«كورونا» يحرم البرامج التلفزيونية من جمهورها الحي

من ضمن الإجراءات الوقائية لمواجهة الجائحة

جمهور الاستوديو في برنامج «صار الوقت» كان يشكل عنصر تفاعل أساسياً له
جمهور الاستوديو في برنامج «صار الوقت» كان يشكل عنصر تفاعل أساسياً له
TT

«كورونا» يحرم البرامج التلفزيونية من جمهورها الحي

جمهور الاستوديو في برنامج «صار الوقت» كان يشكل عنصر تفاعل أساسياً له
جمهور الاستوديو في برنامج «صار الوقت» كان يشكل عنصر تفاعل أساسياً له

شكّلت حلقة النهائيات من برنامج «ذا فويس كيدز» في موسمه الثالث، آخر إطلالة تلفزيونية لجمهور مباشر يُعتمد عليه في استوديوهات التسجيل. يومها كانت «كورونا» لا تزال في بداياتها. ورغم ذلك اتخذت إدارة محطة «إم بي سي» إجراءات وقائية اتبعتها بدقة مع الجمهور الوافد إلى استوديوهاتها في منطقة الزوق؛ فانتشر عدد من الأشخاص على بوابات الدخول يقيسون حرارة الوافدين للتأكد من طبيعتها. فيما جرى تعقيم استوديو التصوير، قبل وبعد عرض الحلقة.
وبعد «ذا فويس كيدز» اتخذت «إم بي سي» قرارها بإيقاف جميع أعمالها المصوّرة، التي تتطلب حضور جمهور. فسجلت الحلقات الأخيرة من برنامج «غداً أجمل» لمهيرة عبد العزيز، لتقفل من بعده الباب على عمليات تسجيل هذا النوع من برامجها التلفزيونية، لا سيما أنّ موسم رمضان التلفزيوني على الأبواب ولا يندرج في برمجته هذا النوع من البرامج.
وفي حديث مع إدي خوري مدير الإنتاج للبرنامجين المذكورين في «إم بي سي» يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن البرنامج الذي يعتمد على حضور جمهور في استوديوهات التصوير يتأثر مباشرة إذا ما غاب هذا الأخير عنه. فهو يحفّز فريق العمل ويزيد من التفاعل والحماس على أجواء البرنامج».
وحسب خوري، فإن جمهور البرامج يُستقدمون أحياناً بواسطة شركات خاصة تعمل على تأمينه. وفي مرات أخرى يحضر بمعية ضيوف حلقة معينة من «فانزات» وأقارب وأصدقاء.
ومن ناحيتها، فإن محطة «إم تي في» اللبنانية اتخذت الإجراءات نفسها في هذا الصدد. فأطل الإعلامي مارسيل غانم في برنامجه «صار الوقت» في استوديو يفرغ من جمهور مباشر، كان يشكّل مقوماً أساسياً للمشاركة في برنامجه.
وفي المقابل، توقف عرض برنامج عادل كرم «بيت الكل» على الشاشة نفسها. فهو أيضاً يرتكز على حضور جمهور كبير. ومن برامج «إم تي في» التي تتطلب أيضاً جمهوراً مباشراً يتفاعل مع مجريات الحلقة المسجلة «كمشتك» للإعلامي طوني بارود. وحتى الآن، لم تتخذ إدارة «إم تي في» قراراً نهائياً فيما يخصّ الإكمال بعملية تصويره أو العكس من دون حضور جمهور مباشر. وتقول لارا لحد المسؤولة الإعلامية في المحطة: «لقد اتخذنا كافة الاحتياطات لمواجهة هذا الوباء. وإضافة إلى عمليات تعقيم الاستوديوهات وتغييب الجمهور المباشر عن البرامج التي نقدمها، قررنا إيقاف عرض بعضها كي لا نخاطر بفريق عملها». وتضيف في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «فهذا النوع من البرامج يشارك فيه عديد من الأشخاص والتقنيين المختصين بالتّصوير والإضاءة وإلى ما هنالك من فنيين ومدير مسرح وغيرهم، إضافة إلى الضيوف. وفي برنامج (بيت الكل) لعادل كرم هناك أيضاً فرقة موسيقية يزيد عدد أفرادها عن الـ6 أشخاص يتجمعون في حلقة ومساحة واحدة، ترافق سياق الحلقة التي يجري خلالها استقبال عدد من الضيوف. فكان لا بد من اتخاذ القرار المناسب للحفاظ على سلامة الجميع، وعدد المجتمعين في كل حلقة كان يتجاوز المسموح في زمن (الكورونا)».
أمّا برنامج «منا وجر» فبقي يطل على الهواء مباشرة بعد اتّخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة «كورونا». فغاب عنه جمهور الاستوديو، وكذلك قُلّص عدد المحاورين المشاركين فيه الذين يجلسون حول طاولة واحدة.
ويعلق بيار رباط مقدم برنامج «منا وجر» في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد اضطررنا في حالة الجائحة التي نعيشها إلى تقليص فريق العمل إلى نسبة تلامس 70 في المائة تشمل الفنيين والتقنيين، وخففنا أيضاً من عدد المحاورين. كما أنّنا نتبع كل سبل الوقاية المطلوبة من تعقيم استوديو التصوير قبل نصف ساعة من انطلاق الحلقة وبعد انتهاء العرض. وعندما دخلت الاستوديو غمرني شعور غريب؛ إذ كانت المرة الأولى التي يغيب فيها الجمهور. ولكن بذلت مع الفريق الجهد المطلوب لملء الفراغ في محتوى جيد وبسيط بالوقت نفسه. وعلى عكس ما توقعناه، حققت الحلقة أعلى نسبة مشاهدة، لا سيما أنّها شهدت حملة تبرعات لمستشفى رفيق الحريري انتهت بحصد مبلغ 127 ألف دولار. وهذا يعني أنّ الناس كانت ملتزمة بالبقاء في بيوتها. فعادة كنا نبذل مجهوداً أكبر ونحتار بماذا نلوّن الحلقة لاستقطاب المشاهدين. ومع هذه التجربة تأكدنا أنه مع محتوى ترفيهي بسيط يمكن استجلاب المشاهد، الذي يحتاج اليوم إلى متنفَّس ينعشه في ظل حالة من الخوف ترافقه بفعل انتشار وباء (كورونا)».
برنامج «لهون وبس» على شاشة «إل بي سي آي» توقّف أيضاً عن العرض إثر اتخاذ المحطة المذكورة إجراءات وقاية مكثفة بين موظفيها. فهي كانت صاحبة إطلاق شعار «خليك بالبيت» الذي توجهت به إلى مشاهديها إثر تفشي وباء «كورونا» في لبنان. وطلبت من غالبية موظفيها القيام بمهامهم من منازلهم. وفي نشرات الأخبار يتلو النشرة أحد المذيعين جلوساً وآخر وقوفاً يبعد عنه عدة أمتار. وفي أخرى حوارية اكتُفي بضيف واحد يُحاوره المذيع أو المذيعة تفصل بينهما المسافة المطلوبة كإجراء وقائي تجنباً لنقل العدوى في حال كان أحدهم مصاباً.
ويعلّق هشام حداد مقدم برنامج «لهون وبس» في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كان من البديهي إيقاف البرنامج رغم أنّ تصوير الحلقة الأخيرة جرى من دون جمهور في الاستوديو. ولكنّنا اتخذنا فيما بعد القرار بتوقيف التصوير للحفاظ على مصداقيتنا تجاه مشاهدينا. فكيف نطالبهم تحت شعار (خليك بالبيت) ملازمة بيوتهم، ونحن نتجمع في استوديو التصوير ونتألف من فريق موسيقي وضيوف؟».
ويؤكد حداد أنّ غياب الجمهور عن استوديو التّصوير يفقد البرنامج نكهته الحلوة، والتفاعل والحماس المطلوبين في سياق عرض الحلقة لتنعكس إيجاباً على المشاهد. ويختم: «قد نعود إلى تصوير حلقات جديدة من البرنامج بعد أن نضع أُطراً جديدة، على أمل أن تنتهي حال تفشي الوباء في أقرب وقت ممكن وبأقل خسائر ممكنة».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».