولدي» مع الفنان فريد شوقي، و«الشقة من حق الزوجة» مع الفنان محمود عبد العزيز، و«البيضة والحجر» مع أحمد زكي، كما شاركت في بطولة مجموعة من الأفلام تميزت بطابع الفانتازيا والسخرية مع المخرج رأفت الميهي، منها «السادة الرجال» و«سيداتي آنساتي» و«كتيبة الإعدام» مع المخرج عاطف الطيب. ومن أهم أدوراها في الدراما التلفزيونية «للزمن بقية»، و«عيلة الدوغري» مع شفيق نور الدين، و«دموع في عيون وقحة» مع عادل إمام، «امرأة من الصعيد الجواني»، ومن أشهر أعمالها في المسرح مسرحية «سكر زيادة» مع أبو بكر عزت.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».