«هتاف المنسيين» في مصر يوثق «ثورة أغاني المهرجانات»

غلاف كتاب «هتاف المنسيين»  -  مطرب المهرجانات حمو بيكا
غلاف كتاب «هتاف المنسيين» - مطرب المهرجانات حمو بيكا
TT

«هتاف المنسيين» في مصر يوثق «ثورة أغاني المهرجانات»

غلاف كتاب «هتاف المنسيين»  -  مطرب المهرجانات حمو بيكا
غلاف كتاب «هتاف المنسيين» - مطرب المهرجانات حمو بيكا

صعود أغاني المهرجانات في مصر وانتشارها اللافت في السنوات الأخيرة، دفع الكاتب المصري يسري حسان إلى البحث في مضمونها عن قرب، وبحث أسباب إعجاب فئات اجتماعية عدة بها، من بينهم فنانون وإعلاميون بارزون، عبر تأليفه كتابا جديدا بعنوان «هتاف المنسيين» الصادر حديثاً عن «دار بتانة للنشر والتوزيع» بالقاهرة.
وعن كيفية إعداده للكتاب، يقول يسري حسان لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت البحث والتحقق في قضية أغاني المهرجانات قبل عامين من الآن، قبل اشتعال الأزمة في الآونة الأخيرة، وبحثت مستوى تعليم صناع أغاني المهرجانات في مصر، والمناطق التي يعيشون بها، والتي انطلقوا منها، بجانب المهن التي مارسوها قبل دخولهم مجال الغناء، وتوصلت إلى أن مستوى هؤلاء المطربين التعليمي منخفض جداً، وبعضهم لا يحمل أي شهادة تعليمية، بالإضافة إلى نشأتهم داخل مناطق عشوائية، ومدن جديدة تتسم بالعشوائية متاخمة لحدود العاصمة المصرية».
ووفقاً لحسان فإن «المهن السابقة لمعظم مطربي المهرجانات يغلب عليها الطابع الشعبي البسيط على غرار قيادة مركبات التوك توك، وسيارات وجرارات كسح المجاري، ومحلات الأطعمة المختلفة، وهي مهن محل تقدير من الجميع وسبب ذكرها في الكتاب يعود إلى اهتمامي بالتوثيق».
لم يقتصر اهتمام كتاب «هتاف المنسيين» الذي يحمل عنواناً فرعياً: «أغاني المهرجانات... من العشوائيات إلى أولاد الذوات»، على مرحلة انطلاق مطربي المهرجانات في مصر فقط، بل حرص كذلك على التطرق إلى عملهم في السينما المصرية ورصد عدداً من الأعمال التي ظهروا بها، على غرار المطرب السادات وأوكا وأورتيجا، حسب حسان.
ويؤكد حسان أنّ «ظاهرة أغاني المهرجانات بدأت في مصر قبل اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، بنحو 6 سنوات، وانطلقت من مدينة السلام، (شرق القاهرة) ورغم أنها مدينة جديدة، فإنها تعاني من العشوائية إلى حد ما، حيث تضم فئات اجتماعية مختلفة وأنماطاً سكانية متنوعة، عكس الأحياء الشعبية الأخرى مثل (شبرا والسيدة زينب والجمالية)، قريبة الشبه من المجتمع الريفي الذي يعرف فيه الناس بعضهم».
ويلخص حسان أسباب ظهور أغاني المهرجانات في نقاط رئيسية أبرزها «الرغبة في التمرد على كل ما هو رسمي أو راسخ أو محتفى به» و«سهولة صناعة هذه الأغاني» دون استوديو أو حتى ملحن و«الثورة التكنولوجية» المتمثلة في القدرة على نشر أي محتوى عبر موقع يوتيوب.
ويعرف المؤلف ذلك النوع من الأغاني فيقول «المهرجانات ليست أغنية واحدة، بل مجموعة أغنيات، أو أغنية تضم أكثر من فقرة أو موضوع»، مشيراً إلى أن «أغنية (بنت الجيران)، التي حققت مشاهدات مليونية ليست أغنية مهرجانات بل أغنية عادية».
مؤكداً أنه لا نستطيع أن نقول إن «كل كلمات أغاني المهرجانات غير لائقة حتى وإن كان معظمها ينتقد الخيانة وغدر الحبيب والأصدقاء والتعالي، وهذا نتاج طبيعي للتهميش الذي عانوا منه في المناطق التي نشأوا بها».
ويبرز الجزء الأكبر من الكتاب مضمون أغاني المهرجانات التي يتناول بعضها بالتحليل والقراءة، فيما يستدعي عنوان الكتاب «هتاف المنسيين» اسم كتاب آخر لعالم الاجتماع سيد عويس بعنوان «هتاف الصامتين» صدر عام 2000 وتناول العبارات التي يدونها عادة السائقين على سيارات النقل والأجرة، لكن يسري حسان يوضح وصفه لأعضاء فرق المهرجانات بالمنسيين قائلاً: «معظم صناع المهرجانات عانوا المعاناة نفسها، لم يشعروا بأن هناك دولة تهتم بهم، فقرر كل واحد منهم أن يعمل دولته الخاصة، وهذا سنلاحظه في معظم المهرجانات، كل فرقة وكل مطرب يتكلم عن جهته أو منطقته في المهرجان ويعدد صفاتها وصفات ناسها، وكيف أنها أحسن من غيرها».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».