الطواقم الطبية العربية في إسرائيل على جبهة الصدام الأولى مع «كورونا»

يشكلون 20.8 % من العاملين في المهن الصحية ويتعرضون للعنصرية

أطباء وممرضون يهود وعرب يحتجون على قيام عنصريين بالاعتداء على طبيب عربي في مستشفى إسرائيلي عام 2006 (الشرق الأوسط)
أطباء وممرضون يهود وعرب يحتجون على قيام عنصريين بالاعتداء على طبيب عربي في مستشفى إسرائيلي عام 2006 (الشرق الأوسط)
TT

الطواقم الطبية العربية في إسرائيل على جبهة الصدام الأولى مع «كورونا»

أطباء وممرضون يهود وعرب يحتجون على قيام عنصريين بالاعتداء على طبيب عربي في مستشفى إسرائيلي عام 2006 (الشرق الأوسط)
أطباء وممرضون يهود وعرب يحتجون على قيام عنصريين بالاعتداء على طبيب عربي في مستشفى إسرائيلي عام 2006 (الشرق الأوسط)

في الوقت الذي تقف الطواقم الطبية في العالم أجمع، على جبهة الصدام الأولى في مواجهة فيروس «كورونا» الفتاك، ويكون العديدون منهم عرضة لخطر الإصابة، يبرز في إسرائيل دور الطواقم الطبية العربية في هذه المعركة. فصحيح أن «كورونا» هي عدو مشترك لجميع شعوب الأرض، وصحيح أن الطبيب في كل مكان يؤدي قسم شرف المهنة بألا يفرق بين مريض ومريض في تقديم العلاج، بل صحيح أن القيادات السياسية الفلسطينية والإسرائيلية تترفع عن الصراع القومي والخلافات الحادة وتتعاون بشكل علني ورسمي على مواجهة الفيروس الفتاك، إلا أن هناك غيوماً متلبدة تخيم فوق رؤوس «ملائكة الرحمة» ولا تتيح لهم أداء دورهم الإنساني بالشكل الطبيعي.
وحسب معطيات رسمية لوزارة الصحة ودائرة الإحصاء المركزية، تبلغ نسبة العرب من السكان 18.5 في المائة لكنها تبلغ 20.8 في المائة من العاملين في المهن الطبية. إذ إن 17 في المائة من الأطباء في إسرائيل هم من العرب. و24 في المائة من الممرضات والممرضين و47 في المائة من الصيادلة، و33 في المائة من العاملين في النظافة والصيانة في المستشفيات والعيادات الطبية هم من العرب. وهذه ليست مجرد أرقام، بل تترجم في الحياة العملية بشكل صارخ. فأنت لا تدخل إلى مشفى أو عيادة إلا وتلاحظ وجود العرب جنباً إلى جنب مع اليهود، يقدمون الخدمات الطبية بلا تفرقة، أكان ذلك في المستشفيات العربية في الناصرة أو المستشفيات في البلدات اليهودية. وهناك مديران اثنان عربيان لمستشفيين حكوميين يهوديين، في صفد وفي نهاريا، ونحو 30 مديراً عربياً لدوائر أساسية في المستشفيات اليهودية، وهناك عشرات الباحثين في الشؤون الطبية من العرب في معاهد الأبحاث في الجامعات، بينهم عدد من كبار المخترعين أمثال العالم حسام حايك.
منذ اندلاع فيروس كورونا، وهبوب عواصف الهلع بين المواطنين، تشتغل هذه الطواقم الطبية في ظروف غير طبيعية. وهي عوضاً عن واجبها في تقديم الخدمات الطبية، تحاول امتصاص توتر الناس والتخفيف عنهم من حالات الألم وتهدئتهم من المخاوف الشديدة وما يرافق ذلك من أمزجة صعبة وحالات انفجار للغضب الذي يكون له أساس أو لا يكون له أساس. وفي المجتمعات التي تسود فيها قيم العرفان بالجميل، ينظرون إلى هذا العمل على أنه مقدس. لكن، عندما تتسلل السياسة إلى هذا الجسم، قد تتحول إلى فيروس آخر.
الدكتور عبد العزيز دراوشة، ابن قرية اكسال (قرب الناصرة)، الذي يدير قسم الطوارئ في «رمبام» حيفا، أحد أضخم المستشفيات الإسرائيلية والذي عين قبل شهور رئيساً للجنة العليا لامتحانات الطب، يقول إن «الطواقم الطبية العربية هي مصدر اعتزاز وطني، وهي تقوم بمهامها المهنية والإنسانية على أكمل وجه وبنجاحات باهرة، وبتعاون تام مع الزملاء اليهود، ويحاولون التغلب على مباذل السياسيين والعنصريين بواسطة التميز والتفاني في خدمة مرضاهم».
ويثير أداء الطواقم العربية هذا اهتماماً ملحوظاً في وسائل الإعلام العبرية، في عصر «كورونا». وقالت صحيفة «هآرتس» في تقرير لها: «في حين أنهم في بلفور (يقصدون مقر رئيس الوزراء الإسرائيلي، في شارع بلفور في القدس الغربية)، يرسمون صورة حالة الطوارئ (يقصدون دعوة بنيامين نتنياهو لإقامة حكومة طوارئ من الأحزاب الصهيونية فقط)، ويقولون بلا خجل إنه يجب إقصاء العرب «الخطرين»، فإن المعطيات تظهر أنه من دون أصحاب المهن الطبية من أبناء هذا المجتمع فإن جهود إنقاذ الحياة كانت ستتعرض لضربة شديدة».
وتقول الصحيفة في تقرير لها، نشر أمس الأربعاء: «في هذه الأثناء يبدو أنه لا يوجد خطر (حكومة طوارئ لـ«كورونا») كهذا على جدول الأعمال، حتى لو استمر رئيس الحكومة في التحدث عن ائتلاف صهيوني، وبالأساس عن ائتلاف من دون العرب. أطباء كثيرون توجهت إليهم الصحيفة من أجل هذا المقال صدموا من التفكير الذي يقول إنهم سيرفضون تقديم العلاج أثناء الأزمة بسبب العنصرية ضدهم». وإلى جانب ذلك ظهر الخوف في أوساط عدد كبير منهم، وهؤلاء رفضوا إجراء مقابلة فيما يتعلق بالتمييز الذي يشعرون به، وبالتأكيد تحفظوا عن ذكر أسمائهم، وقالوا: «لقد تعودنا على أنهم يقولون بأننا لسنا بشراً في هذه الدولة. هذا لا يفاجئنا»، قالت واحدة منهن وأضافت. «إذا قلنا شيئاً ما فيمكن أن يقوموا بإقالتنا وأن ينظروا إلينا كمن يفتعل المشاكل. نحن نريد الذهاب إلى العمل الذي درسنا كثيراً من أجله، كي ننقذ الحياة ونحاول نسيان العنصرية. في المستشفى الجميع متساوون أمام الموت. نحن نتذكر هذا، وربما أن (كورونا) سيذكر الجمهور اليهودي بأننا جميعاً متساوون».
وتتماهى مع هذه الأقوال، الدكتورة سعاد حاج يحيى. وحسب قولها، في حين تسود فيه بين الطواقم الطبية اليهودية والعربية، الأخوة والتضامن، لكن الأمر ليس دائماً هكذا عند اتصال المعالجين العرب مع المرضى اليهود. العنصرية تتسرب إلى هناك أيضاً. في السنوات الأخيرة، تقول الدكتورة سعاد، إنها واجهت هذا الأمر بنفسها. «لقد جاءت إلي مريضة من قسم آخر وقالت لي إنها لن توافق على تلقي العلاج هناك لأن الأطباء عرب. نظرت إليها وقلت إنني أنا أيضاً عربية. وقد تفاجأت وقالت لي بأنه لا يظهر أنني كذلك، وطلبت أن يعالجها طبيب آخر. ولكن رئيس القسم، وهو يهودي، رفض طلبها وقام بصدها على الفور». هذه لم تكن الحادثة الوحيدة، تضيف الطبيبة العربية، فذات مرة جاءت مريضة تعاني من ألم في البطن. «وكنت أعالج مريضاً آخر في وضع حرج. وبدأت هي وزوجها بالصراخ علي بأنني عربية قذرة. وأنه لا يجب أن أعمل في المستشفى. كل حادثة كهذه تضر ولكنها لا تكسرنا. أنا أقوم بتجاهل ذلك. وأقوم بعلاج أي حالة من أعماق قلبي. وهناك يهود آخرون يحترموننا ويقدرون عملنا ويعبرون عن ذلك بوضوح. وأنا فخورة بأنني عربية وأنني طبيبة وأنني أنقذ الحياة. أيضاً أنا أؤمن بالتعايش وبالحياة المشتركة».



عودة ترمب تضع قادة العالم في مأزق: تهانٍ دبلوماسية بعد انتقادات لاذعة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس دونالد ترمب (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس دونالد ترمب (د.ب.أ)
TT

عودة ترمب تضع قادة العالم في مأزق: تهانٍ دبلوماسية بعد انتقادات لاذعة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس دونالد ترمب (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس دونالد ترمب (د.ب.أ)

عاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض بعد فوزه في انتخابات 2024، مما وضع عدداً من قادة العالم في موقف دبلوماسي حرج، حيث وجدوا أنفسهم مجبرين على مواجهة تعليقاتهم السابقة، التي شنَّت هجمات قاسية عليه. وبينما كانوا ينتقدون سياساته خلال ولايته الأولى، فإنهم اليوم يصوغون رسائل تهنئة ويدخلون في محادثات دافئة معه، استعداداً لمرحلة جديدة من العلاقات بين بلدانهم والولايات المتحدة. وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست».

في أوروبا، تزداد المخاوف بشأن تداعيات عودة ترمب على الأمن القاري، خصوصاً في ظل تصريحاته السابقة التي أشار فيها إلى أن حلف «الناتو» لا يفي بالتزاماته المالية.

في المملكة المتحدة، اضطر ديفيد لامي، وزير الخارجية الحالي في حكومة حزب «العمال»، إلى تقديم تهنئة رسمية لترمب، رغم سجله السابق في انتقاده، حيث كان قد وصفه بأنه «عنصري، ومعتل نفسي، وتهديد للنظام الدولي». ويأتي ذلك في سياق تعليقات ساخرة من المعارضة السياسية ووسائل الإعلام، حيث عنونت صحيفة «ديلي ستار» البريطانية على صفحتها الأولى بـ«هذا محرج».

حتى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي بارك فوز ترمب، واجه تلميحات ساخرة من الزعيمة الجديدة لحزب المحافظين، كيمي بادنوش، التي تساءلت عمّا إذا كان ستارمر قد اعتذر لترمب عن تصريحات لامي السابقة. وفي حين لم يرد ستارمر مباشرة، فإنه أشار إلى أن لقاءه الأخير ترمب كان بنّاءً للغاية.

وفي فرنسا، هنَّأ الرئيس إيمانويل ماكرون الرئيس الأميركي المنتخب ترمب، عبر محادثة وصفها مكتبه بـ«الدافئة»، رغم علاقة شابها كثير من التوتر خلال ولاية ترمب السابقة. فبعد فترة من المصافحات الحماسية والخلافات السياسية، يستعد ماكرون الآن للتعامل مع ترمب في قضايا دولية ملحة، مثل الحرب في أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط.

وعلى غرار الساسة الأوروبيين، قام سفير أستراليا في واشنطن، كيفن رود، بحذف منشورات سابقة وصف فيها ترمب بأنه «مدمر، وخائن للغرب». وأعرب رود عن استعداده للعمل مع الإدارة الأميركية الجديدة؛ لتعزيز العلاقات الثنائية.

يشير المشهد الحالي إلى أن العودة السياسية لترمب قد تضع علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها على محك جديد، خصوصاً في ظل تحديات دولية تتطلب تنسيقاً مشتركاً، في حين يبرز المأزق الذي يواجهه قادة العالم بين تصريحاتهم السابقة والواقع السياسي الجديد.