كيف يطبّق الفرنسيون عزلاً ذاتياً للحدّ من انتشار «كورونا»؟

امرأة تضع كمامة في باريس (رويترز)
امرأة تضع كمامة في باريس (رويترز)
TT

كيف يطبّق الفرنسيون عزلاً ذاتياً للحدّ من انتشار «كورونا»؟

امرأة تضع كمامة في باريس (رويترز)
امرأة تضع كمامة في باريس (رويترز)

بدأ الفرنسيون اليوم (الثلاثاء)، إجراءات عزل تام فرضتها سلطات بلادهم لمدة أسبوعين في محاولة لتطويق انتشار فيروس «كورونا المستجدّ»، غير مصدقين أن هذا يحدث لهم، ما دفع أحدهم إلى القول: «سنصبح مجانين إذا بقينا في منازلنا!».
أمس (الاثنين)، كان العديد من سكان المدن قد انتقلوا نحو الأرياف.
في شمال شرقي باريس، خرج جان وهو سبعيني، ليشتري بعض حاجياته قبل ساعات من بدء تطبيق القيود، خشية عدم تمكنه بعد الآن من الخروج من منزله. ويؤكد لوكالة الصحافة الفرنسية: «أنا لا أقرأ، لست من النوع الذي يشاهد التلفزيون طوال النهار وأعيش وحدي! يجب أن أخرج قليلاً».
لكن منذ الثلاثاء، ليس من المؤكد أن جان سيتمكن من أن يكون حراً في تنقلاته إلى هذا الحدّ، إذ إن تنقّل الأشخاص بات يقتصر على الخروج الضروري من المنزل ما يعني شراء الحاجيات والرعاية الصحية والعمل فقط.
وأوضح وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير، أن «تناول الطعام مع العائلة والعشاء بين الأصحاب، ومشاهدة مباراة كرة قدم مع بعض الأصدقاء أو اللقاءات للعب الورق (...) هذا ليس فقط لا يُنصح به، إنما ممنوع».
وتَوزّع مائة ألف عنصر شرطة ودرك لمراقبة احترام هذه القيود على الأراضي الفرنسية وستتمّ «معاقبة» المخالفين عبر تسطير ضبط بحقهم تصل قيمته إلى 135 يورو. وفي مرسيليا (جنوب شرق) في منطقة بوش - دو - رون، ما لبث أن بدأ سريان العزل حتى بدت ساحة كاستيلان في قلب المدينة هادئة بشكل غير مألوف.
يمرّ إدمون، البالغ 30 عاماً، إلى جانب شرطيين، في أثناء ممارسته رياضة الركض كعادته في الفترة الممتدة بين الظهر والساعة الثانية بعد الظهر. ويقول مبتسماً لوكالة الصحافة الفرنسية: «أتجنّب البصق في وجه الناس الذين أصادفهم».
ويوضح قائد شرطة بوش - دو – رون، إيمانويل بارك، أن الركض مسموح شرط أن يكون الشخص «وحده بالطبع» وأن يقوم بذلك «حول منزله».
في باريس، أصبحت معظم الأحياء السياحية خالية على غرار حي بيغال في شمال العاصمة أو مونمارتر الذي بات فارغاً قبل حلول الظهر باستثناء بعض العدائين أو الأشخاص الذين يتمشون مع كلابهم. وبدت طوابير الانتظار أمام متاجر المواد الغذائية والصيدليات طويلة مع احترام مسافة الأمان بين الأشخاص، قبل الموعد المحدد عند الظهر.
في أحد متاجر العاصمة، أُفرغت رفوف المعكرونة والأرز وورق المراحيض والمحارم. ويقول رئيس قسم في متجر: «إنه جنون».
منذ مساء الاثنين، غادر عدد كبير من السكان العاصمة تحسباً لتدابير أكثر صرامة، مفضّلين أن يعيشوا هذا العزل في الأرياف. وفي أجواء نزوح، بدت السيارات محمّلة بالأغراض وطالت طوابير الانتظار أمام محطات الوقود وكانت مخارج العاصمة مكتظة كمواسم العطلات.
وتقول ماري بورنازيل التي تعمل استشارية في مجال إدارة الأعمال: «عزل شخصين في 24 متراً مربعاً من دون أن يكون لديهما الوصول إلى الطبيعة أو الحدائق، هو أمر لا يُحتمل». لذلك استقلّت مع زوجها آخر قطار من باريس إلى مدينة بوردو متوجهَين إلى منزل والدتها. وتضيف: «أخذنا الكثير من الأغراض، لأننا نتوقع البقاء 15 يوماً، ثلاثة أسابيع... ربما أكثر». غادرت أيضاً جوستين داراغون، وهي مدربة واستشارية في تقييم المهارات، العاصمة للانضمام إلى عائلتها في منطقة نورماندي. وأعربت عن «انزعاجها خصوصاً من افتقار الباريسيين إلى روح المواطنة».
وقال وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران، اليوم (الثلاثاء): «كان من المستحيل منع الناس من المغادرة لكن أطلب منهم أن يكونوا عقلانيين، ومهما كان مكان إقامتهم أن يبقوا في منازلهم». وخُفّضت وتيرة القطارات في فرنسا لتجنّب انتشار الفيروس أكثر.
وتعتزم السلطات الفرنسية فرض قيود على شراء عقار الباراسيتامول لضمان توافره في البلاد في إطار مكافحة عدوى فيروس «كورونا المستجد».
وأعلنت هيئة «إيه إن إس إم» الفرنسية للرقابة على الأدوية، اليوم، أنه اعتباراً من غد (الأربعاء)، ستبيع الصيدليات من دون وصفة طبية، عبوة واحدة بحد أقصى لكل مريض لا تظهر عليه أعراض مثل الحمى والآلام وعبوتين بحد أقصى لكل مريض تظهر عليه الأعراض.
وأضافت الهيئة أنها ستعلّق عمليات البيع على الإنترنت لعقارات الباراسيتامول والإيبوبروفين والأدوية المحتوية على الإسبرين، وحذّرت الهيئة من تخزين الباراسيتامول من دون ضرورة أو تناوله بجرعات زائدة على الحد.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».