أنقرة: لن نسحب قواتنا من إدلب وانتشارها مستمر حسب تفاهم موسكو

TT

أنقرة: لن نسحب قواتنا من إدلب وانتشارها مستمر حسب تفاهم موسكو

نفت تركيا حدوث أي تغيير في انتشار قواتها ونقاط المراقبة العسكرية في منطقة خفض التصعيد في إدلب شمال غربي سوريا، مشددة على أن فعاليات القوات التركية مستمرة بالمنطقة ولن تنسحب منها.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس (الجمعة) تعليقا على أخبار متداولة في بعض وسائل الإعلام حول انسحاب القوات التركية من منطقة «خفض التصعيد» بمحافظة إدلب، أنه «في إطار تفاهم موسكو حول إدلب الموقع في 5 مارس (آذار) الجاري، تتواصل جميع فعاليات الجيش التركي بالمنطقة، من أجل توقف إراقة الدماء وتحقيق الأمن وإنهاء المأساة الإنسانية وعودة المدنيين إلى أماكنهم».
وأضاف البيان: «فعاليات انتشار الوحدات العسكرية التركية متواصلة بمنطقة خفض التصعيد في إدلب منذ بدأ وقف إطلاق النار في 6 مارس (آذار) الجاري... وفي هذا الصدد، فإن الأخبار التي تداولتها بعض وسائل الإعلام حول انسحاب تلك الوحدات من المنطقة، غير صحيحة».
وأعلن الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين، عقب لقائهما في موسكو في 5 مارس (آذار) الجاري، توصلهما إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في إدلب اعتبارا من 6 من الشهر ذاته، كما صدر بيان مشترك عن البلدين تضمن الاتفاق على إنشاء ممر آمن على عمق 6 كم شمال وجنوب طريق حلب – اللاذقية الدولي (إم4) وتسيير دوريات تركية وروسية مشتركة، على امتداد الطريق بين منطقتي ترنبة (غرب سراقب) وعين الحور، لفتحه وتشغيله، مع احتفاظ تركيا بحق الرد على هجمات النظام السوري.
وواصل الجيش التركي الدفع بتعزيزاته العسكرية في إدلب، حيث دخل رتلان جديدان يتألفان من 110 آليات عسكرية على دفعتين من معبر كفرلوسين الحدودي شمال إدلب، نحو النقاط التركية في المنطقة.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بلغ عدد الآليات التي دخلت الأراضي السورية منذ بدء وقف إطلاق النار الجديد بموجب تفاهم موسكو 1400 آلية، بالإضافة لآلاف الجنود. كما ارتفع عدد الشاحنات والآليات العسكرية التي وصلت منطقة «خفض التصعيد» منذ 2 فبراير (شباط) الماضي أكثر من 4800 شاحنة وآلية عسكرية تركية تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات و«كبائن حراسة» متنقلة مضادة للرصاص ورادارات عسكرية، فيما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال تلك الفترة أكثر 9650 جنديا.
وجاء ذلك بعدما أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان الليلة قبل الماضي، مقتل جنديين وإصابة ثالث، بنيران من وصفتهم بـ«جماعات راديكالية» بمنطقة «خفض التصعيد» في محافظة إدلب السورية. وأفاد البيان بأن هذه الجماعات شنت هجوما بالصواريخ على القوات التركية المكلفة بمهام في منطقة خفض التصعيد في إدلب، وأن القوات التركية في المنطقة ردت بالمثل على الهجوم، وضربت على الفور أهدافا محددة في المنطقة.
وكان الهجوم وقع ظهر أول من أمس بالقرب من بلدة «محمبل» بريف إدلب على طريق «إم 4»، أثناء مهمة استطلاعية للجيش التركي بهدف إنشاء نقطة مراقبة عسكرية جديدة.
في الوقت ذاته، أعاد بعض أهالي إدلب الرافضين للتفاهمات التركية الروسية إقامة السواتر الترابية على طريق «إم 4» عند بلدة النيرب شرق إدلب، بعد أن كانت القوات التركية أزالت السواتر الترابية هناك تمهيدا لتسيير دوريات مشتركة جديدة مع روسيا لاحقا، بعد أن كان بعض الأهالي وعناصر من الفصائل السورية المسلحة الرافضة للتفاهمات التركية الروسية عرقلوا أول دورية تركية روسية على الطريق ذاته الأسبوع الماضي.
وكان المرصد السوري، أفاد بدخول آليات هندسية تركية، أول من أمس، لاستكمال فتح طريق الطريق، في حين أنشأت القوات التركية 14 مخفرا في المسافة بين بلدة النيرب وحتى أطرف قرية بسنقول.
وسيرت القوات التركية منفردة دورية عسكرية مؤلفة من 10 آليات مصفحة، انطلقت من بلدة الترنبة باتجاه محمبل وشاركت هيئة تحرير الشام في حماية الآليات التركية أثناء مرورها على الطريق.
على صعيد آخر، وقعت اشتباكات عنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وفصائل المعارضة السورية المسلحة الموالية لتركيا على محاور شمال بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي، أمس، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الجانبين.



«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

بعد محادثات في الدوحة مع «حماس»، عدّها الوسطاء «بادرة أمل»، تعالت مطالب مشاركين في اجتماع وزاري عربي - إسلامي - أوروبي في مدريد، بأهمية «وقف إطلاق النار بغزة»، قبيل اجتماعات أممية تخشى إسرائيل من أنها ستدعم الحقوق الفلسطينية.

«اجتماع مدريد» الذي عدّته القاهرة «فرصة مهمة»، ضمن جهود أممية لوقف الحرب في غزة، يراه خبراء -تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»- «مساعي جديدة ومهمة خصوصاً أنه يأتي في توقيت تقف فيه المفاوضات في ظرف حرج وتحتاج إلى دفعة، وقد يشكّل الاجتماع ضغطاً دولياً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو».

«اجتماع مدريد» يهدف إلى «التنسيق حول الأوضاع في غزة وخطوات تنفيذ حل الدولتين، والتحضير للحدث رفيع المستوى في هذا الشأن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79»، وفق إفادة وزارة الخارجية السعودية، الجمعة. ويشارك في الاجتماع «أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة (التي أُقيمت في الرياض خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2023)».

وعدّت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، «اجتماع مدريد» الذي يشارك فيه وزيرها بدر عبد العاطي بأنه «سيمثّل فرصة مهمة للتشاور حول سبل دفع جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وتنفيذ حل الدولتين».

وبحضور وزاري عربي - أوروبي، بينهم وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، وفلسطين، قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في مؤتمر صحافي: «نأمل أن يُسهم الاجتماع في دفع سبل إنهاء الحرب على غزة (...) نحن نفتح جهوداً جديدة لدعم مستقبل للفلسطينيين وسلام دائم وحل الدولتين، ونجتمع لإيصال صوت موحد عربي وإسلامي وأوروبي في هذا الصدد، وللتنسيق للاجتماعات المقبلة».

وشدد الوزير الإسباني على «دعم جهود قطر ومصر والولايات المتحدة، لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن»، مؤكداً أنه «يجب أن تقف الحرب الآن، ولا داعي لذرائع لتمديد معاناة الملايين».

تلك المطالب سينضم إليها تصويت أممي محتمل، الأربعاء المقبل، في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، على مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بإنهاء «وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 6 أشهر»، في حين دعا السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الجمعية العامة إلى «رفض هذا القرار الشائن بشكل قاطع».

آثار القصف الإسرائيلي على مباني شمال قطاع غزة (رويترز)

ومع ذلك الحراك الجديد، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، أننا أمام «مشهد جديد» تحاول فيه الأسرة الدولية حتى في غياب الولايات المتحدة، تأكيد أن أسس عملية مدريد (التي قادت لعملية سلام في 1991) باقية، وأن أسس الحل واحدة، لافتاً إلى أن «اجتماع مدريد» «سيكون مخصصاً لدعم الأمور العاجلة، وعلى رأسها وقف إطلاق النار بغزة وتعزيز جهود الوسطاء»، وهذا ما أكده وزير الخارجية الإسباني.

ويعتقد حجازي أن الاجتماع بكل تأكيد «هو بلورة للموقف الدولي نحو الهدنة»، ونوع من الضغوط على الإدارة الأميركية، ويقدّم إليها الآلية التي يمكن من خلالها النفاذ إلى جهود الحل «إذا ما رغبت في ذلك».

نتائج «اجتماع مدريد»، بالإضافة إلى التصويت الأممي، يراها المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، «مساعي جديدة من باب الضغط الدبلوماسي وترتيب الأوراق مع الأصدقاء الأوروبيين، وقد تُسهم في تحريك ملف الهدنة»، مضيفاً: «لكن رغم أهمية الحراك، مَن يمتلك الضغط الحقيقي على نتنياهو، الولايات المتحدة غير المشاركة في الاجتماع، وعليها دور كبير في وقف ما يحدث بغزة لو تحركت بجدية».

في المقابل، ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الخميس، أن هناك «استعدادات في إسرائيل ونيويورك لإدارة معركة لمواجهة الخطوات الدراماتيكية التي تعمل عليها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة»، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي «هزيمة لواء رفح» التابع لـ«حماس»، وعدم العثور على أي أنفاق «نشطة» في الحدود مع مصر، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤولين عسكريين، الخميس.

صورة اُلتقطت في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة تُظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ويسيطر الجيش الإسرائيلي حالياً على رفح الفلسطينية، والمنطقة الحدودية مع مصر، التي تشمل «محور فيلادلفيا» منذ مايو (أيار) الماضي، ولا يزال رفض نتنياهو مغادرتها عقبة رئيسية في المفاوضات؛ إذ يتذرع بأن الأنفاق تشهد تهريباً للسلاح إلى «حماس»، وهو ما نفته مصر، وطالبته بالانسحاب الفوري منه مراراً.

ووسط تأزم بالمفاوضات بسبب تلك العقبات، قال مصدر مصري رفيع المستوى، الأربعاء، في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، إن اجتماعاً حضرته «حماس» بالدوحة مع الوسطاء «يشكّل بادرة أمل» نحو عقد اتفاق.

ولا يرى حجازي أن «هناك بادرة لأن يغيّر نتنياهو مسار العنف الذي يتبناه ما لم تغيّر الولايات المتحدة أسلوبها تجاهه بشكل صارم وجاد»، ويستدرك: «أشك في ذلك، لذا سيبقى الوضع على ما هو عليه لما بعد الانتخابات الأميركية». وعوّل على «استمرار الجهود الدولية لدعم التوصل لاتفاق بوصفه أملاً وحيداً متبقياً لإنهاء التصعيد في المنطقة».

ووفق الرقب فإن العقبات التي لا تزال موجودة أمام إبرام اتفاق لا تتوقف على «محور فيلادلفيا» فقط، فهناك خلافات بشأن عدد الأسرى والمطالبات الإسرائيلية بـ«فيتو» على بعض الأسماء الفلسطينية، والوجود في الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وعودة النازحين بحرية دون تفتيش. ولفت إلى أن الحديث الإسرائيلي عن عدم وجود أنشطة بالأنفاق تأكيد على أحاديث القاهرة المتكررة، لكن على أرض الواقع هناك أبراج مراقبة وتوسعات تنشئها إسرائيل تؤكد أن نتنياهو لا يريد أي حل لهذه العقبة في هذا المحور.