روسيا مرتاحة لدورياتها مع تركيا على طريق حلب ـ اللاذقية

دمشق تعلن أن بوتين والأسد بحثا في «انتهاكات الإرهابيين» لاتفاق موسكو

رجل وزوجته قرب سيارتين مدمرتين في بلدة الباغوز شرق سوريا بعد سنة على تحريرها من «داعش» (أ.ف.ب)
رجل وزوجته قرب سيارتين مدمرتين في بلدة الباغوز شرق سوريا بعد سنة على تحريرها من «داعش» (أ.ف.ب)
TT

روسيا مرتاحة لدورياتها مع تركيا على طريق حلب ـ اللاذقية

رجل وزوجته قرب سيارتين مدمرتين في بلدة الباغوز شرق سوريا بعد سنة على تحريرها من «داعش» (أ.ف.ب)
رجل وزوجته قرب سيارتين مدمرتين في بلدة الباغوز شرق سوريا بعد سنة على تحريرها من «داعش» (أ.ف.ب)

كشفت وزارة الدفاع الروسية جانباً من نشاطات عسكرييها خلال قيامهم بدوريات في المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومة السورية، وأعربت عن ارتياحها لتسيير الدوريات مع تركيا على طريق حلب - اللاذقية.
وأفاد الكرملين بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أجرى اتصالاً هاتفياً الجمعة، مع الرئيس السوري بشار الأسد، «تم خلاله التركيز على تطورات الوضع في سوريا وسير تطبيق الاتفاق حول وقف إطلاق النار في إدلب». وذكر الكرملين، في بيان، أن المكالمة تطرقت إلى «بحث الوضع في سوريا، بما في ذلك تطبيق الاتفاقات الروسية - التركية الموقعة في 5 مارس (آذار) الحالي، حول إرساء الاستقرار في منطقة إدلب، كما تطرق الطرفان إلى ملفات العملية السياسية في إطار عمل اللجنة الدستورية السورية، وكذلك موضوع المساعدات الإنسانية لسوريا».
كان الصحافي اناتولي تشالي المسؤول في وحدات الشرطة العسكرية التابعة للوزارة، أعلن أن تسيير أولى الدوريات في قسم الطريق السريعة «إم4» في سوريا بين حلب ومحافظة الحسكة، لم يواجه بتعقيدات. وزاد أن «العسكريين الروس خلال الدورية أجروا محادثات مع السكان المحليين في البلدات الواقعة في المنطقة لتحديد احتياجاتهم وتسوية بعض الملفات المطلبية، خصوصاً على صعيد المساعدات الطبية».
وتابع أن «الدوريات البرية شملت ناقلات الجنود المدرعة والمدرعات من طراز (تايفون)»، مشيراً إلى مرافقة الدوريات من الجو عبر استخدام مروحيات من طرازي «مي8» و«مي35».
وقال ألكسندر كودرياشوف وهو قائد مروحية «مي8» إنه خلال الدورية الجوية «لم تكن هناك انتهاكات أو أعمال استفزازية. كما لم يتم العثور على جماعات مسلحة غير قانونية. نأمل في مزيد من تعزيز للتسوية السلمية في المنطقة».
ووفقاً له، فإن المروحيات تقوم بالطيران أثناء تحركات الدوريات على ارتفاع منخفض، ما يسمح بتقييم مفصل للوضع على الأرض مع ضمان سلامة الطيران، لأن المروحيات «تقع خارج منطقة تدمير أنظمة الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات». ولفت العسكريون الروس إلى أن «السكان المحليين يرحبون بالدوريات الروسية». وقال تشالي إن «موقف السكان المحليين إيجابي. وهم يبدون ترحيباً بحقيقة أننا هنا، ويأملون في أن نبقى هنا في المستقبل».
اللافت أن المتحدثين الروس لم يتطرقوا إلى آليات التنسيق التي وضعت مع الجانب التركي، في هذه الدوريات. وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت في وقت سابق، مقتل عسكريين تركيين الخميس، خلال اشتباكات مع «تشكيلات إرهابية خلال تنفيذ عملية استطلاع هندسي على الطريق (M4) بمنطقة إدلب شمال غربي سوريا».
وقال مدير مركز حميميم أوليغ جورافلوف، في بيان: «تعرض عسكريون أتراك في 19 مارس (آذار) خلال تنفيذ عملية استطلاع هندسي على الطريق M4 لهجوم من قبل مسلحي أحد التشكيلات الإرهابية غير الخاضعة لسيطرة تركيا. وأدى الاشتباك إلى مقتل عسكريين تركيين اثنين».
وشدد جورافلوف على أن «الجانب التركي يتخذ إجراءات ضرورية لتهيئة ظروف آمنة لتسيير الدوريات المشتركة في الطريق M4، بهدف تطبيق الاتفاقات التي توصل إليها الرئيسان الروسي والتركي (فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان) يوم 5 مارس».
وسبق أن أكدت وزارة الدفاع الروسية أن «المجموعات المسلحة الموالية لتركيا تلتزم بشكل عام بوقف إطلاق النار، فيما تواصل تشكيلات (هيئة تحرير الشام) التي رفضت هذا الاتفاق، شن الهجمات وعمليات القصف».
إلى ذلك، سجلت لجنة رصد انتهاكات وقف الأعمال العدائية في سوريا 4 انتهاكات وقعت خلال الساعات الـ24 الماضية. فيما سجل الجانب التركي وفقاً لبيان، 3 انتهاكات. ووفقاً للنشرة الإخبارية اليومية التي تصدرها وزارة الدفاع الروسية حول وقف إطلاق النار، فإن التنسيق بين الطرفين التركي والروسي لرصد الانتهاكات متواصل بشكل نشط ويجري على مدار الساعة.
على صعيد آخر، قالت آنا كوزنتسوفا، مفوضة حقوق الطفل في روسيا، إن موسكو تستعد لنقل 30 طفلاً «روسياً» من منطقة الحرب في سوريا.
وقالت المفوضة في تقرير إن «الوثائق الخاصة بأكثر من 30 طفلاً روسياً في منطقة الحرب في سوريا باتت جاهزة. ونحن مستعدون فعلياً لنقلهم، لقد تم إعداد جميع المستندات اللازمة لذلك، ولكن للأسف، فإن الوضع مع إجراءات الحجر الصحي لا يسمح لنا بتسريع العملية».
وزادت كوزنيتسوفا أن العمل مستمر لتحديد صلة قرابة أعداد أخرى من الأطفال، من خلال تجهيز الوثائق وإجراء فحوصات مواد الحمض النووي التي أخذها المتخصصون من القُصر وأقاربهم المحتملين، والحصول على حكم قضائي يسمح بالتحرك بعد ظهور نتائج الفحوص. وأوضحت أنه «بمجرد رفع الحجر الصحي، سنكون مستعدين للعودة إلى سوريا، وروسيا لديها مجموعة كبيرة من الأطفال هناك».
وكانت موسكو أعلنت في وقت سابق، أنها استعادت 157 طفلاً من مناطق الحرب في الشرق الأوسط؛ 122 من العراق و35 من سوريا. كما تمكن الأطباء الروس خلال زيارة قامت بها كوزنيسوفا إلى دمشق من أخذ عينات من الحمض النووي من أكثر من 70 طفلاً في مخيمات اللاجئين، التي لم تكن خاضعة لسيطرة دمشق.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.