«لوك أويل»: انسحاب موسكو من «أوبك بلس» كارثي وضربة لاقتصادها بالدرجة الأولى
لا يزال الروبل الروسي في حالة «هبوط»، ومع تقلبات النفط، تراجع مجددا أمس حتى أدنى مستوى منذ أزمة عام 2016. وبعد أن كسر هبوطاً حاجز الـ70 روبلا للدولار، كسر أمس حاجز الـ80 في البورصة، وفي نشرة المركزي لسعر صرف العملات الرئيسية، على حد سواء. إلى ذلك وصفت شركة «لوك أويل» النفطية الروسية هبوط سعر النفط ما دون 25 دولارا للبرميل بأنه «كارثي»، وقال أحد مالكيها إن خروج روسيا من اتفاق «أوبك بلس» ضربة للاقتصاد الروسي بالدرجة الأولى. وللحد من تداعيات هذه التقلبات على قطاعات الاقتصاد الروسي، أقرت الحكومة أمس حزمة دعم لقطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وأكدت التعويض قريبا عن نقص بعض السلع والاحتياجات الطبية في الأسواق. واستهلت العملة الروسية نهارها أمس بارتفاع طفيف، حين عادت حتى مستوى ما دون 80 روبلا للدولار، على وقع الأنباء عن عودة النفط للارتفاع في السوق العالمية. إلا أنها سرعان ما عادت للهبوط في الساعات التالية، وحسب نشرة بورصة موسكو الساعة 1440 بعد ظهر أمس، انخفض سعر الصرف حتى 81.2 روبل للدولار الواحد، و87.2 روبل لليورو الواحد. واستمرت تقلباته في الساعات التالية، لكنه لم يتمكن من الارتفاع حتى ما دون 80 روبلا للدولار في البورصة، رغم تحسن سعر النفط بعد الظهر مقارنة بمؤشرات صباح أمس. ويبدو أن البنك المركزي لا يتوقع تحسن وضع الروبل، إذ خفض سعره أمام العملات الصعبة في نشرته لأسعار العملات لليوم الجمعة حتى 80.16 روبل للدولار، و87.26 روبل لليورو. وقالت وكالة «بلومبيرغ» إن الروبل الروسي أصبح ثاني عملة عالمية، بعد البيزو المكسيكي، في مستوى التقلبات أمام الدولار. وأشارت إلى أن الروبل أصبح عملة غير مستقرة «أكثر» مقارنة بالعملات الأخرى، موضحة أنه حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) عام 2019 كان في المرتبة السادسة على قائمة العملات الأكثر تقلبا، وفي 6 مارس (آذار) الحالي، قبل انهيار اتفاق «أوبك+» كان الروبل في الترتيب الرابع، وتراجع يوم الثلاثاء 17 مارس، حيث كان لا يزال في الترتيب الثالث. في تعليقه على هذا التدهور في السوق الروسية، قال الملياردير ليونيد فيدون، أحد مالكي شركة «لوك أويل» النفطية الروسية، إن «هبوط السعر حتى ما دون 25 دولارا للبرميل أمر كارثي»، وعبر عن قناعته بأن انهيار اتفاق «أوبك+» تسبب في خسارة كبيرة لسعر النفط، وأضاف في حديث أمس لصحيفة «آر بي كا»: «أجل لقد وجه كورونا ضربة للاقتصاد. لكن تلك الصدمة النفطية التي وقعت (نتيجة انهيار اتفاق تخفيض الإنتاج) تعطينا سعرا للنفط أقل بنحو 20 - 25 دولار»، وعبر عن قناعته بأنه لو تمكنت الأطراف المشاركة في اتفاق «أوبك+» من التوصل لتفاهم حول تمديد العمل بالتخفيض «كان السعر ليصل حاليا حتى 50 دولارا للبرميل». وأكد فيدون أن مسألة انسحاب روسيا من الاتفاق لم تكن مطروحة خلال اجتماع الرئيس فلاديمير بوتين مع مديري ومالكي شركات النفط الروسية، لافتاً إلى أصوات محدودة كانت تدعم فكرة الخروج من الاتفاق، منوها إلى أنه «حتى هؤلاء لم يكونوا يتخيلوا حتى في كوابيسهم أنهم سيبيعون النفط بأقل من 25 دولارا للبرميل». ولم يتمكن الملياردير الروسي من الإجابة على سؤال حول الطرف المسؤول عن انهيار الاتفاق، مبررا ذلك بأنه لم يكن مشاركا في اجتماع 6 مارس في فيينا، وأضاف: «لكن الحقيقة تبقى التالية: انسحاب روسيا وإعلانها استعراضيا أثناء الخروج أنها ستزيد الإنتاج ابتداء من 1 أبريل (نيسان)، شكل بالدرجة الأولى ضربة للاقتصاد الروسي». وحذر من أن عدم التوصل لاتفاق تخفيض إنتاج جديد، وبقاء الوضع على حاله حتى 2022، سيؤدي إلى تقليص الإنتاج في روسيا. إلى ذلك، أعلنت الحكومة الروسية أمس عن خطوات دعم جديدة، جاءت موجهة هذه المرة لدعم شركات قطاعي الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وتشمل حزمة تدابير الدعم التي أعلن عنها رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، إعفاء تلك الشركات لمدة ثلاثة أشهر من دفع أقساط التأمين، وكذلك تأجيل دفع الإيجار الشهري عن الممتلكات الحكومية. وخلال اليومين الماضيين قدمت الحكومة تدابير دعم مماثلة لشركات النقل الجوي والسياحة. وفي سياق متصل أعلن وزير التجارة الروسي دينيس مانتوروف، عن خسائر شركات تجارة التجزئة التي تملك شبكات كبيرة من صالات البيع، موضحا أن تلك الشركات تتكبد «تكاليف ضخمة» لتوفير السلع، بسبب الطلب السريع، واختفاء جزء منها عن رفوف الصالات، بعد «هجوم» من جانب المواطنين على شراء كميات كبيرة من السلع الغذائية الرئيسية، خلال اليومين الماضيين، على خلفية حالة القلق التي أثارتها في المجتمع الروسي الأنباء عن انتشار كورونا، إذ تضطر تلك الشركات لتوظيف أعداد كبيرة من العمال للقيام بعملها في ظل الظروف الحالية. كما وعد مانتوروف بالتعويض عن عجز المطهرات الطبية وتوفيرها في الصيدليات مطلع الأسبوع المقبل، بعد أن اختفت من الأسواق أيضاً، بسبب الإقبال الكبير عليها.
أفادت شبكة «سي إن بي سي» يوم الخميس نقلاً عن مصدرين من المندوبين بأن تحالف «أوبك بلس» أرجأ اجتماعاً لتحديد الخطوات التالية لاستراتيجية إنتاج النفط إلى 5 ديسمبر.
قال رئيسا أبحاث السلع الأولية في «غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي»، إن أسعار النفط مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية، مع وجود عجز في السوق ومخاطر تحيط بالإمدادات.
الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)
اجتمع عدد كبير من صنُاع السياسات والمنظمات الدولية والشركات والمؤسسات والدوائر غير الحكومية وكبرى الجهات المعنية، الاثنين، في الرياض، للبحث عن حلول عاجلة للأزمات العالمية الملحة المتمثلة في تدهور الأراضي والجفاف والتصحر، وذلك خلال مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).
وانتُخبت السعودية رسمياً رئيساً لمؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، خلال الجلسة العامة الافتتاحية للمؤتمر، حيث تبدأ فترة ولايتها لمدة عامين لدفع العمل الدولي بشأن إعادة تأهيل الأراضي واستصلاحها واستعادة خصوبتها وحيويتها ومقاومة التصحر والجفاف.
اللحظة التي تسلّمت فيها المملكة العربية السعودية رئاسة الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، في اليوم الأول من #كوب16_الرياض، انطلقت الجلسة الافتتاحية لتدشين مؤتمر تاريخي يستمر لمدة 12 يومًا. هنا، تتواصل الجهود لمواجهة تدهور الأراضي، ونحن... pic.twitter.com/5x6psLN2IR
يأتي مؤتمر «كوب 16» في الرياض فرصةً لتوعية المجتمع الدولي حول علاقة الترابط القوية بين الأراضي والمحيطات والمناخ، والتحذير من أن 75 في المائة من المياه العذبة تنشأ من الأراضي المزروعة، فيما تسهم النباتات في حماية 80 في المائة من التربة العالمية.
وخلال الافتتاح الرسمي للمؤتمر، أكد وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي، رئيس الدورة الـ16 للمؤتمر، المهندس عبد الرحمن الفضلي، أن استضافة المملكة لهذه الدورة تمثل امتداداً لاهتمامها بالمحافظة على البيئة محلياً وإقليمياً ودولياً، حيث تشير التقارير الدولية إلى تدهور أكثر من 100 مليون هكتار من الأراضي الزراعية والغابات والمراعي سنوياً، ويتأثر نتيجة لذلك أكثر من 3 مليارات إنسان حول العالم، كما تقدّر الخسائر السنوية الناجمة عن تدهور الأراضي بأكثر من 6 تريليونات دولار.
التحديات البيئية
وقال إن المملكة تسعى إلى تعزيز العمل وتكثيف الجهود تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر؛ لمواجهة التحديات البيئية الرئيسة، وتعزيز التكامل بين الاتفاقيات البيئية الدولية الأخرى، خصوصاً اتفاقيات (ريو) المعنية بتغير المناخ والتنوع الأحيائي؛ للوصول إلى مخرجات طموحة تُحدث نقلةً نوعيةً في تعزيز المحافظة على الأراضي، والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف.
وأضاف الفضلي أن منطقة الشرق الأوسط تُعد من أكثر مناطق العالم تأثراً من تدهور الأراضي والجفاف والتصحر، إذ تسعى المملكة باستمرار إلى مواجهة التحديات البيئية بالشراكة مع المجتمع الدولي.
وفي سبيل تحقيق هذه المستهدفات، أبان الفضلي أن الحكومة اعتمدت الاستراتيجية الوطنية للبيئة، وأنشأت صندوقاً وخمسة مراكز متخصصة، وجرى تحديث الأنظمة لتتماشى مع أفضل المعايير والممارسات الدولية، ووضعت المبادرات والخطط والبرامج؛ لتعزيز الالتزام بالضوابط البيئية، والحد من التلوث، وتنمية الغطاء النباتي والحياة الفطرية، وتعزيز إدارة النفايات وخدمات الأرصاد والدراسات المناخية.
وذكر أن مبادرة «السعودية الخضراء» تستهدف إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وزيادة مساحة المناطق المحمية وصولاً إلى 30 في المائة مناطق محمية عام 2030، وهذا المستهدف أعلنته المملكة في 2021، قبل أكثر من عام على إعلان المستهدف العالمي بنهاية 2022 في مونتريال.
الطاقة المتجددة
كما يجري العمل على رفع نسبة الطاقة المتجددة لتصل إلى 50 في المائة من مزيج الطاقة في المملكة بحلول عام 2030، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مشيراً إلى أن المملكة اعتمدت استراتيجية وطنية للمياه؛ لتعزيز المحافظة على مصادر المياه واستدامتها، ونفَّذت كثيراً من المبادرات والمشاريع في مجال إعادة التدوير؛ لتحقيق الاستدامة.
وحسب الفضلي، اعتمدت السعودية كذلك استراتيجية وطنية للزراعة؛ تهدف إلى تعزيز كفاءة الإنتاج، والإدارة المستدامة للأراضي الزراعية، واستراتيجية وطنية للأمن الغذائي، من شأنها خفض الفقد والهدر في الغذاء.
ولفت رئيس مؤتمر «كوب 16» إلى أن فقدان التنوع الأحيائي، وزيادة تداعيات التغير المناخي، يؤثر على عناصر الحياة الأساسية من هواء وماء وغذاء، والتي تؤثر بدورها على أكثر من 1.8 مليار نسمة حول العالم، وتزيد من معدلات الهجرة، ما يتوجب العمل معاً لتعزيز الجهود الدولية على الأصعدة كافة لمواجهة هذه التحديات العالمية.
وأكمل أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر تعد إطاراً للعمل الجماعي والتعاون الدولي، والتقيد بالسياسات لتحقيق المستهدفات لإعادة تأهيل الأراضي، والاستثمار في زيادة الرقعة الخضراء، والابتكار لتنفيذ الحلول المستدامة، والتعاون على نقل التجارب والتقنيات الحديثة، وتبني مبادرات وبرامج لتعزيز الشراكات بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، ومؤسسات التمويل، والمنظمات غير الحكومية، والتوافق حول أدوات ملزمة تعزز العمل الدولي المشترك.
البلدان المتضررة
من ناحيته، أكَّد الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، أن العالم يمر بمرحلة مفصلية؛ كون تواتر حالات الجفاف وعدم القدرة على التنبؤ بها، يجعلها تحدياً متزايداً بالنسبة إلى النظم الزراعية والغذائية في البلدان المتضررة، مشيراً إلى أن إصلاح الأراضي من الأدوات الأكثر فاعلية في مواجهة التحديات في العالم.
وتطرق في كلمته خلال الجلسة العامة الافتتاحية إلى مؤتمر الأطراف «كوب 16» إلى جهود المملكة في دعم أعمال مكافحة الجفاف وإصلاح الأراضي عبر مبادرة «السعودية الخضراء»، ومبادرة «الشرق الأوسط الأخضر».
وأكد ثياو أن استعادة الأراضي المتدهورة في العالم وكبح جماح صحاريه سيتطلب استثمارات بقيمة 2.6 تريليون دولار على الأقل بحلول نهاية العقد الحالي، مقدراً التكلفة للمرة الأولى.
مشاريع الرياض البيئية
من جهته، أشار أمين منطقة الرياض الأمير الدكتور فيصل بن عبد العزيز بن عياف، إلى أهمية الدور الحيوي للمدن في مواجهة التحديات البيئية، مسلِّطاً الضوء على جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، اللذين حرصا على وضع العاصمة مدينةً رائدةً في التنمية الحضرية المستدامة.
وفي مقدمة مشاريع العاصمة السعودية، «الرياض الخضراء» الذي يهدف إلى زراعة 7.5 مليون شجرة؛ لتحسين جودة الهواء وخفض درجات الحرارة وتعزيز التنوع البيئي، بالإضافة إلى مشروع إعادة تأهيل وادي حنيفة الذي يمتد على مساحة 4000 كيلومتر مربع؛ ليكون نموذجاً في استعادة التوازن البيئي وتحويله إلى وجهة سياحية فريدة، موضحاً الجهود المبذولة في إنشاء أكثر من 100 حديقة كبرى، مثل: «حديقة الملك سلمان» و«حديقة الملك عبدالله»، التي تسهم في تحسين جودة الحياة للسكان وتوفير متنفس طبيعي يعزز رفاهيتهم.
وحول الجهود الداعمة للاستدامة، تحدث الأمين عن المبادرات والمشاريع التي تدعم عمليات التشجير من خلال إنشاء مشاتل جديدة، واعتماد منهجيات تخطيط حضري مستدام مثل التطوير الموجه بالنقل (TOD) بالتكامل مع شبكة مترو الرياض، وما لها من أثر في تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق التكامل بين النقل العام والمساحات الحضرية.
وأضاف أن استراتيجية الرياض البيئية تضم أكثر من 68 مبادرة وتغطي محاور الطاقة والمياه وإدارة النفايات والتنوع الحيوي والمناطق الطبيعية، وهي بدورها تعكس رؤية المملكة الطموحة لتحقيق التنمية المستدامة، ليس فقط على المستوى المحلي، بل تعد مثالاً يُحتذى به عالمياً.
إشراك القطاع الخاص
بدوره، ذكر وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية، الدكتور أسامة فقيها، لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية تسعى لتكون الدورة السادسة عشرة من «مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16)» نقطة تحول تاريخية في مسيرة الاتفاقية، مع العمل على زيادة التزامات الدول لمكافحة تدهور الأراضي وإعادة تأهيلها.
كما أشار فقيها، خلال مؤتمر صحافي على هامش اليوم الأول من مؤتمر «كوب 16»، إلى أن هناك نحو 1.5 مليار هكتار من الأراضي المتدهورة حول العالم، «وهو ما يتطلب مزيداً من العمل الجاد على الصعد كافة».
وشرح أن السعودية تدرك «الحاجة الماسة إلى عمل أكبر في المجال التفاوضي، خصوصاً فيما يتعلق بوضع إطار دولي لمكافحة الجفاف، بالإضافة إلى ضرورة توفير التمويل اللازم لهذا القطاع الحيوي». كما شدد على «أهمية مشاركة القطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية، فضلاً عن دور مؤسسات المجتمع المدني، في مواجهة تحديات تدهور الأراضي».
واستطرد فقيها: «استهلاك الفرد عالمياً أصبح حالياً 4 أضعاف ما كان عليه قبل عقود عدة من الزمن، مما يفاقم المشكلة، ويجعل من الضروري أن يتحمل الجميع مسؤولية العمل في الحفاظ على البيئة، بما في ذلك الحكومات والأفراد».
مبادرات دولية
وخلال المؤتمر، أعلنت السعودية ثلاث مبادرات دولية رئيسية في اليوم الأول فقط، وهي: «شراكة الرياض العالمية» لمكافحة الجفاف باستثمارات تتجاوز 150 مليون دولار، التي ستحشد العمل الدولي بشأن الارتقاء بمستوى الاستعداد لمواجهة الجفاف.
وفي الوقت نفسه، أُطلق المرصد الدولي لمواجهة الجفاف وأطلس الجفاف العالمي، وهما مبادرتان تهدفان إلى زيادة أعمال الرصد والتتبع، واتخاذ التدابير الوقائية، ونشر التوعية بين مختلف الشرائح والفئات المهتمة والمعنية حول الجفاف في جميع أنحاء العالم.
وكانت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر قد أصدرت عشية انطلاق المحادثات المتعددة الأطراف في الرياض، تقريراً جديداً يسلط الضوء على حالة الطوارئ العالمية المتزايدة الناجمة عن تدهور الأراضي.
وأشارت النتائج الرئيسية إلى الأضرار الناجمة عن الممارسات الزراعية غير المستدامة التي تسهم بما نسبته 80 في المائة من إزالة الغابات، وتستحوذ على 70 في المائة من استخدام المياه العذبة، في حين يأتي 23 في المائة من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من الزراعة والغابات واستخدام الأراضي.
ووفق أحدث تقرير لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، جرى تصنيف 46 في المائة من مساحات الأراضي العالمية ضمن الشريحة الجافة.
المنطقة الخضراء
يُذكر أن مؤتمر الأطراف «كوب 16» الرياض الذي يُعقد من 2 إلى 13 ديسمبر (كانون أول) الجاري، يعد أكبر دورة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر حتى الآن، حيث يضم لأول مرة منطقة خضراء، وهو المفهوم المبتكر الذي استحدثته المملكة، لحشد العمل المتعدد الأطراف، والمساعدة في توفير التمويل اللازم لمبادرات إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة.
ومن خلال استضافتها مؤتمر الأطراف، تدعو السعودية المجتمع الدولي لزيادة قاعدة التعهدات بشأن تحييد أثر تدهور الأراضي بحلول عام 2030، إذ تعد استعادة الأراضي الحلَّ الفعال من حيث التكلفة لمواجهة تغير المناخ، الذي يحتاج إليه العالم، ولتحقيق استعادة الأراضي فوائد اقتصادية سنوية يصل حجمها إلى 1.4 تريليون دولار على مستوى العالم، وحماية الاستقرار العالمي من التهديد الناجم عن مزيد من فقدان الأراضي.
وتسعى الرياض من خلال «كوب 16» إلى أن تتحد الدول معاً لتغيير المسار ومعالجة كيفية استخدام الأراضي، والمساهمة في تحقيق أهداف المناخ، وسد فجوة الغذاء، وحماية البيئات الطبيعية، إذ يمكن للأراضي الصحية أن تساعد على تسريع وتيرة تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.
ويسلط «كوب 16» الضوء على حقيقة أن ما يصل إلى 40 في المائة من أراضي الكوكب تعاني حالة التدهور بالفعل، ما يؤثر على نصف البشرية، ويهدد ما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وذلك حسب تقرير «توقعات الأراضي العالمية» في إصداره الأخير، مما يتطلب تدخلاً عاجلاً، إذ ستتحمل البشرية تكلفة باهظة جزاء التقاعس عن العمل.