بوتين: لستُ القيصر... فأنا لا أحكم من غرفة مغلقة

قال إنه لم يحدد موقفه بشأن الترشح للرئاسة مجدداً

بوتين متحدثاً في أحد اللقاءات (أ.ب)
بوتين متحدثاً في أحد اللقاءات (أ.ب)
TT

بوتين: لستُ القيصر... فأنا لا أحكم من غرفة مغلقة

بوتين متحدثاً في أحد اللقاءات (أ.ب)
بوتين متحدثاً في أحد اللقاءات (أ.ب)

قد يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فوجئ عندما واجه سؤالاً خلال مقابلة صحافية الخميس، عن نكتة رائجة في روسيا حول طول إقامته في «الكرملين»، مفادها أن «بوتين لم يعد اسماً، بل غداً مهنة». تجنّب سيد الكرملين إظهار استيائه من السؤال، ورد بأن مطلق العبارة «شخص ليس لديه أي منصب، ويقوم بإطلاق النكات فقط، ونكاته رائجة بين الناس». كان الرد اللاذع موجّهاً بالدرجة الأولى إلى نجم الاستعراضات الهزلية الروسي مكسيم غالكين الذي ردد تلك العبارة أخيراً، في برنامج تلفزيوني واسع الانتشار.
لكن السؤال والجواب عكسا أجواء المقابلة التي أجرتها وكالة أنباء «تاس» الحكومية مع الرئيس الروسي، وواجه خلالها أكثر من سؤال محرج.
كان السؤال الأبرز عن نيات بوتين بعد انقضاء فترة ولايته الرئاسية الأخيرة في العام 2024 وعلى خلفية إقرار تعديلات دستورية أخيراً، تسمح له بالترشح مجدداً للمنصب لولايتين رئاسيتين جديدتين، ما يمكن أن يبقيه في السلطة حتى عام 2036.
قال بوتين إنه لم يحدد موقفه بعد من احتمال الترشح مجدداً، لكنه لم يستبعد الخيار مشيراً إلى أن «مزاج الناس هو المهم»، وهو الذي سيملي عليه كيف يتصرف. «أمامنا أربع سنوات أخرى، ليست لديّ إجابة الآن».
وبحسب قوله، فإن ذلك يعتمد على «رغبة المواطنين». وقال بوتين: «إن القضية الأكثر أهمية والأكثر جوهرية هي الحالة المزاجية للأغلبية الساحقة من مواطني البلاد. إنها مسألة ثقة بالطبع».
ترك بوتين الباب موارباً، وهو يعرف أن استطلاعات الرأي تظهر أن الروس سوف يصوتون لصالح التعديلات الدستورية في استفتاء يجري، الشهر المقبل، رغم أن الاستطلاعات ذاتها أظهرت تراجعاً ملموساً في شعبيته خلال الفترة الأخيرة على خلفية تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد.
قال بوتين خلال المقابلة: «المصدر الرئيسي للسلطة هو الشعب. أتكلم من دون رتوش، من المهم جداً بالنسبة إلى أن أشعر بفهم ما يريده الناس. هذه مسألة مبدأ».
أكثر من ذلك قال الرئيس إنه أصلاً لم يخطر بباله يوماً أنه سيحكم روسيا لعقدين متتاليين، و«هكذا جرت الأمور، لم يخطر ببالي أبداً. لم أكن أعتقد أنني سأكون هنا».
لكنه استدرك عندما لاحقه السؤال حول الموضوع: «هناك شعور بالمسؤولية عما يحدث، وكيف يحدث».
وواجه سؤال آخر حول عودته إلى كرسي الرئاسة في عام 2012، بعد تبادل المقاعد مع رئيس الوزراء السابق ديمتري ميدفيديف، و«هل كنت تخطط منذ 2008 للقيام بذلك؟ للعودة بعد أربع سنوات؟».
رد الرئيس أنه لم يكن متأكدا من أنه سيعود «لكن هذا كخيار كان قائماً، كانت هناك مثل هذه الفرصة».
وقد يكون السؤال الأكثر إثارة، هو ذلك الذي يردده الشارع كل يوم لكن لم يسبق تقريباً أن طرح على بوتين مباشرة، حول شعور بوتين تجاه إطلاق لقب «القيصر» عليه.
هنا جاء رد بوتين حازماً: «هذا ليس صحيحاً. كما تعلمون، يمكن للمرء أن يطلق ما يشاء من تسميات، لكنني لست القيصر، أنا أعمل كل يوم، أنا لا أجلس في غرفة مغلقة وأحكم. القيصر هو الذي يجلس، ينظر من فوق ويقول: هنا سأطلب، وهناك ينفذون الأوامر، ويشغل وقته تجريب قبعته والنظر في المرآة. أنا لا أقوم بذلك، لدي عمل في كل يوم».
وكانت المحكمة الدستورية أقرت التعديلات الدستورية التي اعتمدها مجلس الدوما (النواب) في وقت سابق، ويدخل القانون حيز التنفيذ بعد الموافقة عليه في استفتاء من المقرر إجراؤه في 22 أبريل (نيسان)، إذا لم يتم إرجاء الموعد بسبب تزايد تفشي فيروس «كورونا» في البلاد. وتحدد الوثيقة المعروضة للتصويت عدداً من الضمانات الاجتماعية للعائلة والطفل، وتوسع سلطات البرلمان، وتفرض قيوداً على تعيين كبار المسؤولين منها عدم حصولهم في أي وقت على جنسية أجنبية أو إقامة في بلد أجنبي، وأبقت التعديلات الدستورية فترة الرئاسة في ولايتين رئاسيتين متتاليتين، لكن تعديلاً طرأ على فقرة منها سمح لرئيس الدولة الحالي بالترشح للرئاسة مرة أخرى. وأثار ما وُصف بأنه «تصفير عداد الرئاسة لبوتين» موجة سجالات واسعة في روسيا، بين مؤيدين رأوا فيها ضمانة لـ«المحافظة على الاستقرار وتعزيز وضع البلاد في المواجهة القائمة مع الغرب»، بينما قال معارضون إن التعديلات حولت بوتين إلى زعيم إلى الأبد على الطريقة السوفياتية، ما يعني إغلاق طريق الإصلاحات السياسية في البلاد.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.