آلاف اليمنيين يواجهون «كورونا» وتداعياته من السجون

تدهور القطاع الصحي في مناطق الجماعة ومعتقلاتها

يمني يرتدي كمامة وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يرتدي كمامة وسط صنعاء (إ.ب.أ)
TT

آلاف اليمنيين يواجهون «كورونا» وتداعياته من السجون

يمني يرتدي كمامة وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يرتدي كمامة وسط صنعاء (إ.ب.أ)

تتصاعد المخاوف اليمنية من انتشار فيروس «كورونا» المستجد إلى البلاد. وكغيرهم، فإن الآلاف من المعتقلين في سجون الجماعة الحوثية سيكونون في مواجهة محتملة مع الوباء في ظل تدهور القطاع الصحي وغياب الرعاية اللازمة للسجناء، وسط دعوات لإطلاق سراحهم.
وفي هذا السياق، سارعت منظمة حقوقية دولية إلى دعوة جميع أطراف الصراع في اليمن إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين، وخصوصاً من هم في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية.
وقالت منظمة «سام» ومقرها في جنيف، في بيان رسمي: «يتوجب على أطراف الصراع في اليمن أن تبادر إلى الإفراج عن المعتقلين في ظل الأوضاع السيئة التي تعاني منها السجون اليمنية، وافتقارها للشروط الصحية والطبية والإنسانية اللائقة، الأمر الذي يهدد حياة المعتقلين». وأكدت المنظمة «أن الوضع في اليمن خطير، وينذر بكارثة حقيقية إذا تفشى المرض؛ خصوصاً أن هناك المئات من المعتقلين يعانون من الأمراض المزمنة والخطيرة، بسبب الاعتقال وعدم توفر ظروف صحية وطبية مناسبة داخل المعتقلات».
وجاءت هذه الدعوة لإطلاق المعتقلين في وقت تقدر فيه مصادر حكومية وجود أكثر من 18 ألف مختطف في معتقلات الجماعة الحوثية، ممن كانت أقدمت على اعتقالهم خلال السنوات الماضية من المعارضين السياسيين والمناهضين لمشروعها الانقلابي.
وفي حين يتخوف أهالي السجناء في معتقلات الجماعة، من أن يصبح ذووهم عرضة للإصابة بالوباء، كانت الجماعة الحوثية أفشلت -بحسب اتهامات حكومية- أكثر من محاولة لتبادل إطلاق الأسرى والمختطفين.
وتقول رابطة أمهات المختطفين في اليمن، إنها رصدت العام الماضي 183 مختطفاً مصابين بالأمراض المختلفة؛ حيث أصاب السل الرئوي 11 مختطفاً في ذمار وحدها، دون أن تتخذ إدارات هذه السجون الحوثية الإجراءات الصحية المتبعة في التعامل مع هذه الأمراض المعدية.
كما أصيب بعض المختطفين في سجون الميليشيات بصنعاء بفيروس الكبد، ولم يتلقوا العلاج الخاص بهذا المرض، إضافة إلى آلام المفاصل والقولون وأمراض جلدية معدية، مثل الجرب الذي اجتاح كافة السجون التي تديرها هذه الميليشيات.
من جهتها، كانت منظمة «سام» قد كشفت في أحد تقاريرها عن أن 41 حالة لمعتقلين، استطاعت الوصول إلى أهاليهم، جميعهم كانوا يعانون آلاماً مبرحة في سجون ميليشيات الحوثي، ويحتاجون لتدخل طبي عاجل.
ووفق تقرير المنظمة، فإن الظروف الصحية التي تفرضها ميليشيات الحوثي على المعتقلين في سجونها، يمكن وصفها بتنفيذ حكم بالموت البطيء على هؤلاء السجناء الذين يعانون أمراضاً مميتة، ويحرمون من حقهم في الحصول على العلاج، علاوة على أن كثيراً منهم أصيب بهذه الأمراض في السجن، نتيجة تعرضه للتعذيب، أو بسبب الظروف الصحية الرديئة.
وطبقاً لإحصائية حقوقية يمنية، فقد توفي أكثر من 170 مختطفاً نتيجة تعرضهم للتعذيب الشديد والإهمال المتعمد؛ حيث يعيش المختطفون في سجون ميليشيات الحوثي الانقلابية بصنعاء، أوضاعاً مأساوية ومعاناة مستمرة. وتؤكد التقارير أن الميليشيات كانت جزءاً من انتشار الأمراض؛ بل كانت العامل الأبرز لإصابة المسجونين والمعتقلين بشتى أنواع الأمراض، كما وصل الأمر إلى معاقبتهم عندما يفصحون عن إصابتهم بالمرض.
ووفق هذه التقارير، فإن جماعة الحوثي تدير 203 سجون، بينها 78 ذات طابع رسمي، و125 معتقلاً سرياً، إضافة إلى استحداث سجون سرية خاصة في «بدرومات» المؤسسات الحكومية، كما أنها حولت مقرات النقابات والأندية الرياضية إلى معتقلات تحتجز فيها خصومها السياسيين والإعلاميين والنشطاء الحقوقيين.
وإلى جانب المخاوف من تفشي «كورونا المستجد» في البلاد، كانت منظمة «أوكسفام» العاملة في اليمن، قد حذرت في وقت سابق من تفشٍّ جديد لوباء الكوليرا، مع اقتراب موسم هطول الأمطار الشهر المقبل، خصوصاً في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية التي قاد فسادها إلى تدمير القطاع الصحي، وتسخير ما بقي منه للمجهود الحربي. وقالت المنظمة في بيان الأسبوع الماضي، إن موسم الأمطار المقبل «يهدد بتضخم عدد حالات الكوليرا في اليمن؛ حيث يعوِّق الصراع الجهود المبذولة لمعالجة الأزمة المنسية».
وأكدت المنظمة أن تفشي الوباء في عام 2019 يعد الثاني على الإطلاق على الصعيد العالمي، ولا تزال الحالات في ازدياد؛ مشيرة إلى أن اليمن يعاني من أزمة كوليرا منسية، كما أن عدد الأشخاص المصابين بالمرض قد يتصاعد مع اقتراب البلاد من موسم الأمطار، في وقت تشرف فيه أنظمة الرعاية الصحية على الانهيار.
وأوضحت المنظمة أن محافظات صنعاء وحجة والحديدة وتعز وذمار هي الأكثر تهديداً؛ خصوصاً وقد سجلت منذ 2017 أكبر ارتفاع لمعدلات الإصابة بالكوليرا.
وقالت إنه تم بالفعل تسجيل أكثر من 56000 حالة مشتبه بإصابتها في الأسابيع السبعة الأولى من هذا العام، أي ما يعادل تقريباً عدد الحالات نفسها المُسجلة العام المُنصرم.
وأشارت إلى أن عدد حالات الإصابة بالكوليرا في عام 2019 هو ثاني أكبر عدد يتم تسجيله على الإطلاق في بلد ما في عام واحد؛ حيث لم يتم تسجيل عدد أكبر من ذلك سوى التفشي الذي سبقهُ في عام 2017؛ حيث تم تسجيل أكثر من 860 ألف حالة مشتبه بها، مقابل أكثر من مليون حالة في 2017. ويشكو السكان في صنعاء ومناطق يمنية أخرى، من عدم قدرتهم في زمن الميليشيات على مداواة مرضاهم، كما يشكو السكان أيضاً من الخدمات الصحية المتدهورة في المستشفيات الحكومية بمناطق سيطرة الجماعة، ويؤكدون أن تلك الخدمات تشهد تحسناً طفيفاً في بعض المستشفيات الخاصة؛ لكن أسعارها مرتفعة وبشكل كبير، وتفوق قدرتهم المادية.
وأكد السكان لـ«الشرق الأوسط» وجود المئات من حالات المعاناة والقصص الأليمة والمحزنة المنبعثة من داخل المشافي الحكومية والخاصة، في صنعاء العاصمة وبقية مناطق سيطرة الحوثيين، والتي تشير -بحسبهم- إلى وجود خلل كبير في الوضع الصحي بشكل عام.
ووفق تقارير محلية ودولية، فقد جعلت الحرب التي قادتها جماعة الحوثي ضد اليمنيين، معظم السكان في مناطق سيطرتها، بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بينما بات الملايين على حافة المجاعة، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وأدت تلك الممارسات الحوثية المتواصلة إلى انهيار كامل للقطاع الصحي في اليمن، وتدهور كبير في الخدمات الصحية بالمستشفيات الحكومية والخاصة، وتسببت في انتشار الأمراض والأوبئة، وعلى رأسها الكوليرا والدفتيريا وحمى الضنك وإنفلونزا الخنازير، وغيرها من الأوبئة والأمراض الفتاكة الأخرى.
وكان أحدث تلك الانتهاكات الحوثية، وليس آخرها، استيلاء الجماعة على ستة من المستشفيات الأهلية الكبيرة في العاصمة صنعاء، وهي: مستشفى الأم، والمستشفى الأهلي، ومستشفى جامعة العلوم، والمستشفى الألماني الحديث، ومستشفى سيبلاس، والمستشفى المغربي، وقامت بالحجز التحفظي على جميع أموالها وممتلكاتها، وتعيين حارس قضائي مزعوم عليها.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السيطرة على حريق في خط بترول شمال القاهرة

حريق في خط ناقل لمنتجات البترول بمصر (محافظة القليوبية)
حريق في خط ناقل لمنتجات البترول بمصر (محافظة القليوبية)
TT

السيطرة على حريق في خط بترول شمال القاهرة

حريق في خط ناقل لمنتجات البترول بمصر (محافظة القليوبية)
حريق في خط ناقل لمنتجات البترول بمصر (محافظة القليوبية)

سيطرت قوات الحماية المدنية المصرية على حريق في خط «ناقل لمنتجات البترول»، بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة)، الثلاثاء، فيما أعلنت وزارة البترول اتخاذ إجراءات احترازية، من بينها أعمال التبريد في موقع الحريق، لمنع نشوبه مرة أخرى.

وأسفر الحريق عن وفاة شخص وإصابة 8 آخرين نُقلوا إلى مستشفى «السلام» لتلقي العلاج، حسب إفادة من محافظة القليوبية.

واندلع الحريق في خط نقل «بوتاجاز» في منطقة (مسطرد - الهايكستب) بمحافظة القليوبية، فجر الثلاثاء، إثر تعرض الخط للكسر، نتيجة اصطدام من «لودر» تابع للأهالي، كان يعمل ليلاً دون تصريح مسبق، مما تسبب في اشتعال الخط، حسب إفادة لوزارة البترول المصرية.

جهود السيطرة على الحريق (محافظة القليوبية)

وأوضحت وزارة البترول المصرية أن الخط الذي تعرض للكسر والحريق، «ناقل لمُنتَج البوتاجاز وليس الغاز الطبيعي».

وأعلنت محافظة القليوبية السيطرة على حريق خط البترول، بعد جهود من قوات الحماية المدنية وخبراء شركة أنابيب البترول، وأشارت في إفادة لها، الثلاثاء، إلى أن إجراءات التعامل مع الحريق تضمنت «إغلاق المحابس العمومية لخط البترول، وتبريد المنطقة المحيطة بالحريق، بواسطة 5 سيارات إطفاء».

وحسب بيان محافظة القليوبية، أدى الحريق إلى احتراق 4 سيارات نقل ثقيل ولودرين.

وأشارت وزارة البترول في بيانها إلى «اتخاذ إجراءات الطوارئ، للتعامل مع الحريق»، والتي شملت «عزل الخط عن صمامات التغذية، مع تصفية منتج البوتاجاز من الخط الذي تعرض للكسر، بعد استقدام وسائل مخصصة لذلك متمثِّلة في سيارة النيتروجين»، إلى جانب «الدفع بفرق ومعدات إصلاح الخط مرة أخرى».

ووفَّرت وزارة البترول المصرية مصدراً بديلاً لإمدادات البوتاجاز إلى محافظة القاهرة من خلال خط «السويس - القطامية»، وأكدت «استقرار تدفق منتجات البوتاجاز إلى مناطق التوزيع والاستهلاك في القاهرة دون ورود أي شكاوى».

وتفقد وزير البترول المصري كريم بدوي، موقع حريق خط نقل «البوتاجاز»، صباح الثلاثاء، لمتابعة إجراءات الطوارئ الخاصة بـ«عزل الخط»، وأعمال الإصلاح واحتواء آثار الحريق، إلى جانب «إجراءات توفير إمدادات منتج البوتاجاز عبر خطوط الشبكة القومية»، حسب إفادة لوزارة البترول.

تأتي الحادثة بعد ساعات من إعلان وزارة الداخلية المصرية القبض على تشكيل عصابي من 4 أفراد قاموا بسرقة مواد بترولية من خطوط أنابيب البترول، بالظهير الصحراوي شرق القاهرة. وقالت في إفادة لها مساء الاثنين، إن «إجمالي المضبوطات بلغ 3 أطنان من المواد البترولية، و25 ألف لتر سولار».