الانتفاضة المقدسية تنتشر إلى الداخل الإسرائيلي

الانتفاضة المقدسية  تنتشر إلى الداخل الإسرائيلي
TT

الانتفاضة المقدسية تنتشر إلى الداخل الإسرائيلي

الانتفاضة المقدسية  تنتشر إلى الداخل الإسرائيلي

شهدت البلدات العربية في إسرائيل، أمس، إضرابا عاما ليوم واحد، وعشرات المظاهرات والاجتماعات، احتجاجا على قيام الشرطة بإطلاق الرصاص وقتل الشاب خير الدين حمدان (22 عاما)، من بلدة كفر كنا في الجليل بدم بارد ومن دون سبب مقنع. وجاء في بيان القيادة العليا لـ«فلسطينيي 48» (لجنة المتابعة العليا) أن هذه هي الحادثة الـ48 التي يقتل فيها شاب عربي برصاص الشرطة؛ «نتيجة لسياسة الضغط السريع على الزناد حينما يكون الطرف الآخر عربيا».
وقد شمل الإضراب كل المجتمع العربي في إسرائيل ومرافقه الأساسية: المجالس المحلية والبلديات والمدارس والمؤسسات التربوية.
وكان المرحوم حمدان قد قتل على يد أفراد الشرطة، من دون أن يشكل خطرا على عناصر الشرطة. وأطلق أفراد الشرطة النار على حمدان الذي كان يعبر عن غضبه على اعتقال شقيقه واحتجاجا على رشه بغاز سام في وجهه. ويبين شريط الفيديو الذي وثق عملية القتل أن حمدان تعرض لإطلاق نار بعد أن أدار ظهره مغادرا المكان.
وشيع جمهور غفير جثمان الشهيد حمدان، مساء أمس، وجرت مظاهرة احتجاج بمشاركة الآلاف انطلقت في كفر كنا احتجاجا على الجريمة، فيما شهد مدخل كفر كنا الشمالي مواجهات بين المتظاهرين وقوات الشرطة. وانتشرت المظاهرات أمس في البلدات العربية في شتى أنحاء إسرائيل.
وأعلنت الشرطة عن حالة تأهب بدرجة واحدة تحت القصوى، ونفذت حملات اعتقال ليلية في الكثير من البلدات، وأجرت اتصالات مع القادة المحليين، حاولت فيها التأكيد على أنها لا تريد التصعيد، فيما أكد وزير الأمن الداخلي إسحق أهرنوفتش أنه لن يسمح بأن تمتد انتفاضة القدس إلى الداخل الإسرائيلي.
وتصدر هذا الموضوع أبحاث الحكومة، أمس، في جلستها الأسبوعية، وهدد رئيسها بنيامين نتنياهو قائلا: «إسرائيل هي دولة قانون وكل من سيخالف القانون سيعاقب بشدة. لن نتحمل أعمال الشغب والاضطرابات. سنعمل بحزم ضد كل من راشقي الحجارة وملقي الزجاجات الحارقة والمفرقعات، ومن يقوم بقطع الطرق والمظاهرات التي تدعو إلى تدميرنا. لن نقبل بالمزيد من المظاهرات التي تجري في قلب مدننا، حيث يتم فيها رفع رايات حماس أو (داعش) وإطلاق الهتافات (بالروح وبالدم نفديك يا فلسطين). هذه هي فعلا مناشدات إلى تدمير دولة إسرائيل. لقد أوعزت لوزير الداخلية بالعمل بشتى الوسائل، بما فيها النظر في إمكانية سحب الجنسية الإسرائيلية ممن يدعو إلى تدمير الدولة. لقد حان الوقت للقيام بذلك، والجهة التي تقف وراء هذا التحريض هي في مقدمة الأمر، الحركات الإسلامية المختلفة: حماس والحركة الإسلامية في إسرائيل. وفي الصدارة، على الأقل فيما يتعلق بالتحريض الذي نراه في جبل الهيكل، يقف من يسمون المرابطين والمرابطات، وهذه هي حركات تحريضية يموّلها الإسلام المتطرف». وأعلن أنه أوعز إلى الجهات المختصة بإخراجها عن القانون.
وحرص نتنياهو على مهاجمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كما يفعل في كل خطاب في الشهر الأخير. فقال: «الجهة الأخرى التي تقف وراء هذا التحريض هي السلطة الفلسطينية ورئيسها أبو مازن. وموقع الإنترنت الرسمي التابع لحركة فتح، وهي العمود الفقري للسلطة، قد ادعى في الأيام الأخيرة أن الشعب اليهودي لم يعش هنا قط، وأن الهيكل اليهودي لم يكن هنا قط، وأن ملوك وأنبياء إسرائيل: شلومو (سليمان) وديفيد (داود) ويشعياهو ويرمياهو - ليسوا إلا خرافة. وهذه محاولة مكشوفة لا تهدف فقط إلى تشويه الحقيقة العصرية فحسب، بل هي تسعى أيضا إلى تشويه الحقيقة التاريخية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم