فرنسا تقر «حالة الطوارئ الصحية» اليوم وتوقعات بتمديد الحجر الشامل

فرنسا تقر «حالة الطوارئ الصحية» اليوم وتوقعات بتمديد الحجر الشامل
TT

فرنسا تقر «حالة الطوارئ الصحية» اليوم وتوقعات بتمديد الحجر الشامل

فرنسا تقر «حالة الطوارئ الصحية» اليوم وتوقعات بتمديد الحجر الشامل

قيل قديماً: «اطلبوا العلم ولو في الصين». واليوم، تحولت هذه العبارة الشهيرة إلى «اطلب الكمامات ولو من الصين». وهذا القول لا يصح على بلدان في طور النمو تفتقر لصناعات طبية ولو بسيطة على شاكلة تصنيع كمامات للوقاية من عدوى انتقال فيروس «كوفيد - 19» الذي وصفه مدير عام منظمة الصحة الدولية بأنه «عدو البشرية»، بل على بلدان بالغة التطور الصناعي ورائدة في صناعة الأدوية. وهذه حال فرنسا، رابع قوة اقتصادية في العالم وعضو مجموعة الدول السبع الأكثر تصنيعاً، التي تفتقر لكمامات، ليست مفقودة من الأسواق فقط لعامة الناس، وإنما أيضاً للمستشفيات والأطباء والعاملين في الحقلين الطبي والصحي.
وآخر ما استجد أن الصين عمدت إلى تقديم «هدية» لفرنسا قوامها مليون كمامة، كما أن وزارة الدفاع «أفرجت» عن 5 ملايين كمامة، وأعطتها لوزارة الصحة. ودفع هذا النقص أفراداً من الأجهزة الأمنية إلى رفض القيام بواجباتهم في مراقبة المواطنين، والتأكد من احترامهم ضرورات الحجر بسبب حرمانهم من الكمامات والقفازات الواقية ومن السوائل المطهرة.
ثمة مشكلة إضافية تعاني منها المستشفيات العامة والخاصة الفرنسية؛ حيث إنها تفتقد لأجهزة التنفس الاصطناعي الضرورية لإنقاذ المصابين في حالة حرجة. ثم إن القطاع الصحي في فرنسا لا يوفر الأسرة الكافية لمعالجة مرضى كورونا الذين تتزايد أعدادهم بشكل مثير للقلق. وتفيد آخر الأرقام «التي تتغير بين ساعة وأخرى» أن المصابين بلغ عددهم حتى ظهر أمس 9134 حالة، بزيادة 1400 حالة في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة. وبين هؤلاء، 931 شخصاً تحت الرعاية الفائقة، فيما ازداد عدد الوفيات ليصل إلى 264 حالة، أي بزيادة 89 حالة في 24 ساعة. وتفيد التوقعات أن هذه الأرقام كافة إلى تصاعد، وأن فرنسا لم تصل بعد إلى «الحد الأقصى» لانتشار الوباء. والثابت أنه مع تزايد الاختبارات التي تجرى على الأشخاص الذين يظن بإصابتهم بالفيروس، فإن أرقام الإصابات سترتفع بشكل آلي.
إزاء هذا الوضع المتفاقم الذي دفع السلطات الفرنسية إلى فرض حظر عام في كل أنحاء البلاد يمنع الخروج من البيوت إلا لفئات معدودة كالأطباء والعاملين في الحقل الصحي والموظفين والعمال غير القادرين على ممارسة مهنهم عن بعد، عمد مجلس النواب إلى مناقشة مشروع قانون يخول الحكومة فرض «حالة الطوارئ الصحية»، ما من شأنه أن يعطيها صلاحيات واسعة وفرض الإجراءات التي ترتئيها من أي نوع لمواجهة تفشي الفيروس. وينتظر أن يقر البرلمان بمجلسيه «النواب والشيوخ» القانون الجديد. وجاءت جلسة مجلس النواب أمس فريدة من نوعها، إذ لم يشارك فيها سوى بضعة وزراء، بينهم رئيس الحكومة إدوار فيليب، و24 نائباً فقط، من أصل 517 لضرورات الوقاية من العدوى. ووزّع النواب بشكل يحافظ على مسافة كافية بينهم، وفرض على كل نائب متحدث أن يستخدم ميكروفوناً واحداً... أما مجلس الوزراء فإنه يعقد عبر دوائر تلفزيونية مغلقة. وأفادت تقارير صحافية أن القصر الرئاسي أصبح شبه فارغ، وأن تدابير وقائية مشددة فرضت حول الرئيس إيمانويل ماكرون، ما لم يمنعه من القيام بزيارة صباحية لمستشفى بوبينيي الواقع على مدخل باريس الشرقي.
إذا كانت السلطات تريد من المواطنين احترام الحجر الكامل، فهي في الوقت عينه تريد للدورة الاقتصادية أن تتواصل، خصوصاً القطاعات الاستراتيجية. من هنا، فإن الرئيس ماكرون دعا الشركات والموظفين إلى الاستمرار في ممارسة أعمالهم. وخلال اجتماع جرى أمس بواسطة دوائر تلفزيونية مغلقة مع مجموعة من الوزراء المكلفين مراقبة تطور الاقتصاد في زمن «كوفيد - 19»، حثّ ماكرون الشركات والموظفين على تحمل «مسؤولياتهم المدنية» وممارسة أعمالهم في مراكزهم الإنتاجية مع احترام قواعد الوقاية. وتعود هذه الدعوة بعد أن تبين أن أعداداً من الموظفين والعمال ترفض الالتحاق بأعمالها لتخوفها من العدوى، ما من شأنه التأثير على توفير المواد الغذائية إلى المتاجر والمخازن. وإذا استمرت الأمور على هذا المنوال، فمن شأنها إثارة الذعر لدى المستهلكين، ودفعهم إلى الانقضاض على الأسواق والمحلات، وهو ما تسعى السلطات لتفاديه. وتركز الحكومة اهتمامها على 3 قطاعات؛ الصحي (صناعة الأدوية والصناعات الكيماوية ذات الصلة) والغذائي والنقل.
وفي الساعات الأخيرة، تواترت التصريحات من جانب المسؤولين ومن أهل الاختصاص، التي تفيد أن حالة الحجر لن تدوم أسبوعين فقط، وهو ما كان قد أعلنه ماكرون ليل الاثنين - الثلاثاء، بل إنها سوف تمدد. ولا شك أن العمل بقانون «الطوارئ الاقتصادية» سيوفر للحكومة الأداة القانونية والصلاحيات التي تحتاج إليها لمواجهة وضع صحي، لا أحد يعرف اليوم إلى أين سيقود البلاد.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

360 صحافياً مسجونون في العالم... والصين وإسرائيل في صدارة القائمة السوداء

عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)
عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)
TT

360 صحافياً مسجونون في العالم... والصين وإسرائيل في صدارة القائمة السوداء

عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)
عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)

أعلنت لجنة حماية الصحافيين، اليوم الخميس، أنّ عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024، مشيرة إلى أنّ إسرائيل احتلّت، للمرة الأولى في تاريخها، المرتبة الثانية في قائمة الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين، بعد الصين.

وقالت جودي غينسبيرغ رئيسة هذه المنظمة غير الحكومية الأميركية المتخصصة في الدفاع عن حرية الصحافة، في بيان، إن هذا التقدير لعدد الصحافيين المسجونين هو الأعلى منذ عام 2022 الذي بلغ فيه عدد الصحافيين المسجونين في العالم 370 صحافياً. وأضافت أنّ هذا الأمر «ينبغي أن يكون بمثابة جرس إنذار».

وفي الأول من ديسمبر (كانون الأول)، كانت الصين تحتجز في سجونها 50 صحافياً، بينما كانت إسرائيل تحتجز 43 صحافياً، وميانمار 35 صحافياً، وفقاً للمنظمة التي عدّت هذه «الدول الثلاث هي الأكثر انتهاكاً لحقوق الصحافيين في العالم».

وأشارت لجنة حماية الصحافيين إلى أنّ «الرقابة الواسعة النطاق» في الصين تجعل من الصعب تقدير الأعداد بدقة في هذا البلد، لافتة إلى ارتفاع في عدد الصحافيين المسجونين في هونغ كونغ، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

أمّا إسرائيل التي تعتمد نظام حكم ديمقراطياً يضمّ أحزاباً متعدّدة، فزادت فيها بقوة أعداد الصحافيين المسجونين منذ بدأت الحرب بينها وبين حركة «حماس» في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأكّدت المنظمة غير الحكومية ومقرها في نيويورك أنّ «إسرائيل حلّت في المرتبة الثانية بسبب استهدافها التغطية الإعلامية للأراضي الفلسطينية المحتلّة».

وأضافت اللجنة أنّ هذا الاستهداف «يشمل منع المراسلين الأجانب من دخول (غزة) ومنع شبكة الجزيرة القطرية من العمل في إسرائيل والضفة الغربية المحتلة».

وتضاعف عدد الصحافيين المعتقلين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية خلال عام واحد. وأفادت المنظمة بأنّ إسرائيل التي تعتقل حالياً 43 صحافياً جميعهم من الفلسطينيين تجاوزت عدداً من الدول في هذا التصنيف؛ أبرزها ميانمار (35)، وبيلاروسيا (31)، وروسيا (30). وتضمّ قارة آسيا أكبر عدد من الدول التي تتصدّر القائمة.

وأعربت جودي غينسبيرغ عن قلقها، قائلة إن «ارتفاع عدد الاعتداءات على الصحافيين يسبق دائماً الاعتداء على حريات أخرى: حرية النشر والوصول إلى المعلومات، وحرية التنقل والتجمع، وحرية التظاهر...».